هذه قصيدة للأستاذ محمد ابو عبدالله
السلام عليكم . .
يسعدنى أن أضع بين أيديكم هذا النص الذي انتهى مخاض قريحتي به ليلةَ المبعث النبوي الشريف، والذي أسميته بعد ولادته بـ ( حين ترتعشُ القوافي )، ولأني بنيته بعاطفةٍ بعيدة كل البعد عن شعر المناسبة ( المعتاد أن يُتخذ أسلوبه)، فقد أحببتُ أن أشير إلى هذه المناسبة من خلال أولى تناهيد هذه الفرحة المتمثلة بميلاد هذا النص.
في غياهب الوقت اراني أراكا . .، ترافق سكري . . تصاحب وعيي . . تقلبني بين هذا وذاكا، يجدّفُ قلبي ببحركَ حباً . . وروحي ترفرف نحو سماكا . . فأبقى أفتشُ حيناً هنا، وحيناً افتشُ عنكَ هناكا
حين ترتعش القوافي
أتيتُ أحملُ أنفاسَ الحياةِ لكا/ وكل تنهيدةٍ منكَ ابتدتْ وبكا
تنمو مع الوقتِ في أفياءِ قافيتي/ لحناً يسافرُ عن أبياتهِ معكا !
وأنت تملؤ بالدنيا مخيّلتي/ حتى تحيّر فيكَ الحرفُ وارتبكا
واهتـزَّ في رحم الإلهامِ معتذراً/ من لهفةِ الحبِّ حيثُ الحبُّ خبأكا:
إني أنا العبدُ والأوزانُ معجزتي/ لكنني لستُ في هذا وذاكَ لكا
قد جئتَ تسألني الإبداعَ في ملِكٍ/ والعبد أنّى لهُ أن يبدعَ الملِكا !
أتيتُ أحملُ أنفاسَ الحياةِ معي/ وجئتُ أكتبُ ما في الصمتِ صوركا
أغفو فتحملني الأبعادُ فاتحةً/ بابَ القريحةِ في شطآنها ضحِكا
والبحرُ يعبدُ في الآفاقِ أشرعتي/ يُطَوِّفُ الموجَ والمرجانَ والسمكا
تعدو ملامحهُ حولي ملبيةً/ كأنَّهُ بفمي قد أبدعَ الفلكا !
كأنهُ الأمسُ مشتاقاً إلى غدهِ/ والشوقُ حِملٌ على أيامهِ بركا
ما زالَ يعبرني حتى استفاقَ بهِ/ فيض الجنونِ يشقُّ الليلَ والحلكا
وحين أسرجتُ بالأسرارِ حنجرتي/ كنتَ الحنينَ الذي في صوتها حُبِكا
وكنتَ بين المعاني فارساً عَشِقتْ/ معناهُ أحداقُ تيهي كيفما سُبِكا
والقافياتُ أتت زحفاً, أنوثتُها سغبى، ومنيتها لو أصبحتْ فدكا
تضجُّ غيرتُها ملءَ الهوى علناً/ إذا رأت أن بيتَ الشعر قبّلكا
تساومُ الأرضَ لو وافتكَ تربتُها/ وتغبطُ الكونَ حينَ الكونُ ظللكا
ومنذُ أن وطأتْ رجلاكَ مهجتَها/ تنفّسَ الصمتُ في أوتارها وحكى:
تاهَ العبورُ وتاهت فيكَ محبرتي/ والبدءُ حيّرهُ المعنى وما انحبكا
يحبو، فتسألك الأقلامُ عاجزةً:/ هل جئتني بشراً ؟ أم جئتني ملَكا ؟!
يا ألفَ أحجيةٍ يا ألفَ معجزةٍ/ سبحانَ من ببديعِ الخلقِ أبدعكا !
يا سورةَ التينِ، في أعلى مراتبها/ ما أقسمَ اللهُ إلا حين كونكا !!
يا همزة الوصلِ فوق الأرضِ قد عُرجت/ إلى السماءِ وفيها اللهُ كلمكا
ماذا عساي أقول الآن حين أرى/ أن الزمان على أيامكَ اشتبكا ؟!
وكيفَ أتلوكَ في محرابِ عاطفتي/ ومئذناتُ الهوى تختالُ في يدكا ؟!
وللأذانِ حنينٌ، من فرائضهِ/ يسقي الخشوع الذي منكَ انتشى، وزكا
ما غادر اسمكَ عن أسبابِ وحشتهِ/ إلا مع الوقت للآذانِ أرجعكا
يا من سموتَ مع الآياتِ تخبرها:/ أن الإله على القرآنِ فضلكا
ومن مسافاتهِ الأملاكُ ما اقتربت/ أنتَ الوحيدُ، ومنهُ اللهُ قرّبكا
صيرتَ في ليلةِ الإسراءِ ما عجزتْ/ عن حملهِ قسماتُ الدهرِلو تُركا
ما كنتَ يا سيد الأكوانِ مرتحلاً/ لكنما الكون فيك استعذبَ السُكَكا
ولم تكن تسلك المعراجَ في ولهٍ/ لكنّهُ هو من في المحتوى سلكا
ولم تكن في فم التاريخِ زغردةً/ وإنما زغردَ التاريخُ في فمكا
فطافَ حولكَ محموماً برعشتهِ/ يطوي الزمانَ عسى أن ينتهي معكا
المبعث/ 1428 هـ
المفضلات