وقفت جازعة:
_ أمي ..أمي أرجوكِ لاتموتي.. أرجوكِ لاتتركينا ،أنا بحاجة إليك أكثر من أخوتي ..
أنا احبك ياأمي ..
أغمضت أمي عيناها ثم فتحتها من جديد ..
تألقت في عينيها نظرة غريبة لم أعهدها من قبل ..وقبل أن أنطق قالت بصوت قوي
متماسك لا أثر فيه لصوتها الواهن الذي كانت تحدثني به من قبل :
_ أين والدك يامنى؟
أجبتها بسرعة مشفقة :
_ انه ذهب إلى الطبيب ..
قالت بنفس الصوت القوي وكأنه ليس صوتها :
_ اذهبي واستدعيه حالاً
وما أن ابتعدت خطوات عن الحجرة ، وأنا أفكر في كذبتي الصغيرة التي خدعت
أمي بها بأن أبي ذهب لاستدعاء الطبيب ،حتى سمعت صرخة قوية تشق صمت
البيت الراقد في هدوء .. كانت الصرخة منبعثة من حنجرة أمي .. استدرت عائدة
إلى الحجرة ،وقلبي ينبض بجنون مخيف .. توقعاتي كانت تسبقني وخوفي
كان يسبق توقعاتي.. وما أن وصلت إلى السرير الذي ترقد عليه أمي حتى وجدتها
مسجاة على السرير جثة بدون حراك .. وفي وجهها راحة وطمأنينة سلبتها إياها
الحياة أعادهما لها الموت.
المفضلات