قال وهو يمسح دموعه بظهر كفيه:
ـ فقد حكم علي القدر بإعدام .. وحكم علي خالي بالسجن المؤبد حتى الموت .. وهاأناذا أقبع في زنزانتي حديثة أنتظر الموت
في كل يوم بل كل لحظة ..
وفي لحظات من الحلكة والظلام الدامس والرعب والعذاب أراكِ أمامي .. ثم تختفين فجأة كما دخلتِ فجأة .. ألا تردينني أن
أبكي أو حتى أحاول الانتحار .. إن اليأس بعد الأمل لهو مر مرارة العلقم ..
أذهلني منطقه ولهجته المثقفة عن كلِ شيء حولي .. أي جنون يستسلم له هذا الشاب في هذه الحجرة المغلقة ..
خرج صوتي بصعوبة وأنا أسأله:
ـ لماذا أنت هنا؟
لاحت ابتسامةٍ حزينة على شفتيه قبل أن يقول :
ـ عيديني أولاً بأن تزوريني كلما أمكنكِ ذلك بغض النظر عن ظروف قصتي ..
همست دون وعي :
ـ أعدك بذلك ..
ألقى برأسه إلى الوراء وهو يقول بصوت يقطر أسى ومرارة :
ـ باختصار آنا وحيد أمي بين ست بنات .. طلباتي كلها مجابة .. دلال وأموال وعواطف بلا حدود .. أكملتُ مرحلتي
الجامعية بِتفوق .. نعم لاتندهشي رغم كل شيء كنت أحب العلم ومتفوقاً فيه .. ثم أراد والدي أن يكافئني .. وكانت بداية
النهاية، فقد أهداني رحلة طويلة إلى عدد من العواصم العربية والأوروبية .. تعرفتُ أثناءها على عدد كبير من الفتيات، ثم
عدت إلى أرض الوطن .. وفي البداية لم أكن أشعر في شيء معين .. حتى كانت المصيبة عندما أردت التبرع لشقيقتي بدمي
فقد أصابها نزيف شديد أثناء الولادة احتاجت معه إلى نقل دم .. تقدمت للتبرع وفي اليوم التالي طلبني الطبيب على وجه
السرعة .. لم يدر بخلدي أي شيء .. ولم أتوقع أي شيء .. المفاجأة رواها لي الطبيب بهدوء .. قال أنني مصاب بالإيدز !!