تكلم الطبيب مطولاً مع أبي ثم تحول إليّ قائلاً بصوت خافت :
ـ إن الدور الكبير في شفائها يقع عليكِ .. لن أبقيها في المستشفى ولن أحولها
إلى طبيب نفسي فربما تزداد حالتها تعقيداً .. إن علاجها الحقيقي هو بقائها في البيت
بين اخوتها وأبيها وإدراكها حقيقة وفاة أمها تدريجياً فإذا أيقنت من ذلك فإنها
ستبكي وهذا جيد واعتقد بأن هذا هو ماسيحدث .. وبالنسبة لضعفها العام فسأكتب لها
بعض الأدوية ستحسن حالتها كثيراً إن شاء الله .. وكما أخبرتكِ واجهيها بوفاة
والدتكم تدريجياً على مدى بضعة أيام حتى تعي هذه الحقيقة .. مفهوم ..
أومأت برأسي علامة الموافقة وأنا أقود "ريم" إلى الخارج بينما بقي أبي مع الطبيب
في الحجرة .. لفت أنظارنا في صالة الانتظار طفلة في عمر "ريم" تقفز وتمرح في
جذل.. اقتربت من ريم تتفرس ملامحها .. بدت ريم إلى جوارها كعجوز في السبعين
أثقلتها الهموم والأحزان .. لا حراكة ولا ابتسامة ولا حتى نظرات مرحة كتلك
الطفلة السعيدة .. وبعد لحظات صرخت الطفلة :