بسم الله الرحمن الرحيم
?الدجال باق من زمن النبي ((صلى الله عليه وآله))
والدجال طويل العمر باقٍ من زمن النبي ((صلى الله عليه وآله)) حين لم يؤمن برسالته من ذلك الحين, بل ادعى الرسالة دونه ولا زال على هذه الحالة إلى الآن.
فإنّ الدجال أو المادية تبدأ أسسها الأولى من زمن النبي ((صلى الله عليه وآله)) حيث كان للمنافقين أثرهم الكبير في إذكاء أوارها, ورفع شأنها فكانوا النواة الأولى التي حددت تدريجياً سير التاريخ على شكله الحاضر بانحسار الإسلام عن وجه المجتمع في العالم وسيطرة المادية والمصلحية عليه.
إذن فالمنافقون الذين لم يؤمنوا برسالة النبي ((صلى الله عليه وآله)) أولئك الذين كان مسلك الدجل والخداع مسلكهم إذ يظهرون غير ما يبطنون ، هم النواة الأولى للمادية المخادعة التي تظهر غير ما تبطن وتبرقع قضاياها بمفاهيم العدل والمساواة فهذا هو الدجال بوجوده الطويل.
?معنى ادعاء الدجال الرسالة
ومن هنا نفهم معنى ادعائه للرسالة فإنّ المادية كانت ولا تزال تؤمن بفرض ولايتها على البشر غير إنّها كانت في المجتمع النبوي ضعيفة التأثير جداً لا تستطيع الارتباط بأي إنسان, ولكن حين أُذن للدجال المادي بالخروج([296]) بعد وفاته ((صلى الله عليه وآله)) انطلقت النفوس الأمارة بالسوء من قمقمها, وبلغت فتنته الذروة اليوم حين استطاعت المادية أن تفرض ولايتها وسلطتها على العالم .
ومن هذا المنطلق تفهم بكلّ وضوح معنى أنهّ عند الدجال ماء ونار, وماؤه في الحقيقة هي نار, وناره هو الماء الزلال, وقال النبي ((صلى الله عليه وآله)) في الحديث : ((فمن أدرك ذلك فليقع في الذي يراه ناراً فانه ماء عذب طيب))([297]), فإنّ ماء الدجال هي المغريات والمصالح الشخصية التي تتضمنها الحضارة المادية لمن تابعها وتعاون معها، وناره عبارة عن المصاعب والمتاعب والتضحيات الجسام التي يعانيها الفرد المؤمن الواقف بوجه تيار المادية الجارف, وتلك المصالح هي النار أو الظلم الحقيقي، وهذه المصاعب هي الماء العذب أو العدل الحقيقي ومن الطبيعي إنّ النبي ((صلى الله عليه وآله)) بصفته الداعية الأكبر للإيمان الإلهي ينصح المسلم بأن لا ينخدع بماء الدجال وبهارج الحضارة ومزالق المادية, وأن يلقي بنفسه فيما يراه ناراً ومصاعب فإنهّ ينال بذلك طريق الحق والعدل . والرمزية والكناية واضحة لأنهّ ليس المراد به الماء والنار على وجه الحقيقة وإلا لزم نسبة المعجزات إلى المبطلين.
ومن طريف ما نستطيع أن نلاحظ في المقام أنّ النبي ((صلى الله عليه وآله)) لم يقل في الخبر : أنّ الناس جميعاً حين يقعون في الماء فإنهم يجدونه ناراً أو حين يقعون في النار يجدونها ماءاً، بل يمكن أن نفهم إن بعض الناس وهم المؤمنون خاصة هم الذين يجدونه ذلك وإلا فإنّ أكثر الناس حين يقعون في ماء الدجال أو بهارج المادية لا يجدون إلا اللذة وتوفير المصلحة كما أنهّم حين يقعون في المصاعب والمتاعب لا يجدون إلا الضيق والكمد.
المفضلات