غلبني النوم وأنا في دوامة من أفكاري لأفيق وصفية تضع أمامي صينية الطعام ..
قلت لها بهدوء :
ـ صفية .. أين كنت في الصباح .. لقد بحثت عنك في كل مكان ..
قالت هامسة :
ـ ليس هذا الصباح فقط يا منى .. بل كل صباح .. مدام عواطف تبعث بي إلى
والدتها لأنظف لها البيت وأطهو لها الطعام ثم أعود سريعاً قبل أن تعودون جميعاً..
أطرقت برأسي مفكرة وقد أدركت الموضوع ككل .. إن هذه المرأة المخادعة ليست
تلك العفيفة الشريفة كما يظنها أبي ونظنها نحن ، بل هي امرأة حرباء خائنة ..
تخدعنا جميعاً وأولنا أبي .. وتبادر في ذهني سؤال مر .. ولماذا لا أبلغ أبي بكل
مارأيته وهو يتصرف التصرف المناسب ؟ لكن ترى هل سيصدقني ؟ وإذا افترضنا
أنه صدقني هل سيعاقبها في صمت أم سيواجهها فوراً وأتحمل أنا كل شيء ..
إذن هل أتغاضى وكأن شيئاً لم يكن .. لكن كيف .. كيف أستطيع الصمت وبركان هائل
ينفجر داخل بيتنا وهذه المرأة تلقي بكرامتنا في الأوحال وتشوه سمعتنا .. انتهيت
من تساؤلاتي الحادة إلى لاشيء ، فأبي يحب هذه المرأة حباً شديداً ولا يرفض لها
طلباً ولو شاءت أن يركع أمام قدميها فكيف يقنع بروايتي بسهولة .. قررت أخيراً
أن أستشير معلمتي فاطمة في هذا الأمر ، فهي أكبر مني وستخبرني بالحل الصحيح .

مضى اليوم وزوجة أبي في وجوم شديد تتحاشى النظر إلى وجهي وتحاول إشغال
نفسها بأي شيء سوى الجلوس .. سألها أبي على مرأى مني :
ـ مابكِ يا عواطف تبدين متعبة هذا اليوم .. هل أعرضكِ على طبيب ؟