بعد أن عرفنا أ هل وقفت يوماً لتسأل نفسك قائلاً . من أنت ؟
الجواب : إنك لست شخصاً واحداً بل شخصان
1- ما أنت علية الآن
2- ما يمكن أن تكون في المستقبل
لهذا إن واقعك شيء ومستقبلك شيء . ألا ترى أن الطفل الصغير الذي لا يزال يحبو على ركبتيه ما هو إلا طفل مثل غيره من الأطفال ولكن في المستقبل يصبح شخصاً هاماً بيده مصائر البلاد . إن في الإنسان كون عظيم فإن عرفت قدره واستثمرت ما فيه فسوف تكون شخصاً عظيماً
يقول الأمام علي عليه السلام
أتزعم أنك جرم صغير وفيك أنطوى العالم الأكبر
ألاّ تعرف أن العقل البشري (( يفكر)) بسرعة عشرة ترليونات عملية
حسابية في الثانية ؟
إن أية مقارنة بين دماغك والدماغ الإلكتروني هي مقارنة خاطئة لأن الدماغ الإلكتروني لا يعمل إلا ما هو مبرمج له بينما للدماغ الإنسان قدره على الإبداع والارتجال لا حدود لها . فكل إنسان مخزون هائل من كوامن الخير كما أنه مستنقع هائل من كوامن الشر
وعندما تثير في نفسك كوامن الخير فسوف تكون لك جاذبية حقيقية تدفع الآخرين لتعاون معك . إذاً إن من أهم الخطوات الأولية لا كتساب الشخصية القوية هي تقوية الذات ليس
من خلال واقعك بل من خلال طاقاتك الكامنة ومستقبلك لهذا إن الناس يتأثرون بشخصية الإنسان أكثر مما يتأثرون بكلامه أو بمعلوماته لأن الخير والشر يـُقرآن في
وجوه أصحابهما كما ينطق الزرع ليس من خلال النطق بل من خلال الثمار كذلك تنطق
وجوه المؤمنين بالطبع ليس المطلوب أن تكون شخص آخر بل المطلوب أن تكون أنت ذاتك لأنك تكمن في داخلك طاقة فائقة يجب أن تستخرجها في يوم من الأيام
ن الشخصية الأساسية التي يجب أن نكون عليها إذا يجب أن تكون أنت ذاتك
يظن البعض أن قوة الشخصية يمكن تحصيلها من خلال القيام بعملية تمثيلية , ولذلك فإنهم
يتمرنون على بعض الأساليب الخاصة مثل المصافحة ..غير أن تلك الأساليب قد تكون لها تأثيرات جانبية فقط , لأنها تمس المظهر , وليس الجوهر .. فالجوهر في قوة الشخصية هو أن تكون أنت دائماً نفسك في أفضل حالاتها ولذلك فإن أكثر الناس تأثيراً لا يغيرون شخصيتهم بين ظرف وآخر . إنهم هم ذاتهم إنهم يتصلون بالعالم بكامل دواتهم , قلباً وقالباً .
إن لك شخصيتك الخاصة بك فإذا كنت كما أنت فسوف يكون لك عطرك الخاص بك
قد يقول : إذن إذا كنت غير مسرور بلقاء شخص فهل عليّ أن أصرح له بذلك منذ البداية؟
الجواب هو بالنفي بالطبع ولكن عندما لا تكون مسروراً به فلا تحاول أن تكذب علية
وتدّعي أنك تسرّ بلقائه إنك حينما تكون منسجماً مع ذاتك فإن ملامحك سوف تصدق كلامك ,
وأما عندما تكذبك غير ذلك فسوف تكذبك تلك الملامح مهما حاولت إخفاءها
يقول الإمام علي عليه السلام ((ما أضمر امرؤ شيئاً إلا وظهر في قسمات وجهه
وفلتات لسانه )) <نهج البلاغة>
إن لغة الجسد تكون أحياناً أكثر تعبيراً عن الشخص من لغة اللسان
فالصدق مع النفس يعطيك الحقيقة التي تقوم هي بعرض نفسها في المواقف
وقد يتساءل البعض هنا قائلاً : أفلا أتعلم من الآخرين كيف أتصرف ؟ أفلا أسترشد ممن هو أفضل مني وأعلم ؟ الجواب بالطبع هو بلى .. فمن دون أن تتعلم من غيرك لا تستطيع أن تحسّن
من أدائك للأعمال , ولكن المطلوب دائماً هو أن تحاول أن تقتدي بالآخرين , وليس أن تتقمص شخصياتهم . يقول تعالى (< وقد خلقكم أطواراً >) فما من رجلين متشابهين تماماً فكل حياة جديدة هي جديدة تحت الشمس ليس هناك ما يماثلها من قبل ولن يولد مثلها أيضاً ثانية . فعلى المرء أن يدرك هذه الفكرة عن ذاته ويجب أن يتطلع إلى الشرارة الوحيدة في شخصيته التي تميزت عن سائر القوم وتنّمي تلك الشرارة إلى المدى الذي تستحقه وهكذا فإنه ليس من العيب أن يكون المرء مختلفاً عن سواه . ثم يجب أن لا تنسى أن من يكبت ذاته الأصلية ويحاول بدل ذلك أن يكون غيره سيكون تعباً جداً . ولذلك فإن قوة الشخصية تعتمد كثيراً على قوة الإرادة
أنت واحد من عباد الله ولست واحداً من عبيد الآخرين . ولذلك فإن عليك أن تكون حراً في تصرفاتك ,بمعنى أن تختار ما تريد اختياره وليس ما يريده الآخرون لك .. ولا أقصد بذلك أن عليك أن تكون السيد على الآخرين وأن ترفض طلبات الناس منك بل أقصد أن عليك أن تكون حراً وتختار بإيجابية , وليس بردة فعل دائماً . إن قوة الشخصية تتوقف أحياناً على التناغم بين ما تفكر به , وما تريده وما تفعله الأمر الذي يجعلك منسجماً مع ذاتك فلا تشعر بالتناقص بين ما تحبه وما تفعله .. إن من حقك أن تفعل ما تريد فعله , كما من حق الآخرين أن يفعلوا ما يريدون بشرط أن لا يفرضوا هم عليك آراءهم وأن لا تفرض أنت عليهم آراءك .. وبهذا تكون أنت ذاتك
وفي ذلك تكمن أولى متطلبات قوة الشخصية والتي هي محور الحياة السعيدة
وأتمنى للجميع التوفيق والسداد