بعد كل هذا....هل المرأة ناقصة عقل؟؟!!
حينما نسمع ان المرأة ناقصة عقل تتبادر بعض الأسئلة في أذهاننا نحتاج الى اجابة عليها والمرأة أيضا تهتم بما ينقل عنها في أوساط المجتمع ولاشك انها
تحزن وتخاف
على كيانها كمخلوق مثلها مثل الرجل ولماذا هي ناقصة عقل؟
هل يوجد جواب كاف يريح
أعصابها او تبقى في دوامة من التفكير يعكر صوف العيش ...لنرى هنا مايكتب عن هذه المسألة وبالتوفيق ...

نظرة في احاديث نقصان عقل المراة
:
ورد حديث نقصان
العقول في المصادر الاسلامية بسند مرسل او ضعيف، ولم نجد له طريقا معتبرا في المصادر الحديثية.

وقد وجهه بعضهم: بان هذه المقولة وردت في خطاب لامير
المؤمنين (عليه السلام) بعد معركة الجمل.

ولكن خصوصية المورد لا تخصص عموم
الحكم الوارد في قوله(عليه السلام): (ايها الناس، ان النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، نواقص العقول)

واول ملاحظة تلفت النظر في هذا النص تفسير «النقص
العقلي» بـ«نقص الذاكرة»، وهو امر يستوقف الانسان. واليك النص كما ورد في نهج البلاغة: (واما نقصان عقولهن فشهادة امراتين كشهادة الرجل الواحد)

وقد ورد
حكم شهادة المراة في القرآن، فلنرجع الى الآية (282) من سورة البقرة لنعرف ما هو التفسير القرآني لاعتبار شهادة المراة نصف شهادة الرجل؟

واليك الآية:( واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء
ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى).
والمقصود بالضلال في قوله تعالى :( ان تضل احداهما): النسيان، من غير خلاف يذكر بين المفسرين

اذا، العقل في
هذا النص بمعنى الذاكرة، وبين العقل والذاكرة فرق، فما معنى هذا النص؟

ان
توضيح هذا النص يحتاج الى تامل وتوقف، وليس من الصحيح ان نسرع الى القول بان هذا النص يتضمن حكما بنقصان عقل المراة بالنسبة الى الرجل؛ فان النص بنفسه يشهد بان المقصود من العقل شيء آخر غير ما نفهمه اليوم نحن من((العقل))
ان العقل هنا
بمعنى التذكر والقدرة على التدبير والادارة ( العقل العملي )، وهذه المقدرة والكفاءة اكتسابية تحصل نتيجة الممارسة واكتساب الخبرة، وهو امر آخر غير العقل النظري الموهوب من عند الله والذي يتفاضل به الناس بعضهم على بعض.

ولنوضح
ذلك ببعض الامثلة:

ان الطبيب ينتبه الى الاخطار الصحية التي تهدد الانسان
بصورة مبكرة افضل من الفلاح، والفلاح ينتبه الى الاخطار التي تهدد الزرع من الفات النباتية والامطار والرياح والثلوج اكثر من الطبيب.

والتاجر ينتبه الى حركة
الاسعار في السوق، ويميز منها الحركة الصاعدة عن النازلة وعن الحالة السوقية المتذبذبة غير القابلة للاعتماد، ومن اين يشتري واين يبيع، ومتى يشتري ومتى يبيع، اكثر من الطبيب والفلاح.

وهذا عقل لا يملكه الطبيب ولا الفلاح، بل يكتسبه التاجر في السوق كما
يكتسبه الفلاح في المزرعة والطبيب في العيادة؛ وذلك نتيجة اكتساب الخبرة والتجربة والممارسة الطويلة في المضمار الذي يعمل فيه، وهو ما يسمى بعقل التجربة الذي يكون في مقابل العقل النظري الموهوب، يقول الامام علي (عليه السلام ) : (العقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، وكلاهما يؤدي الى المنفعة)

وكذلك لكل مهنة وحرفة عقل يخصها، فهناك العقل السوقي والتجاري، والعقل
الزراعي، والعقل المحاماتي والقضائي ،والعقل البوليسي والامني، والعقل الجامعي.

وقد ورد في الحديث: <<العلم يزيد العاقل عقلا >>

والمراد من العقل في
كلام الامام (عليه السلام ) هو عقل التدبير والخبرة والتجربة، وهو شيء آخر غير ما نفهمه اليوم نحن من هذه الكلمة.

والآن نستطيع ان نفهم علاقة «العقل
» بـ«الذاكرة» في النص المتقدم من الكلام المروي في نهج البلاغة عن الامام (عليه السلام).

ان الذاكرة جزء من الخبرة العقلية المكتسبة للانسان، فتختلف
ذاكرة الناس من حيث اختلاف اهتماماتهم واختصاصاتهم ،فتتركز ذاكرة الفقيه في الادلة والاقوال والمسائل الفقهية، وتتركز ذاكرة الطبيب في عناوين الادوية واعراض الامراض، وتتركز ذاكرة الاداريين في الشؤون الادارية واسماء الموظفين والوحدات الادارية.. وهكذا.

ان المراة بطبيعة تكوينها الانثوي تهتم بشؤون الاسرة الداخلية اكثر
مما تهتم بشؤون التجارة والسوق والزراعة والقتال والشؤون السياسية خارج الاسرة. وليس لاحد ان يشك في هذه الحقيقة، ولسنا بصدد ان نقول ان مشاركة المراة في الاعمال السياسية والادارية والامنية صحيح او غير صحيح؛ فان التاريخ الحضاري للانسان يسجل هذه الحقيقة في كل ادوار تاريخ المراة، حتى في حياتنا المعاصرة نجد هذه الحقيقة ضمن دراسة احصائية مقارنة لحضور المراة والرجل في السوق والسياسة والمزرعة والمصنع والقتال والاسرة، نجد ان اهتمام المراة بالاسرة والبيت اوسع من الرجال، واهتمام الرجال بالسوق والمزرعة والسياسة والقتال اوسع من النساء.

وليس هذا الاختلاف
الواضح في الدور الوظيفي للمراة عن الرجل حصل عفوا واعتباطا، وانما هو نابع عن الاختلاف الواضح في تكوين كل من الرجل والمراة. وهذا الاختلاف التكويني للجنسين ينعكس على ادوارهما في الحياة الاجتماعية، وعلى اهتماماتهما، فتختلف - بطبيعة الحال - اهتمامات المراة عن اهتمامات الرجل، ودور المراة عن دور الرجل.

وهذا
الاختلاف هو الذي يجعل ذاكرة الرجل وانتباهه للمسائل الجنائية - مثلا - اقوى من انتباه المراة وذاكرتها؛ ولذلك جعل الله تعالى شهادة الرجل تساوي شهادة امراتين، وهذا حكم عام؛ فقد تكون ذاكرة امراة قاضية او محامية او مسؤولة امنية اقوى من ذاكرة فلاح او طبيب في الشؤون الجنائية، ولا ريب في هذه الحقيقة بقدر الموجبة الجزئية، الا ان التشريع يستند دائما الى الحالات العامة لا الحالات الاستثنائية الموضعية.

وكما يصح الامر في الذاكرة والاستذكار والانتباه، يصح كذلك في عقل التدبير،
سواء كان التدبير تدبيرا سوقيا او سياسيا اوعسكريا او اداريا؛ فان الرجل اقوى على التدبير في السوق والسياسة والقتال؛ لطبيعة تكوينه التي تنعكس على ادائه ودوره في الحياة، واهتمامه بشكل عام. ولا ينافي ذلك الاستثناءات الحاصلة هنا وهناك بالنسبة الى بعض النساء - في السابق والحاضرممن مارسن ادوارا سياسية وعسكرية واسعة، مثل: شجرة الدر وملكة تدمر، وست الملك ملكة مصر، وفاطمة الشريفة ملكة اليمن، وشاندبي بي ملكة الهند، والرئيسات في عصرنا..فان هذا كله حق، ولكن من الحق ايضا ان هذه الحالات لا تشكل قاعدة، والقاعدة هي ما ذكرنا، ومناقشة هذا الحكم العام والتشكيك فيه من المغالطة التي لا توصل صاحبها الى فهم صحيح وواضح لهذه المسالة، والاختلاف الواضح في الساحة السياسية والاقتصادية والعسكرية والادارية لحضور الرجل والمراة يكشف عن الاختلاف في تكوين الجنسين.

وليس معنى ذلك ان المراة اقل عقلا واقل كفاءة
في العلم والمعرفة من الرجل.

وليس معنى الآية المتقدمة من سورة البقرة انه
لو افترض تكافؤ الرجل والمراة في تخصص ما - كالرياضيات مثلا - واختلفا في مسالة من المسائل فنقدم راي الرجل على المراة، او نجعل راي الرجل مقابل راي امراتين.

اذا، المقصود بنقصان العقل في هذه الروايات النقص الحاصل في التدبير
والتجربة والخبرة في الحقول الادارية والاجتماعية والسياسية والجنائية؛ نتيجة انصراف المراة الى الشطر الآخر من الحياة، وهو رعاية الاسرة وتحصينها والمحافظة على كيانها، وانصراف الشطر الاكبر من اهتمام المراة الى هذا الحقل الكبير الواسع والحساس الذي خصها الله تعالى برعايته والاهتمام به اكثر من الرجال.

موضوع قرأته واعجبني ان تشاركوني رأيكم