الاخوة والاخوات مازلنا مع صفحات كتاب .. او الدراسة الادبية التى تحمل عنوان ( الحب والوطن فى شعر فاروق جويدة ) :
بيروت لبنان لم تغب عن شارعرنا المبدع ( فاروق جويدة ) ففى قصيدة بعنوان ( يازمان الحزن فى بيروت ) والتى ضمها ديوانه ( شىء سيبقى بيننا ) والذى اصدره فى عام 1983 يقول :
برغم الصمت والانقاض يابيروت
مازلنا نناجيك
برغم الخوف والسجان والقضبان
مازلنا نناديك
برغم القهر والطغيان يابيروت
مازالت اغانيك
وكل قصائد الاحزان يابيروت
لاتكفى لتبكيك
ويقول ايضا:
وسيف الله يابيروت رغم الصمت
سوف يظل يحميك
ويابيروت
يانهرا من الاشواق
عاش العمر يروينا
وياجرحا سيبقى العمر .. كل العمر
يؤلمنا .. ويشقينا
وفى نفس القصيدة يقول شاعرنا :
غدوت الان يابيروت بركانا
كبئر النار يحرقنا
ويسرى فى مأقينا
حرام ان نراك اليوم وسط النار
هل شلت ايادينا ؟
والابيات السالفة الذكر اثارت بداخلنا الاحزان والهموم عما حدث لشعب لبنان الشقيق من جراء العدوان الغاشم الذى قامت به اسرائيل على لبنان فى الثامن عشر من شهر يوليو 2006 ... والعجب ان الولايات المتحدة الامريكية باركت هذا العدوان الغاشم .. والمدهش ان مجلس الامن لم يحرك ساكنا .... فهل ياترى اصبح مجلس الامن هو مجلس اللامن ؟
وعندما قامت ابنة لبنان والعروبة ( سناء محيدلى )فى التاسع من شهر ابريل عام 1985 بتفجير نفسها فى عملية فدائية ضد القوات الاسرائيلية .. وقبل تنفيذ مهمتها كتبت وصية الى اهلها نقطف منها : ( أرجوكم .. أقبل اياديكم فرداً فرداً لا تبكوني..لا تحزنوا علي. بل افرحوا .. اضحكوا للدنيا طالما فيها أبطال.. طالما فيها آمال بالتحرير....أنني بتلك الصواعق التي طيرت لحومهم وقذارتهم بطله أنا ألآن مزروعة في تراب الجنوب اسقيها من دمي وحبي لها...آه لو تعرفون إلى أي حد وصلت سعادتي ... ليتكم تعرفون لكنتم شجعتم كل الذين سائرون على خط التحرير من الصهاينة الإرهابيين
مهما كانوا أقوياء إرهابيين قذرين, هم ليسوا مثلنا.. إنهم جبناء يطعنون من الخلف ويغدرون.. يتلفون شمالاً ويمينا هربا من الموت..التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا تكون ألأبطال..) عندما قامت بهذه العملية البطولية كتب شاعرنا ( فاروق جويدة قصيدة بعنوان ( بعض العشق .. يكون الموت ) ونقطف منها :
كانت تعلم ..
ان الموت ضريبة عشق الوطن
ان الحب سيصبح يوما
اجمل وشم للاكفان
ان الموت سيصبح عرسا
ينسينا كل الاحزان
ويقول ايضا فى نفس القصيدة :
لكن سيناء اختارت كيف تموت ؟
لبكيها كل الاشجار
اختارت اين تموت ؟
لتصبح عطرا للازهار
اختارت ان تبقى رسما
فوق الطرقات .. على الانهار
ثم يقول :
وسناء اختارت
كيف تموت خلف الاسوار
فماذا نكتب بعد اليوم .. حين يصير الدم مدادا ؟
فلتسقط كل الاشعار
ونجد ورود الكثير من ادوات الاستفهام فى شعر شاعرنا ( فاروق جويدة ) مثل : كم .. التى يسأل بها عن العدد .. والهمزة : التى يسأل بها عن واحد من شيئين او اكثر كما يسأل بها عن مضمون الجملة .. و ( ما _ ماذا ) التى يسأل بها عن غير العاقل .. ومن : التى يسال بها عن العاقل .. واين : التى يسأل بها عن المكان .. وهل : التى يسأل بها عن مضمون الجملة المثبتة .. وكيف : التى يسال بها عن الحال .. كما نجد ايضا عناوين الكثير من القصائد تحمل استفهاما مثل : متى يفيق النائمون ؟ ماذا اخذت من السفر؟ ماذا اصابك ياوطن ؟ ماذا تبقى من بلاد الانبياء ؟ متى تأتين ؟ لمن اعطى قلبى ؟ أترى يفيد الحلم ؟ وهذا يشير الى كثرة تزاحم الاسئلة داخل اعماق شاعرنا الكبير .. ففى قصيدة بعنوان0( متى يفيق النائمون ) يقول :
شهداؤنا فوق المنابر يخطبون
قاموا الى لبنان صلوا فى كنائسهم
وزاروا المسجد الاقصى
وطافوا فى رحاب القدس
واقتحموا السجون ..
فى كل شبر
من ثرى الوطن المكبل ينبتون
من كل ركن فى ربوع الامة الثكلى
اراهم يخرجون ..
شهداؤنا وسط المجازر .. يهتفون
الله اكبر منك يازمن الجنون
وفى نفس القصيدة يقول :
بيروت تسألهم اليس لعرضها
حق عليكم .. اين الرافضون
واين غاب البائعون
واين راح .. الهاربون
الصامتون .. الغافلون .. الكاذبون ؟؟؟
صمتوا جميعا ..
والرصاص الان يخترق العيون
وفى قصيدة بعنوان ( مرثية حلم ) نجد تكثيف شجون شاعرنا وهو يتحدث عن القدس وبيروت وبغداد وطهران .. حيث يقول :
بيروت فى اليم ماتت
قدسنا انتحرت
ونحن فى العار نسقى وحلنا طينا
بغداد تبكى
وطهران يحاصرها
نهر من الدم
بات الان يسقينا
وعلى لسان طفلة مسلمة كتب شاعرنا المبدع ( فاروق جويدة ) قصيدة بعنوان ( رسالة الى بوش من طفلة مسلمة ) نقطف منها :
ياسيدى بوش العظيم ..
بالله كيف يعانق الصبح الجميل
خيوط ليل مظلمة
تبنون فى اوطانكم مجدا وفى اوطاننا
تعلوا السجون المحكمة..
والحق فى اوطانكم حق الشعوب وعندنا
حق الكلاب المتخمة ..
والقتل فى زمن النخاسة اوسمة ..
لم تقتلون الصبح فى اعماقنا
وتشيعون على المشانق ماتمه ..؟؟
العدل فى اوطانكم يعلو وفى اوطاننا
قهر الايادى الاثمة ..
تبكون ان سقطت على باريس
او روما ظلال قاتمه
والان تجرى فى ربوع بلادنا
انهار دم مسلمة ..
ونقطف ايضا :
ياسيدى بوش العظيم ..
كل العصافير الجريحة فى بلادى
تلعن الزمن القبيح
ماتت على الاغصان
كم كانت تغنى كل صبح هل ترى
يبكيك عصفور جريح ؟
ودمى يسيل على ثيابى هل ترى
يبكيك انسان ذبيح ؟
ثم يجىء التذكار بقرار الرئيس الامريكى ( بوش ) والذى بمقتضاه ذهبت الجيوش الى الكويت لضرب القوات العراقية التى غزت دولة الكويت .. وهذا القرار ليس حبا فى الكويت بل من اجل النفط الذى كان سلاحا فعالا واستراتيجيا فى نعارك اكتوبر عام 1973 :
ياسيدى بوش العظيم ..
حاربت يامولاى يوما فى الكويت
وجنيت منها ماجنيت ..
هل شعب بوسنة لايساوى
فى ضميرك .. يئر زيت ؟
وفى ختام القصيدة تأكيد على ان نور الله سيبقى معانقا لكل بيت مسلم :
ياسيدى بوش العظيم ..
ان شئت يوما او ابيت
سيظل نور الله فى وطنى
يعانق كل بيت
وكتب شاعرنا الكبير ( فاروق جويدة ) قصيدة بعنوان ( ماعاد يكفينا الغضب ) واهداها الى صبايا بغداد فى سجن ابو غريب .. ونشرت هذه القصيدة فى جريدة الاهرام ونذكر منها :
ماعاد يكفى ان تثور شعوبنا
غضبا .. فلن يجدى مع العجز الغضب
لن ترجع الايام تاريخا ذهب
ومن الهانة ان نقاتل بالخطب
هذى خنادقنا .. وتلك خيولنا
عودوا اليها فالامان لمن غلب
ماعاد يكفينا الغضب
ماعاد يكفينا الغضب
ونلمح مناجاة شاعرنا الى خير البرية صلى الله عليه وسلم حيث يقول :
هذى دمانا رسول الله
تغرقنا
هل من زمان
بنور العدل يحمينا ؟
وعندما توفى الشاعر الكبير ( نزار قبانى ) يوم الخميس الموافق للثلاثين من شهر ابريل عام 1998 فى لندن نقل جثمانه فى طائرة خاصة الى سوريا تنفيذا لاوامر الرئيس السورى ( حافظ الاسد ) رحمه الله .. كتب شاعرنا الكبير ( فاروق جويدة ) قصيدة بعنوان ( وسافر فارس العشق ) ونذكر منها :
تبكى القلوب التى اهديتها زمنا
من الجمال بحر الشعر والادب
تبكى الحروف التى سطرتها تغما
كانت ترف على عينيك كالهدب
نسيم لبنان هل تدرى بما حملت
دموع بلقيس من حزن ومن عتب
ياسمينة الحى صاحت عندما لمحت
مواكب الناس من باك ومنتحب
مالت على الارض فى حزن وقد تركت
ثيابها الابيض للانداء والسحب
كانت تصلى على جثمان عاشقها
كأنها طفلة ماتت بحضن اب
قد عدت للشام .. ياللشام كم حملت
مواكب النور من صيدا الى حلب
يادرة الشام .. يااغلى قلائدها
ابيات شعرك تيجان من الذهب
ان ساءلوا الناس يوما عن مراتبهم
فدولة الشعر فوق التاج والرتب
وبلقيس المذكورة هى زوجة الشاعر الكبير ( نزار قبانى ) وهى من العراق وتوفيت عام 1981 تحت انقاض منزل منهار فى بيروت وظل الشاعر يجمع اشياء زوجته اربع ليال وتعرف عليها من خاتم الزواج الذى يحمل اسمه .
وعندما رحل احد فرسان الاغتراب الشاعر العراقى الكبير ( عبد الوهاب البياتى ) فى الثالث من شهر اغسطس عام 1999 حيث وافته المنية فى دمشق ودفن فى مسجد محيى الدين بن عربى تنفيذا لوصيته .. كتب الشاعر الكبير ( فاروق جويدة ) قصيدة بعنوان ( الخيول لاتعرف النباح ) واهداها الى الشاعر الكبير ( عبد الوهاب البياتى ) ونقطف منها :
هنا كان بالامس صوت الخيول
على كل باغ له جلجله
فكم اسقط الحق عرش الطغاه
وكم واجه الزيف كم زلزله
فكيف انتهى المجد للباكيات
ومن اخرس الحق .. من ضلله ؟؟
ومن قال ان البكا كالصهيل
وعدو الفوارس كالهروله ؟؟
سلام على كل نسر جسور
يرى فى سماء العلا منزله .
_____________________________________
_ من كتاب : الحب والوطن فى شعر فاروق جويدة .
_ للكاتب : ابراهيم خليل ابراهيم
المفضلات