حاجتنا لقوة الإرادة في الوصول إلى الكمال



مرئي
صوتي

حاجتنا لقوة الإرادة في الوصول إلى الكمال

إنطلاقاً من الآية المباركة (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) سورة الكهف 110تحدث سماحة السيد في الليلة الثالثة من ليالي محرم الحرام لعام 1428هـ ، تحدث في محورين:

1/عنصر بشرية النبي (ص).
2/ضرورة الإرادة في تغيير المسار.

المحور الأول: عنصر بشرية النبي (ص).

الآية المباركة (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) سورة الكهف 110ذكرت أن شخصية الرسالة تتألف من عنصرين :
1/عنصر بشري.2
/عنصر غيبي (ملكوتي).
وهنا تساءل سماحته عن حد مساحة العنصر البشري في النبي محمد (ص)؟فطرح سماحته ما كتبه محمد اركون في نقد العقل الإسلامي إذ ذكر بأن الفكر الإمامي ألغى العنصر البشري في شخصية النبي وحولها إلى عنصر سماوي محض فهو يصور ان النبي لا يخطئ ,لا ينسى,ولا يتصرف تصرفاً عاديا بشرياً بل جميع تصرفاته هي مرآة للسماء بالتالي فإن الفكر الإمامي حينما تعامل مع النبي بهذا التعامل صار فكر إلتقاطي واستباقي.*إلتقاطي: أي أن هناك إلتقاء واضح بين الفكر المسيحي والإمامي وينص الفكر المسيحي على أنه يرى الله قد تجسد في جسد النبي عيسى (ع) إذ هو لا يخطئ ولا ينسى ولا يسهو.*إستباقي:يؤول الآيات لما ينسجم مع فكره المسبق اي أنه أعد الفكر في مرحلة سابقة وبعد أن أعده حاكم القرآن.وإننا نجد أن الفكر الآخر في المذاهب الإسلامية الأخرى أقرب للواقع لأنه أعطى العنصر البشري للنبي مساحة واسعة وشاسعة وهذا ما ينسجم مع الواقع إذ هو ينسجم مع كل من

:1/القرآن الكريم :يؤكد القرآن الكريم في آيات عدة على عنصر البشرية فقد قال عز وجل إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) سورة الكهف110وقال تعاليوَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً)سورة الإسراء932/التاريخ:التاريخ يبين أن النبي كان كسائر البشر ذلك كما روى المسلمون بأنه كان يحب المرأة وبلغ حبه للمرأة أنه كان يرفه عن زوجاته كما ورى البخاري عن النبي (ص) مع زوجته عائشة(ولقد سابقها فسبقها مره وسبقته مره وقال واحدة بواحدة) وكان يغضب كما يغضب البشر فيصدر منه سباب وشتام كما أنه كان ينسى ويسهو كما روي بأن الرسول صلى صلاة الظهر في المدينة ركعتين فقال له أصحابه أهي قصر أم نسيت ؟فإستغفر الله وصلى الركعتين. إذا فإننا نرى أن العنصر البشري طاغ وواضح وإن هذا الفكر الإمامي فكر إلتقاطي وإستباقي ... بعدها قام سماحته بمناقشة هذه الإطروحة بالنسبة للفكر الإمامي من خلال وجهين
:1/عقلي.2
/نقلي. 1
/عقلي:إن الهدف الذي رسمه القرآن الكريم لوجود الإنسان هو أن يكون الإنسان كاملاً ليس كمالاً ماديا بل كمالاً روحياً وهو أن يصل الإنسان إلى أعلى الدرجات وأن يكون مرآة للعبودية .قال تعالي (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا )سورة الملك 2وقوله عز وجل(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ )سورة الذاريات56فهل هذا الهدف ممكن التحقق أم لا؟ 1/ إذا كان الهدف غير ممكن التحقق إذا فجعله هدف لغو واللغو لا يصدر من الحكيم تبارك وتعالى.2/إن كان الهدف ممكن التحقق فإنا أولى شخص وأجدر شخص بأن يكون هو الإنسان الكامل هو الإنسان الذي جعله الله قدوة للعالمين ألا وهو النبي محمد(ص) قال تعالى(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) سورة الأنبياء 107وقوله عزل وجل(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) سورة الحشر 7إذا العقل نفسه يفترض أن النبي أكمل إنسان على الأرض لأنه لو لم يكن لإحتجنا إلى شخص آخر يكون كاملاً حتى يتم تحقيق الهدف لذا فإن تلك التصرفات والأفعال لا يتوقع صدورها من النبي لأنها تعد نقص في الخلق والسلوك وهذا لا ينسجم مع الكمال وينافيه. 2/نقلي: إن للنبي عصمتان عصمة علمية وأخرى عملية وإن سبب ملكه لهذه العصمة لأنه متى ما جاز عليه السهو والخطأ والنسيان في أي شي لتطرف الشك فيما يقوم به من تبليغ سواء كان عملياً أو قولياً لأننا سوف نحتمل بأنه أخطأ أو نسي والنبي في حجة الوداع قال(خذوا عني مناسككم) أي أنه قام بشرح الحج عمليا لس قولياً وكان الناس تقتدي به في كل شي فإذا كان النبي ممكن عليه الخطأ والنسيان فلن يحصل للمسلمين الوثوق بما صدر منه من قول أو عمل وإذا لم يحصل الوثوق انتقض الهدف من بعتثه ورسالته وأصبح لا بد من بعثة إنسان آخر يملك العصمة العلمية والعملية .قال تعالى(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) سورة النجم 3/4أي لا يصدر منه شي إلا وهو متصل بالوحي إذا بالنتيجة فإن النبي (ص) لا يتصرف أي تصرف إلا وهو حاكي عن السماء. المحور الثاني: ضرورة الإرادة في تغيير المسار:طرح سماحته تساؤل عن السر الذي جعل النبي بشراً وسبب تأكيد القرآن الكريم على عنصر البشرية في شخصية الرسول؟1. إن التأكيد على العنصر البشري يحقق مقام الإقتداء فلو أرسل الله ملكاً لما إستطاع الناس التأسي به قال تعالي(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ )سورة الجمعة2 فالنبي (ص)يقوم بدور التعليم والتزكية.*التعليم: فهو يقوم بتعليم الكتاب والأخلاق والآداب .*التزكية:يقوم بتدريب عملي من خلال سلوكه وعمله لأن سلوكه موطن القدوة والتأسي .لذا لا يمكن قيادة المجتمع البشري والسير به نحو مجتمع أفضل إلا بدور التعليم والتزكية ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا كان القائد بشراً وإلا فلن يستطيع المجتمع أن يقتدوا به إذ أن صلاح المجتمع لا يتحقق إلا بالتزكية ولا تتحقق التزكية إلا بقيادة بشرليتعلمون منه كيف يتحكمون بغرائزهم وشهواتهم إذ أنه (ص) بلغ الكمال بقوة إرادته فقوة الإرادة هي طريق التغيير قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)سورة الرعد11 يمكننا نحن البشر أن نصل إلى درجات عالية من الكمال والتي تسمى بالعصمة الصغرى وذلك إذا امتلكنا إرادة التغيير من خلال نقد النفس والذات قال(ص)(حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبواوزنوها قبل أن توزنوا) إن الدقائق والثواني التي نعيشها لا تعود لذا يجب أن نستغل كل لحظه ودقيقة قي نقد الذات ومحاسبة أنفسنا .عن الإمام الكاظم (ع) انه قال(ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم فإن عمل حسناً إستزاد الله منها وإن عمل سيئاً إستغفر الله وتاب منه) فالكثير منا لا يحب أن يحاسب نفسه ويسترسل مع الحياة وألوانها ولا يفكر ولا يحاول أن يحاسب نفسه إن هذه الظاهرة تدعى بالإسترسال وعدم نقد الذات وهذه الحفرة التي نقع فيها إذ أن الكثير منا يقول أنه ضعيف الإرادة لكن هل هو ضعيف الإرادة في الثروة والدراسة.؟؟ فإنه إذا أراد الحصول على معدل عالٍ سخر طاقته وسهر الليالي ليحقق هدفه وإذا كانت وظيفته لا تعطيه مالاً كافياً فإنه يبحث عن عمل إضافي ويجهد نفسه ويسهر الليل في سبيل الحصول على الثروة الممكنة إذا هو قوي الإرادة . ومن هنا طرح سماحته سؤالاً كيف يكون هذا الإنسان ضعيف الإرادة أمام شهواته ورغباته إذ أن الإرادة لا تتوزع ؟ إن تلقين النفس هو أساس التغيير فكما لقنت نفسي عن قدرتي على الحصول على المعدل والثروة إذا ً لابد أن ألقن نفسي بأنني أستطيع ان أترك شهواتي ورغباتي قال تعالي(إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) سورة الرعد 11وقد ختم سماحته بالقول إذا أردنا أن نفتح صفحات الإرادة فلا بد أن نفتح صفحات كربلاء التي تجلت فيها قوة الإرادة والصمود.