كأخاديد حفرها الزمان على مرتفعات من الجبال ..
لم أجرؤ على طرح سؤالي اليتيم الذي كان يضج به عقلي وأنا أرى دموع أبي تسيل
على خديه بغزارة .. وأصوات عذبة كترنيمة الملائكة تهتف في جذل .. لقد زفت
العروس .. لقد زفت العروس .. إلى الخلد إن شاء الله ..
كانت إجابة السؤال واضحة على وجه أبي المتقلص ، فأسرعت منكفئة على وجهي
إلى حجرتي أحدق بنظرات زائغة إلى كل شيء حولي وصدري يضيق وأنفاسي تتسارع
والدنيا تضيق وتضيق حتى غدت كخرم إبرة .. ولم أشعر بشيء حولي ..
أفقت لنفسي وأنا على السرير الأبيض وفي كل ذراع إبرة تتصل بأنبوب مغذي ..
تمنيت لو لم أفق .. تمنيت لو طواني العالم الآخر بجناحيه المرعبين وانضممت
إلى أمي الحبيبة وشقيقتي .. ماذا أفعل في هذا العالم الكبير وحدي .. كيف أحيا
وأعيش وقد خلت دنياي من هذين الوجهين الحبيبين .. هل يمكن أن يكون لحياتي
معنى بدونهما .. وأي معنى ؟ وأي حياة ؟ وهتفت من أعماقي .. رباه إرحمني ..