النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: التأثيرُ المتبادَلُ‏ بين القرآن الكريم‏ والحديث الشريف‏

  1. #1
    عضو متميز الصورة الرمزية عبدالله بومحمد
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    201
    شكراً
    0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    معدل تقييم المستوى
    228

    التأثيرُ المتبادَلُ‏ بين القرآن الكريم‏ والحديث الشريف‏

    التأثيرُ المتبادَلُ‏ بين القرآن الكريم‏ والحديث الشريف‏


    في مجالي التأكيد والتحديد [1]


    كلاهما - القرآنُ الكريمُ ، والحديثُ الشريفُ - أهمُّ مصدرين للثقافة الإسلاميّة المجيدة ، عند جماهير المسلمين ، وعلى مدى القرون ، ولم يخرج على هذه المسلّمة سوى المتميّزين بالشذوذ ممّن لا يؤثر رأيُهم في انعقاد الإجماع أو حصول الاتّفاق .
    والتأثير المتبادَل بين هذين المصدرين ، معروضٌ في مجالين كبيرين وهامّين :
    الأوّل : في مجال الحجّيّة والتأكيد على المصدريّة .
    والثاني : في مجال التحديد لكلّ منهما بالآخر .
    1 - في المجال الأوّل :
    فقد بات واضحاً - عند أهل المعرفة الإسلاميّة - أنّ القرآن الكريم ، باعتباره المعجزة الإلهيّة الخالدة - هو من أهمّ أدلّة إثبات الرسالة وتثبيت قدسيّة الرسول المبلِّغ لها ، والصادع بوحي القرآن نفسه ، والحامل له على قلبه ، والمطبّق له على حياته وسيرته .
    ولهذا يتميّز القرآن بكونه أقوى الحُجج على الرسالة نفسها ، وعلى حجّيّة الرسول‏صلى الله عليه وآله وسلم رسالةً ، وعملاً ، وقولاً ، وإرادة .
    بل الآيات الكريمة المحتجّ بها على حجّية الحديث الشريف ، هي من أوضح أدلّتها وأشهرها وأبهرها وأكثرها إقناعاً عند الباحثين عن حجّية الحديث والسنّة .
    كما تميّز القرآن بميزة القطعيّة والتواترِ ، فهو المصدر الذي لا ريب فيه ، بنصّ الوحي وتأكيده ، فإليه ترجع سائر الأدلّة عند الاختلاف ، وعند محكماته يقفُ كلّ نزاع وخلاف ، وهو القول الفصل وما هو بالهزل .
    ثمّ الحديث الشريف ما فتئت نصوصٌ متواترةٌ منه معلومة الحجّية ، تدعم القرآن بالتأييد والتبيين ، والنشر والتبليغ ، وطرق اُخرى كالتقديس والتمجيد ، والحثّ على التداول بالحفظ والتلاوة والكتابة ، إلى التدبّر والعمل والتطبيق ، وغير ذلك من متنوّع الأساليب ، حسب الأغراض والأهداف والغايات .
    إلّا أنّ الحديث الذي يُستند في هذا المجال ، ليس من الضروري أن يكون قطعيّاً ، بل اكتفى علماء الإسلام - قاطبةً - بما ورد من الحديث ، ولو واحداً أو غيره ممّا لم يصلْ إلى رتبة القطع واليقين ، فإنّهم عمّوا الاستناد بكلّ ما ورد ممّا لا يتنافى‏ مع أصلٍ قطعيٍّ أو فرعٍ ثابتٍ ، من أُصول الدين وفروعه ، فإنّهم متّفقون على جواز العمل به ، باعتباره مرشداً إلى ما هو من المطلوبات العقلائية التي وافق عليها الشرع بمثل هذا الحديث ، أو لم يخالفها بأدلّته المتداولة .
    وهي في الغالب قضايا أوّلية معها من المرغّبات الحسّية ، أو المبرّرات الأخلاقية والإنسانية ما يكفي للاعتماد .
    ومن هذا القبيل ما ورد في فضائل القرآن سوره وآياته وغير ذلك ، ممّا يُرغّب في تلاوةٍ أو كتابةٍ ، أو استشفاءٍ ، أو اصطحابٍ وحملٍ ، أو عملٍ ورُقيةٍ .
    فإنّ سيرة المسلمين منعقدة على التسامح في أدلّة ذلك كلّه ، وعلى الالتزام بمداليلها رجاءً للمطلوبية الشرعيّة ، وللوصول إلى الثواب والأجر ، الذي بلَغَ من خلال تلك الأحاديث ، التي أضفت على الأعمال مسحةً من الاستحباب الشرعيّ ، ولو انّها لم تتّسم بالانتساب القطعيّ - على بعض المناهج - للإثبات ، كما فُصِّلَ في مباحث الفقه واُصوله .
    2 - وفي المجال الثاني :
    - أعني تبادل التأثير في التحديد - فلابدّ من التذكير بأمرين :
    الأوّل : إنّ التأثير بالتحديد في الآخر ، إنّما يتحقّق عند وجود تعارض في البين ، والتعارض لا يصدق إلّا بين متكافئين في الرتبة ، وفي ما لو كان المتعارضان في درجةٍ واحدة ، وبما أنّ القرآن الكريم قطعيّ الصدور ، كما ألمحنا ، فلابدّ أن يكون ما يراد له معارضته ، كذلك ، قطعياً أيضاً .
    فالحديث الذي يُراد منه تحديد القرآن ، لابدّ أن يكون من نوع الحديث القطعي ، وهو إمّا بالتواتر ، أو بالقبول من قبل الاُمّة - جمعاء - حيث يرتفع الحديث بذلك إلى مستوى القطعيّ المعلوم .
    وإلّا فالحديث الظنّي ، آحاداً أو غيره ، ليس له مقاومة القرآن ولا الوقوف إلى صفّهِ كي يفرض له مقارعته ومعارضته ، لعدم هذا الشرط الأساسي في المعارضة .
    الثاني : إن فرض التأثير بالتحديد ، يستدعي وجود التفاوت - ولو بشكل جزئيّ - بين الطرفين ، وإلّا فعند الاتّفاق التامّ بينهما ، بحيث لا يدلّان إلّا على شي‏ءٍ واحد ، فلا يكون التأثير إلّا من مجال الدعم والتأييد ، لا التأثير بالتحديد .
    مع أنّ المرجعية - عندئذٍ - انّما تكون للقرآن نفسه ، لأنّه الأصل في المرجعية ، لكونه المتّسم بالقطعيّة ، كما أسلفنا ، فلا حاجة إلى الاستناد إلى الحديث ، إلّا على أساس الإرشاد إلى ما في القرآن ، وتبياناً له وتفسيراً .
    وبعد :
    فإنّ التأثير من جانب القرآن على الحديث ، إنّما هو في قبول الحديث - بعد قابليّته للوقوف في صفّ المعارضة - .
    فقد أكّدت أحاديث كثيرة ، فاقت حدَّ الشهرة ، تدلّ على الأخذ بما يُوافق كتاب اللَّه ، وترك ما يُخالِفُه .
    وقد التزمت طوائف من المسلمين بهذه الأحاديث ، واعتبروها من قوانين قبول الحديث .
    ولكن طوائف اُخرى رفضتْ الالتزام بها ، واعتبرتها باطلة موضوعة ، مخالفة لما دلّ على حجّية الحديث ، وقالوا : إنّه تحجيم لأدلّة الدين ، وحصر له في القرآن ، بينما الحديث تكبُر كمّية نصوصه بكثير على حجم القرآن ، بعشرات المرّات .
    ويبتنى هذا الرفض على تصوّر أنّ المخالفة - التي يُردُّ به الحديث - تشمل كلّ تفاوتٍ بينه وبين القرآن ، وعلى هذا لا يبقى مجالٌ للتأثير بالتحديد؛ للزوم المطابقة دائماً .
    لكنّ المراد بموافقة الحديث للقرآن ليس هو المطابقة والاتفاق التامّ ، وإلّا فلم يبق للحديث إلّا مزية الإرشاد والتأثير بالتأييد ، فقط ، وهذا أمر مخالفٌ لحجّية الحديث في عرض القرآن ، كما هو متّفق عليه بين علماء الإسلام ، بلا خلاف .
    بل المراد بالموافقة هو عدم المخالفة لنصوصه الواضحة ولا لأحكامه الثابتة والمتّفق عليها بين أهل الحقّ ، ممّا أصبح من ضروريات الملّة ، من مرادات القرآن ودلالاته ، فإنّ الحديث مهما كان سنده - صحيحاً أو ضعيفاً - فلابدّ أن يتوافق مع هذه الحقائق وتلك الضرورات ، وإذا كان مخالفاً لأيٍّ منها ، فإنّه زخرفٌ وباطل ومردود مهما كان صحيحاً ، بل كلّما ازداد صحّةً ازداد ضعفاً ، لمخالفته لما ثبت في القرآن .
    كما لو كان الحديث موافقاً لهذه الضرورات ، موافقةً تامّة ، فهذا الحديث يُقبل من دون نظرٍ إلى سنده ، بل تجعل هذه ، الموافقة دليلاً ، على الصحّة ، فلا يُترك ما في الحديث من الحق لأجل ما يرى‏ في سنده من الضعف .
    ولو كان الحديث موافقاً لهذه الضرورات ، ولكن تفاوت بما ليس منها ، بزيادة قيد أو شرط ، فإنّ الحديث البالغ درجة المعارضة ، يكون حينئذٍ قابلاً للتأثير في المدلول القرآني بالتحديد ، وهنا تبدو أهمّية الحديث وأثره العظيم ، حيث يتمّ به بيان القرآن وتفصيله وتفسيره به .
    وأمّا المخالف لتلك الضرورات ، فإبطاله ليس إبطالاً للحديث كلّه ، حتّى يُجعل ذلك ذريعةً لرفض هذه الأحاديث ، بل هو تعيين للقابل منه للمعارضة مع القرآن ، لأنّ المخالفة تكشف عن سقوط المخالف عن الحجّية والاعتبار ، فلا يرتقي إلى مستوى المقابلة للقرآن المقطوع بحجّيته .
    والعجب ممّن أفرط بالحديث على حساب القرآن ، ونادى بمقولة : " حسبنا كتاب اللَّه " ووقف من الحديث موقف المنع من كتابته ونشره والتحديث به ، كيف يرفض " أحاديث الموافقة " بتلك الحجّة الواهية ؟!
    وكما مُنِيَ القرآنُ بالتفريط فيه بالالتزام بالحديث على حسابه ، فالحشوية - من الفرق الإسلامية - التزموا بكلّ ما سمّي " حديثاً " فاعتقدوا به وبَنَوا أفكارهم وأعمالهم عليه ، في مجالات العلم والعقيدة ، وفي مجالات العمل والأحكام ، مطلقاً ، سواء ما كان بالندب أو الاستحباب ، أم بالإلزام والإيجاب .
    فأدّى هذا الالتزام إلى مخالفات رهيبة لضرورات واضحة في الإسلام عقيدةً وشريعة ، وتهزيز فظيع لملتزمات مجمع عليها بين علماء الاُمّة ، وإسقاط لمسلّمات اتّفق عليها المسلمون ، على أساس من أدلّة العقل البديهي ، وعلى أساس من النصوص الواضحة كالآيات المحكمة القرآنية ، والأحاديث القويمة .
    إلّا أنّ الحَشْويّة ، واستناداً إلى أيّ حديثٍ رُوي لهم ، وبأيّ طريقٍ - مهما كان وكانت - أعرضوا عن تلك الحقائق ورفضوا تلك المسلّمات ، بحجّة التزامهم بالحديث .
    ولا ريب أنّ هذا الإفراط مرفوضٌ لدى العقلاء من علماء الاُمّة ، كما أنّ ذلك التفريط كان مرفوضاً لديهم .
    ولم تؤثّر هذه الانحرافات في الحقّ الذي ثبت لدى المسلمين ، ومن خلال المحكم من آيات القرآن ، والمسلّم من الحديث الشريف ، لقوّة الأدلّة عليه ، من جهة ، ولصمود أهل الحقّ ونضالهم وعزّتهم وإبائهم ، مهما قلّوا ، من جهة أُخرى‏ .
    إنّ ما ذكرنا من مجالات التأثير والتأثُّر بين القرآن والحديث ، وما دارت عليه من محاور البحث والدراسة ، وغيرهما ممّا لم نذكره ، هي كلّها بحاجة إلى دراسات واسعة معمّقة ، ومقارنة بين الآراء والمذاهب الإسلامية الحيّة ، بهدف توحيد وجهات النظر ، في سبيل تعبيد الطرق للوصول إلى وحدة المسلمين وتأصيل ثقافتهم ومعارفهم .
    وقد حاولنا ـ في هذا العدد من مجلّتنا هذه ـ تقديم ما تهيّأ لنا من الأعمال التي تدور حول بعض هذه المحاور .
    ونُهيب بأصحاب الهمم من أعلام الفكر والعلم ، أن يقوموا بتكميل الأشواط للوصول إلى القمم المنشودة في سبيل تلك الأهداف المحمودة .
    واللَّه من وراء القصد

    [1] هذه الدراسة بقلم العلامة المحقق السيّد محمّد رضا الحسينيّ الجلاليّ .
    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله بومحمد ; 08-10-2007 الساعة 02:39 PM
    تعلمت من الحسين كيف أكون مظلومآ فأنتصر

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سر رقم 12 في القران الكريم‏
    بواسطة النظره البريئه في المنتدى منتدى المواضيع المكررة والمحذوفة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-08-2009, 04:23 PM
  2. من فضائل اهل البيت الصلاة عليهم بالقرآن والحديث
    بواسطة ابو طارق في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 08-19-2008, 10:37 PM
  3. فن الرسم على السقف بين القديم والحديث
    بواسطة ام الحلوين في المنتدى منتدى الجمال والأناقة
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 05-24-2008, 08:12 AM
  4. اهل البيت عليهم السلام والقران الكريم‏
    بواسطة اريام الدلوعة في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-28-2008, 07:46 AM
  5. مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-11-2008, 11:43 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •