[align=center]

رأس من رؤس السلفية الكبار

في السعودية .. وهي في حق الامام علي

عليه السلام

*************

بطل المواجهة علي بن أبي طالب

عائض القرني

ملخص الخطبة

1- إسلام علي &. 2- شجاعة علي &. 3- منقبة لعلي يوم تبوك. 4- علي خليفة للمسلمين. 5- مقتل علي على يد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم. 6- أخلاق النبي . 7- الأدب الواجب مع النبي .


الخطبة الأولى


أيها الأخيار البررة:

نحن اليوم مع ((بطل المواجهة)) نتكلم اليوم عن بطل من الأبطال، بطل في زهده وفي غناه، بطل في شجاعته وفي إقدامه، بطل في سلمه وفي حربه، عاش بطلاً، ومات بطلاً، ويبعث – إن شاء الله – بطلاً.

نتحدث اليوم عن هذا البطل؛ لأننا في عصر نحتاج فيه إلى الأبطال فلا نجدهم، نبحث عن أبطال المواجهة في الحرب والسلم، فلا نجد لهم أثراً.

إن هذا البطل، بطل في مواجهة الكفر والوثنية، بطل أمام اليهود والنصارى، بطل أمام الظلم والظلام.

إنه علي بن أبي طالب!!

هل تريدون مني اليوم أن أعرف علي بن أبي طالب؟ بأي لسان أتكلم على المنبر عن أبي الحسن؟ إنني أعلن أنني عاجز عن الوفاء بحقه، أو إنزاله منزلته، ولكن يكفينا وفاءً له أن قلوبنا تحبه، وتفرح لذكره، ودراسة سيرته.

أسلم علي بن أبي طالب وعمره عشر سنوات، فهو أول غلام في الأرض يعلن لا إله إلا الله محمد رسول الله.

أسلم بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام، فهو ابن عمه، وصهره وحبيبه.

فلما أسلم علي ضمه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى حنانه، إلى قلبه، إلى بيته، فأعطاه الرسول كل ما يملك أعطاه الحب أولاً، أعطاه العلم والهداية، زوجه بابنته الزهراء، ولاه المبارزة أمام الأبطال، مجده بالكلمات، ذبّ عنه وعن عرضه، وقف معه حتى مات وبقي علي.

ولما أراد النبي أن يهاجر مختفياً، وكانت عنده أموال العرب، لأنه الأمين استأمنوه على أموالهم، ثم كذبوه، ولكنه ترك ودائعهم عند علي ليردها إلى أصحابها، وخرج النبي متسللاً، وترك علياً في فراشه، فأتى إليه الكفار شاهرين سيوفهم، متوثبين للقتل وإراقة الدماء، إلا أنه كان ثابت الجأش، لم يخف ولم يضطرب، لأنه بطل المواجهة، ثم لحق الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة.

وفي سيرة علي قصصٌ وسلوى للفقراء والمنكوبين، وفيها عزاء للمصابين المجروحين وفيها تخفيف عن المضطهدين والمظلومين.

فسيرة علي، تمسح دموع البائسين، وتخفف الألم عن المحرومين، فهي قصة طويلة، يستفيد من أحداثها كل مسلم على وجه الأرض.

لما وصل إلى المدينة، أعطاه عليه الصلاة والسلام جائزة كبرى، هل هي قصر؟ أو فيلا؟ أو مال ؟ لا، وإنما أعلن إمام الناس، إمام الأجيال، أن علي ابن أبي طالب، يحب الله ورسوله، وأن الله ورسوله، يحبان علي بن أبي طالب.

فما سبب هذه المنحة الكبرى؟ والجائزة العظمى؟

حاصر عليه الصلاة والسلام خيبر، حاصر اليهود في خيبر، قبل أن يجلوا منها بالقوة الحديد والنار.

اليهود هم أعداء الله؛ لأنهم سبوا الله، وقتلوا الأنبياء، وحرّفوا كلام الله، وبدلوا شرائع الله، وقتلوا الموحدين، واليوم يجلسون على مائدة المفاوضات يناقشون مستقبل الأمة الإسلامية!!

حاصرهم النبي عليه الصلاة والسلام، ضيق عليهم الخناق، وحاول أن يفتح مدينة خيبر، فاستعصت عليه، كانت متمنعة، أرسل أبا بكر الصديق فما استطاع، أرسل عمر فما استطاع، فاهتم الناس هماّ شديداً، وباتوا ليلة طويلة، فقام عليه الصلاة والسلام وسط الليل يقول: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه، فبات الناس يدوكون ليلتهم[1]، أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس، غدوا على رسول الله كلّهم يرجوا أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب، فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله، قال: فأرسلوا إليه، فأتوني به، فلما جاء، بصق في عينيه، ودعا له، فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليه من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من أن يكون لك حمرُ النعم[2].

انطلق علي يحمل الراية، ووقف على أسوار إخوان القردة والخنازير يناديهم إلى الحق، ويدعوهم إلى العدل، أيها الناس.. اسمعوا.. وعوا.. استفيقوا.. استيقظوا.. تنبهوا، ولكن لأن القرد لا يفهم، ولو رأى إشارتك وعرف كلامك، ولأن الخنزير مطموس على بصيرته طمساً، لم يسمعوا، ولم يروا، ولم يهتموا.

فلما رأى علي أن المفاوضات غير مجدية، وأن المناقشات معهم لا توصل إلى حلول، كان عنده حلّ آخر، دعا بطلهم للمبارزة علناً أمام الجماهير، فنزل مرحب اليهودي الخسيس، وكان شجاعاً فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرّب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فنزل إليه علي بن أبي طالب مردداً:

أنا الذي سمّتني أمي حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أكيلهم بالسيف كيل السندره

فتنازل الصديق علي بن أبي طالب مع الزنديق مرحب اليهودي، فقطعّه علي بسيفه، وقيل: إنه قسمه بالسيف نصفين إلى الهاوية، إلى النار، وافتتح علي خيبر، كما أخبر بذلك الرسول : ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله، أو يحب الله ورسوله؛ يفتح الله عليه)).

أراد علي بن أبي طالب نسب الرسول فذهب ليخطب فاطمة الزهراء البتول، سيدة نساء العالمين، وقف أمام الرسول عليه الصلاة والسلام يريد أن يتكلم معه فما استطاع.

حياءٌ من إلهي أن يراني وقد ودّعت صحبك واصطفاك

فتبسم عليه الصلاة والسلام، وعرف مقصده، فقال: يا علي، أتريد فاطمة زوجة لك؟ قال: نعم، قال: عندك مهر، ويعلم عليه الصلاة والسلام أن علياً لا يملك درهماً ولا ديناراً، ولا ذهباً ولا فضة، ولا قصراً ولا حديقة، ولكنه يملك إيماناً كالجبال، يملك تاجاً على رأسه؛ ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله)) يملك أنه بطل المواجهة.

قال: يا رسول الله، ما عندي شيء، قال: ((أين درعك الحطميّة))[3] قال: درعٌ لا تساوي درهمين، فأتى به علي، وسلمه للرسول، عليه الصلاة والسلام، فعقد لهما وتزوج علي فاطمة الزهراء، وأنجبت له الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

هي بنت من؟ هي زوج من؟ هي أم من؟ من ذا يُساوي في الأنام عُلاها

أمـا أبوهـا فهـو أشـرف مـرسـلٍ جبريل بالتوحيد قـد ربّاهـا

وعلــيُّ زوج لا تسـل عنـه سـوى سـيف غـدا بيمينـه تيـّاها

ودخل بها بيته، الذي أسسه على تقوى من الله ورضوان، وأصبح صهر رسول الله .

خرج إلى تبوك، وخلّف علياً على المدينة، خلّفه لأنه شجاع وبطل للمواجهة، لا يحمي العرض إلا مثل علي بن أبي طالب، ولا يدفع الضيم إلا مثل علي بن أبي طالب، جعله في المدينة يحمي ما وراء الرسول فجاء المنافقون إلى علي بن أبي طالب، وقالوا: يا علي، إن الرسول عليه الصلاة والسلام استثقلك، إنك ثقيل عليه، تركك في المدينة وخرج إلى تبوك، سبحان الله ! محمد يستثقل علياً، فلحق علي رسول الله وهو في الطريق إلى تبوك، فأخبره بما يقول الناس، فتضاحك النبي ثم قال: يا علي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون بن موسى، إلا أنه ليس نبي بعدي[4].
1 من 2

[/align]