صوتي

مرئي

حاجتنا للهجرة

قال تعالى(وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ )سورة النحل41



إنطلاقاً من الآية المباركة تحدث سماحته في 3محاور:



1/أصالة المكان.



2/دلالات الهجرة النبوية.



3/وجه الربط بين الهجرة النبي (ص)وهجرة الإمام الحسين(ع).



المحور الأول/ أصالة المكان:



تبحث أصالة المكان من ناحيتين فلسفية واجتماعية.

1/الفلسفية:

هناك نظرية طرحها السيد الطباطائي ((أصول الفلسفة))وتسمى نظرية زامكان وهي تشير إلى بحث في الفلسفة وهو هل الزمان والمكان أصيلان ام أن أحدهما هو أصل للآخر؟الفلاسفة يرون أن البعد الواقعي هو المكان والزمان منتزع منه مثلا في الذهن عندما يبصر الإنسان طلوع الشمس ينتزع شي منه إسمه نهار وإذا غابت ينتزع شيء من إسمه ليل وإن كلا من الليل والنهار هو عبارة عن شي ينتزعه الذهن البشري من خلال المقارنة بين الشمس والسماء إذا كل من (اليوم .الشهر .السنة .النهار.الليل)ما هي إلا مفاهيم ذهنية والموجود هو المكان(الأرض .الشمس .السماء)..إذاً الذهن هو الذي ينتزع الزمان.


2/إجتماعية.



هناك بحث مذكور في علم الإجتماع ((تجديد النهضة لإكتشاف الذات ونقدها)) ..إذ نحن نرى أن المجتمعات تختلف في مفاهيمها الثقافية من عادات وتقاليد وسر هذا الإختلاف الثقافي بين المجتمعات المتنوعية يعود إلى عاملين:



1/عامل إجتماعي.وهو النظام الذي يسود المجتمع .من نظام ملكي أو قبلي ...إلخ.



2/عامل طبيعي. وهو الموقع الجغرافي الذي يعيش فيه الإنسان



يقول علماء الإجتماع:إذا كان الإنسان يعيش في مدينة معمارية سيكون فكره منظم وإذا كان يعيش في بيئة زراعية سيكون فكره تنموياً أما إذا كان يعيش في البادية سيكون فكره فكر سيطري



إذا البيئة دخيلة في ثقافة الإنسان.لذا فإن كثير من المستشرقين عندما يقومون بمقارنة بين الفكر العربي وفكر آخر مثلا( الفكر اليوناني) نجد أن الفكر العربي تجزيئي بينما الفكر اليوناني شمولي.وهنا طرح سماحته مثالاً للتوضيح..

إذا كانت أمام كل من العربي واليوناني شجرة مثمرة نجد أن العربي تعجبه إستقامة ساق الشجرة وجمال غصونها فيكون شعراً في ذلك أي أنه يذهب إلى مفردة من مفردات الشجرة بينما اليوناني له فكر شمولي يفكر من أين أتت الشجره وكيف نمت وكيف إستطالت ففكره فكر إستيعابي . إن سبب لجوء العربي إلى التجزيئي لأنه عاش في طبيعة موزعة فتارة يرى ماء وتارة يرى أشجار وتارة يرى شمس فأصبح فكره مجزأ بينما اليوناني عاش في بيئة متكاملة ليست موزعة لذا فإن أول من تحدث عن المنطق هم اليونانيون.

من هنا نعرف أن الموقع الجغرافي يعني بيئة ثقافية معينة والبيئة الثقافية تعني مشروع تغيري إذا كل مشروع تغيري يتأثر بالبيئة فمن أراد أن يقوم بمشروع تغيري عليه أن يبحث عن بيئة مناسبة من أحد أقسام البيئة التي قسمها علماء الإجتماع إلى 3 أقسام:



1/بيئة راكدة.



وهي بيئة بدائية لا تملك أدوات التغيير والتفكير .



2/بيئة جامدة.



بيئة متجرة لها فكر ولكنه فكر متحجر جداري يهاجم التطور والتغير .إذا ما وجد فيه مفكر فإنه أصبح بنظرهم معارض .



3/بيئة صاخبة.



هذه البيئة هي مجال الإبداع مثل المجتمع اللبناني الذي يحوي على عدة أحزاب.



المحور الثاني/دلالات الهجرة النبوية:



إن الهجرة تختلف عن التنقلات الموسمية مثل البدو الذين ينتقلون من وادي إلى آخر حسب المأكل والمشرب وليس ثقافياً بل الهجرة هي الرحيل من ثقافة إلى ثقافة أخرة فهي ليست عبارة عن إنتقلاً جسدياً بل هي موقف فكري فالمهاجر هو مؤثر ومتأثر لذا فإن الهجرة تكون أحياناً محرمة وأحياناً أخرى تصبح واجبة.فمن سكن في المدينة وعاش فيها سنين ثم عاد إلى البادية فهذه هجرة محرمة والسبب في ذلك لأن هذا الإنسان سيعود إلى الفكر القبلي الذي يرى ميزان الشخصية هو بالولاء للقبيلة أولاً بغض النظر عن دينه إذا فإن هذا الإنسان سينتقل من الحضر الذي يرى بقوله تعالي (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) سورة الحجرات13 إلى الفكر البدوي لهذا فإن هجرته محرمه.وتصبح الهجرة واجبه إذا كان الإنسان يعيش في مجتمع كافر وكان يخشى على نسله من الإنحراف لذا تجيب عليه الهجرة إلى مجتمع إسلامي لكي يصون نفسه وأهل.



بما أن الموقع الجغرافي له أهمية وتأثير لذا هاجر النبي محمد(ص) من مكة للمدينة ولهذه الهجرة 3 دلالات:



1/إستراتيجية التغيير .



*في المجال الإقتصادي : كان الهجرة ضرورية إذ أن النبي فقد الدعامة الإقتصادية (السيدة خديجة) وقد حوصر إقتصادياً من قبل قريش لذا هاجر إلى المدينة لأنها أرض زراعية خصبة ولتكون إمتداد لرسالته.



*في المجال الثقافي:عندما تريد أن تحصل على شهادة دكتوراه في تخصص غير متوفرة في وطنك لذا هاجر لكي تخدم بثقافتك وطنك ..ونحن نلاحظ بأن أن عظماء علمائنا كا الأنصاري ,الخوئي والكثير منهم هاجروا من بلدانهم إلى النجف الأشرف لأنها موطن الفكر والمعرفة وبقوا فيها ودفنوا فيها لأجل تنمية العلم والمعرفة ..وقد قام سماحته بتوصية أخواننا المهاجرين بأن يستفيدوا من هجرة رسول الله (ص) ومن دلالات هذه الهجرة والتي من اهم دلالاتها بأن يكونوا دعاة للدين ليس بألستنهم بل بسلوكم وذلك بالإستقامة على الدين .قال الإمام الصادق (ع)(كونوا دعاة بغير ألسنتكم).



*في المجال الإعلامي :في الخليج ولعنا يكون بالشعر المصري واللبناني أكثر من العراقي والسبب في ذلك الإعلام كما أننا نرى أنا لمناهج تحوي على الكير من قصايد الشاعر حافظ إبراهيم وذلك لان الإعلام كان يخدم مصر في الخمسينات وأيضاً في الخليج نفسه يوجد الكثير من المفكرين والعلماء لكنهم متقوعون في بيوتهم ولو هاجروا إلى بلاد أخرة فيها إعلام لأشتهروا.

2/التربية على التضحية.

الهجرة تضحية والنبي بهجرته أراد ان يربي المسلمين على التضحية والبذل والعطاء فقد ضحى النبي (ص) بوطنه وضحى الإمام علي(ع) بنفسه.



وقد نزلت الآية المباركة(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ)سورة البقرة 207في الإمام علي (ع) ولكن هناك من أنكر ذلك بالقول بأن هذه الآية مدنية ونحن نرد عليهم بالقول بأن الإمام علي(ع) بات في فراش النبي(ص) فلما بلغ النبي(ص) المدينة نزلت عليه هذه الآية مع العلم بأن كثير من المفسرين ذكروا بأن الآية مكية.



3 /المآخاة.



فعندما وصل النبي (ص) إلى المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار حتى تلتئم القلوب ونحن عندما نتعرض إلى هذه الدلالة نريد أن نخاطب جميع المسلمين بأن نستفيد من الهجرة النبوية بزرع روح التآلف بيننا بلا طائفية ولا مذهبية في وسائل الإعلام بل أن تركز منابرنا على ما يستفاد من النبي (ص) في زرع روح المودة بين المسلمين ونحن لا ندعوا لهذا الترابط من أجل هدف سياسي ألا وهو العيش السلمي بل لأن الدين الإسلامي يأمرنا بذلك فإن الدين الإسلامي يظلنا جميعاً سواء كنا شيعة أو سنة أو من أي مذهب من المذاهب الإسلامية .قال تعالى(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).سورة الحجرات10



المحور الثالث/ وجه الربط بين الهجرة النبي (ص)وهجرة الإمام الحسين(ع).



هجرة النبي(ص) وهجرة الإمام الحسين(ع) تتشابهات إذ أن كلاهما هاجرا لسببين .

السبب الأول/*النبي (ص)أدرك بأنه إذا بقي في مكة فسوف يقضى على الدين الإسلامي بمقلته.

*الإمام الحسين (ع) أدرك بانه إذا بقي في المدينة فسوق يقضى على الدين الإسلامي بقلته.

السبب الثاني/

*النبي (ص)رأى أن لا يمكنه إقامة معارك في مكة ووجد بان المدينة هي الموقع المناسب لتفجير ثورته وإنطلاقته.



*الإمام الحسين (ع) أدرك أن موطن تفجير ثورته وإنطلاقته ليس المدينة بل أرض كربلاء وفعلاً أصبحت كربلاء موطن الثورة والتفجير.