قصيدة بعمق رؤية يرسمها الشاعر كروان الأحساء بفرشاةالنغم الفاطمي
لو أعملنا الذهن وفتشنا عن مواطن الجمال في هذه القصيدة النورانية لوجدناها قطعة من نور تتمازج مع نور آخر لغوي ومعنوي أمعنتُ النظر في سمو معانيها النابعة من العشق لسيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام وأبى هذا العشق إلا على السطوع من بين ثنايا الحروف المتقاطرة من وهج عاطفة الشاعر الصادقة في حبه هنيئا له هذا العشق الفاطمي وهنيئا لنا هذا الشاعرالفذ وهنيئا لنا هذا الذوق الناقوسي الذي فاجأنا بعبَقٍ كهذاعاودتُ القراءة مرات وراقت َلي هذ الصورة اللافتة بجمالها الضارب في القـِـدَم وكيف أنّ العشق الفاطمي يسري في دمائنا ويفوح شذاه من أفواهنا منذ الطفولة غذتنا به أمهاتنا والقائمين على تربيتنا وتعليمنا منذ نعومة أظفارنا.
-----------------------
لم تَزالي في نذورِ الأمَّهاتْ جوهرَاليُمْنِ وسِرَّ البركاتْ
واسْمُكِ الخالدُ في أفواهِنا لم نزلْ نحرسُهُ بالقُبُلاتْ
كلَّّما نُودِيَ : يا (فاطمةٌ)هَرْوَلَتْ أرواحُنا للصلواتْ
قد حفظناكِ تفاصيلاً كماتَحْفَظُ الأختامُ سرَّالبصماتْ
رَحِمَ الله طريقاً قادَنا للكتاتيبِ مَشَيْناَهُ حُفَاةْ
و(القرائينُ) على راحاتِنا تَتَجَلَّى أَلَقاً كاللُّؤلؤاتْ
واحتشَدْنَا في حصيرٍ واحدٍ طاهِرِ الخوصِ .. نَقِيِّ السَّعَفَاتْ
وتَلاَكِ (الشيخُ) أسمَى آيةٍ وَزَّعَتْ أسرارَها في السُّوَرَاتْ
ثمَّ رَدَّدْنَا فَرَنَّحْنَا الضحى بِمعانيكِ ،وأَرْقَصْنَا الجهاتْ
وحفظناكِ تفاصيلاً كماتَحْفَظُ الأختامُ سرَّالبصماتْ
{ { {
وعلى قَدْرِ مقاييسِ الهوى لكِ فَصَّلْنَا ثيابَ العاطفاتْ
لم نَخُنْ حُبًّا عليه انعقَدَتْ روحُنا وَهْيَ لدى الغيبِ نَوَاةْ
فَنَمَتْ أعمارُنا في تربةٍ داخل العشقِ نُمُوَّ العاصفات
ْسَنَةٌ تتبعُ مسرَى أختِها..وتَظَلِّينَ غرامَ السَّنَوَاتْ !
وتعودينَ إلى أشعارِنا فَتُعيدينَ الصِّبا للكلماتْ !
فَتَحَتْ أصواتُنا أبوابَها فَهَلُمِّي وادخلي في الأغنياتْ
ليسَ مابين نوايَاحُبِّنا نِيَّةٌ مجروحةٌ بالوَسْوَسَاتْ
{ { {
يا فتاةَ الوحيِ .. ياأُمَّ الهدى ..يا هدى الأُمِّ .. ويا وحيَ الفتاةْ
أَوْقَفَتْنِي دارُكِ العظمى على طيفِها وَسْطَ زُقَاقِ الذكرياتْ
لم تكنْ داراً كما نعرفُها إنَّما عاصمةً للمعجزاتْ
ليسَ في أحجارِها من حَجَرٍلم يكنْ نجماً على دربِ الهُدَاةْ
كفُّ (طه) نَقْشَةٌ في بابِها وخُطَاهُ زينةٌ في العَتَبَاتْ
و(عليٌّ) في مداها خافِقٌ مُرْهَفٌ حتَّى الندَى والنسماتْ
أَتَمَلاَّهَا وفي أرجائِهاسِرْبُ أَمْلاَكٍ يَلُمُّونَ الصلاةْ
والحُجَيْرَاتُ التي اسْتَنْطَقْتُهَا نَطَقَتْ وَحْياً وفاضَتْ رَحَمَاتْ
حَدِّثينا عن لياليكِ بِها ودعينا من أحاديثِ الرُّوَاةْ :
أَتُرَى كنتِ تُدِيرِينَ الرَّحَى أَمْ تديرينَ بيُمناكِ ، الحياةْ؟!
هل غَزَلْتِ الصُّوفَ في مِغْزَلِهِ أَمْ غَزَلْتِ الحُبَّ بين الكائناتْ ؟!
كلُُّ مَنْ حَوْلَكِ قد رَبَّيْتِهِمْ ثمَّ رَبَّوْا بِكِ أجيالاً تُقَاةْ
كنتِ أمًّا لَهُمُ واحدةً وتَوَزَّعْتِ علينا أمَّهاتْ !
{ { {
يا فتاةَ الوحيِ .. هذي لغتي تتباهَى في بساتينِ اللغاتْ
فاحَتِ النجوَى شذًى في خاطري وأنا أكتبُ بوحَ السَّوْسَنَاتْ
داخلي قلبُ نَبِيٍّ ، كُلَّمَاهَامَسَ الله جمعتُ الهمساتْ
ها هنا تسمو المعاني لأرَى كلَّ معنًى فيكِ سجَّادَ صلاةْ
وأنا بالحبِّ أبني جامِعي وأناجيكِ فأُحيي الجُمُعَاتْ
وجموعٌ لم تَزَلْ تأتمُّ بي من قوافٍ ويراعٍ ودواةْ
وخشوعي وَحْدَهُ يسندُني حين أغدو بين كَفَّيْكِ رُفَاتْ
كلُّ أعضائي قلوبٌ حَمَلَت ْضِعْفَ ما يعني الهوى من تضحياتْ
فإذا استهلكتُ قلباً عاشقاًجَدَّ لِي قلبٌ وجَدَّتْ نَبَضَاتْ
لَسْتَ قلبي أيُّها القلبُ إذا لم تَكُنْ أرهفَ من دمعِ البناتْ
{ { {
جاسم الصحيح جمادى الآخرة / 1424هـ
المفضلات