اقترب أبي منها .. كانت هادئة مبتسمة وكأنها تحلم أحلاماً سعيدة .. نظر أبي
نحوي بقلق وكأنه يتساءل عن معنى هذه الصرخات المتتابعة دون داع ..
كنت أنتحب بحرقة في ركن من أركان الحجرة .. قلت بصوت متداع :
ـ إنها لا تجيب على النداء ..
هزها أبي برفق .. ثم هزها بقوة ووجهه يتقلص بشدة ثم حملها بسرعة ومضى
خارجاً دون أن يلتفت وراءه .. سقطت بين ذراعي الخادمة "صفية" وأنا أبكي وانتحب..
وشقيقي أحمد يقضم أظافره بعصبية وهو يدور في أنحاء الغرفة بغير هدف ولا اتجاه
وفي الفجر عاد أبي إلى البيت .. عاد محطماً متداعياً وكأنه كبر في السن فجأة ..
لقد أبيض شعره وغارت عيناه ورسمت المأساة خطوطها في وجهه على شكل تجاعيد