كرم الإمام الحسن ( عليه السلام )
على اليمين شبيه الإمام الحسن(ع) وفي الوسط شبيه الإمام علي(ع) و في اليسار شبية الإمام الحسين عليه السلام
و ما هم الا شبهاتو في الحقيقة أن الإمة الطهار كأنهم كواكب ذرية نورانية
تعتبر صفة الکرم والسخاء من أبرز الصفات التي تميَّز بها الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، فكان المال عنده غاية يسعى من خلالها إلى كسوة عريان ، أو إغاثة ملهوف ، أو وفاء دين غريم ، أو إشباع جوع جائع ، وإلخ .
نذكر بعض الشواهد لهذه الصفة المتميِّزة عند الإمام ( عليه السلام ) :
فروي أنَّ الإمام الحسن ( عليه السلام ) خرج مع أخيه الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وعبد الله بن جعفر ( رضوان الله عليه ) حُجَّاجاً ، فَجَاعوا وعطشوا في الطريق ، فمرّوا بعجوز في خباء لها ، فقالوا : ( هَلْ مِن شراب ؟ ) .
فقالت : نعم هذه شَاة احلبوها ، واشربوا لبنها ، ففعلوا ذلك .
ثم قالوا لها : ( هلْ مِن طَعَام ؟ ) .
فقالت : لا ، إلا هذه الشاة ، فليذبحها أحدكم حتَّى أُهَيِّىء لكم شيئاً تأكلون .
فقام إليها أحدهم فذبَحَها وكشطها ، ثم هَيَّأت لهم طعاماً فأكلوا ، فلما ارتحلوا قالوا لها : ( نحن نَفَرٌ من قريش ، نريد هذا الوجه ، فإذَا رَجعنا سالمين فأَلِمِّي بنا فإنَّا صانعون إليكِ خيراً ) .
ثم ارتحلوا .
وأقبل زوجُها ، وأخبَرَتْه عن القوم والشاة ، فغضب الرجل وقال : وَيْحكِ ، تذبحين شاتي لأقوام لا تعرفينهم ، ثم تقولين : نَفَرٌ من قريش .
ثم بعد مدَّة أَلجَأَتْهُم الحاجة إلى دخول المدينة فدخلاها ، فمرَّت العجوز في بعض سِكَك المدينة فإذا بالحسن ( عليه السلام ) على باب داره ، فَسَلَّمَت عليه .
فعرفها الإمام ( عليه السلام ) ، وأمر أن يُشتَرَى لها ألف شاة ، وتُعطَى ألف دينار .
وأرسل معها غلامه إلى أخيه الحسين ( عليه السلام ) فقال :
( بِكَمْ وصلك أخي الحسن ( عليه السلام ) ؟ ) .
فقالت : بألف شاة وألف دينار .
فأمر ( عليه السلام ) لها بمثل ذلك .
ثم بعثَ ( عليه السلام ) بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر ، فقال : بكم وَصَلك الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ؟
فقالت : بألفي دينار وألفي شاة ، فأمر لها عبد الله بن جعفر بمثل ذلك ، فَرجِعَت العجوز إلى زوجها بذلك .
وروي أنَّ رجلاً جاء إلى الإمام الحسن ( عليه السلام ) وسأله حاجة ، فقال ( عليه السلام ) له :
( يَا هذا ، حَقّ سؤالك إياي يعظم لديَّ ، ومعرفتي بما يجب تكبر عليَّ ، ويدي تعجز عن نَيلك بما أنت أهله ، والكثير في ذات الله عزَّ وجلَّ قليل ، وما في ملكي وفاء بشكرك .
فإن قبلت منّي الميسور ، ورفعت عنِّي مؤونة الاحتيال والاهتمام ، لما أتكلَّفه من واجبك فعلت ) .
فقال : يا بن رسول الله ، أقبل القليل ، وأشكر العطية ، وأعذر على المنع .
فدعا الإمام ( عليه السلام ) بوكيله ، وجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها ، فقال ( عليه السلام ) : ( هات الفاضل من الثلاثمِائة ألف درهم ) .
فأحضر خمسين ألفاً ، فقال ( عليه السلام ) : ( فما فُعِل بالخمسمِائة دينار ) .
قال : هي عندي .
فقال ( عليه السلام ) : ( أحضِرْها ) .
فأحضرها ، فدفع ( عليه السلام ) الدراهم والدنانير إلى الرجل ، وقال :
( هَات من يَحملها ) .
فأتاهُ بِحمَّالين ، فدفع الإمام الحسن ( عليه السلام ) إليهم رداءه لكراء [ أجور ] الحمل .
فقال له مواليه : والله ما عندنا درهم .
فقال ( عليه السلام ) : ( لِكَي أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم ) .
وروي أيضاً أنه ( عليه السلام ) اشترى حائطاً [ أي : بستاناً ] من قوم من الأنصار بأربعمِائة ألف ، فبلغه أنهم احتاجوا ما في أيدي الناس ، فردَّه إليهم .
وروي أنه ( عليه السلام ) سمع رجلاً يسأل رَبَّه أن يرزقه عشرة آلاف درهم .
فانصرف الإمام الحسن ( عليه السلام ) إلى منزله ، وبَعَثَ بها إليه .
وروي أنه قيل ذات مرّة للإمام ( عليه السلام ) : لأيِّ شيء لا نراك تردُّ سائلاً ؟
فقال ( عليه السلام ) : ( إنِّي للهِ سائل ، وفيه راغب ، وأنا أستحي أن أكون سائلاً ، وأَرُدُّ سائلاً ، وإنَّ الله عَوَّدني عادة ، أن يفيض نعمه عليّ ، وعَوَّدتُه أن أفيض نِعَمه على الناس ، فأخشى إن قطعت العادة أن يمنعني العادة ) .
وروي أنه جاء أعرابي يوماً من الأيام سائلاً الإمام ( عليه السلام ) ، فقال ( عليه السلام ) : ( أعطُوه ما في الخَزَانة ) .
فَوُجِد فيها عشرون ألف دينار ، فدفعها ( عليه السلام ) إلى الأعرابي ، فقال الأعرابي : يا مولاي ، ألا تركتني أبوحُ بحاجتي ، وأنشر مِدحَتي .
فأنشأ الإمام ( عليه السلام ) يقول : نَحنُ أُناسٌ نَوالُنا خضل
يرتع فيه الرجاء والأملتَجودُ قبل السؤال أنفسنا
خوفاً على ماء وجه مَن يَسَلُلو علم البحرُ فَضْلَ نائلنا
لغاصَ مِن بعد فيضِهِ خَجَلُ
وروى أبو نعيم في ( الحلية ) أن الإمام الحسن بن علي ( عليهما السلام ) قاسم الله ماله نصفين .
وخرج ( عليه السلام ) من ماله مرتين ، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات ، حتى أنه ( عليه السلام ) كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً ، ويعطي خُفّاً ويمسك خُفّاً .
وروي في ( شرح نهج البلاغة ) أن الحسن ( عليه السلام ) أعطى شاعراً ، فقال له رجل من جُلَسَائه : سبحان الله ، أتُعطِي شاعراً يعصي الرحمن ، ويقول البهتان ؟!!
فقال ( عليه السلام ) : ( يا عبد الله ، إنَّ خير ما بذلتَ من مالك ما وقيت به عرضك ، وإن من ابتِغاء الخير إتِّقاء الشر ) .
وأخيراً : نظنُّ أنَّه صار بمقدورنا أن نتعرَّف على كَرَم وسَخَاء كريم أهل البيت ( عليهم السلام ) الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، من خلال ما تقدَّم من الروايات .
و نسألكم الدعاء
المفضلات