أن كسب ود الناس وحبهم بعدٌ عظيم من أبعاد النجاح والسعادة الإنسانية . فهل هناك أعظم سعادة من أن يكون المرء محبوباً ، ودوداً ، محشوداً بين بني البشر ؟؟
لا شك أن الإنسان في حبه للناس ينبغي له أن ينظر إلى مناظرتهم في الخلقة ويتعامل معهم على أساس ذلك ، وفي الطرف الآخر ينبغي له أن يحفظ المقاييس المبدئية فيجعل حبه في الله وبغضه في الله أيضاً ...
أن الحب له أسباب عامة إن تحققت أو تحقق بعضها وقرت المحبة في القلب وتحصلت لا محالة .. نذكر منها الأساسية :
1. الإحسان :
فقد جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها ..
يقول الأمام علي عليه السلام :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهمُ ... فطالما أستعبد الإنسان إحسانُ
فالقلب لا أرادي يميل إلى من يقضي حاجته ويعينه على أمر يرفع به نقصه ويجلب كماله المتعلق بوجوده الخاص ..
2.الجمال المحسوس :
فكل جمال لا يخلو من لذة والجمال محبوب لذاته لأن في العين لذة .. فالمروج الخضراء ذات الثمر التي تجري من خلالها الأنهار .. هي جميلة ومحبوبة حتى إن لم نشرب من مائها ولم نأكل من جناها ..
كذلك صورة الإنسان الحسنة والمتناسقة فإنها تروق الناظر وتعجبه ..
3.الجمال المعنوي :
هو الذي يدركه الإنسان من دون سمع ولا بصر ولاذوق وإنما بالبصيرة الباطنية مثلاً عندما يقال : سيرة حسنة ، عفة ، شرف , مروءة .. كلها صفات جميلة لا تدرك بالحواس الظاهرية ..
كذلك إذا نُقل لك عن كرم حاتم سوف تحبه لتحليه بالصفة المعنوية الجميلة ..
فهذه الأسباب الثلاثة الأساسية لجذب القلوب والاستيلاء عليها ..
أما سمعت قول الأمام علي ابن أبي طالب عليه السلام :
لا تخدعن فللمحب دلائلُ ... ولديه من تُحف الحبيب وسائلُ
منهـا تنعمه بمّر بلائـه ... وسـروره في كـل ماهو فاعلُ
فالمنع منه عطيةٍ مبذولةٍ ... والفقـر إكـرامٌ وبرٌ عاجـلُ
ومن الدلائل أن يرى من عزمه ... طوع الحبيب وإن ألحّ العاذلُ
ومن الدلائل أن يُرى متبسماً ... والقلبُ فيه من الحبيب بلابلً
قصة ذو اعتبار :
يروى أن أحد الواصلين إلى درجة من الحب لله تعالى بذل كل ماله ولم يبقَ له شيءٌ أصلاً فقيل له : ما الذي دعاك إلى ذلك ؟؟
فقال : سمعتُ يوماً أحد الأشخاص وقد ظفر بمحبوبة وهو يقول : أنا والله أحبكِ بقلبي كله وأنتِ معرضة عني بوجهكِ كله ..
فقالت له : إن كنت تحبني فما الذي تنفقه عليّ ؟؟
قال : أملككّ ما أملك ثم أنفق عليكِ روحي حتى تهلك .
فقلت : هذا حب مخلوق لمخلوق فكيف بحب عبدٍ لمعبود !! فأنفقت كل ما عندي ..
عندما يتعلق الأمر بشخص تكنّ له الاحترام والتقدير وربما المحبة أيضاً وسمعت منه كلمة أو نظرة أو حركة أزعجتك وأثارت غضبك أو أحزنتك وكثر همك .......................................
فماذا عليك فعله ؟؟
قال الأمام علي عليه السلام :
( لا تعاتب الجاهل فيمقتك ، وعاتب العاقل يحببك ) ..
سؤال : هل المطلوب منا أن نعاتب الآخرين على أخطائهم وتقصيراتهم أم نسكت ونرضى عليها ؟؟
هل المطلوب أن نكون معتدلين في العتاب طبقاً لقاعدة ( لا إفراط ولا تفريط ) ؟؟
هل كل خطأ يصدر من الآخرين يستحق اللوم والعتاب ؟؟
إن المرء قبل كل شيء عليه أن ينتقد نفسه ويلومها ويعاتبها وينشغل بعيوبها لكي يصلحها لأن إصلاح النفس هي نقطة الانطلاق في معاملة الناس ..
قال كونفشيوس : لا تتبرم بالجليد المتراكم على عتبة جارك فبل أن تزيل ما تراكم على عتبة دارك أولاً ..
هل نتوقع من الناس الطيبين والمحترمين الذين نتصل بهم ونجتمع معهم أن يقبلوا منا اللوم والعتاب ؟؟
أن اللوم والعتاب تارة يكون من أجل إهانة الطرف الآخر أو تحطيم شخصيته ..
وتارة أخرى يكون من أجل تقويم سلوكه وتصرفاته .. فالنوع الأول مرفوض والنوع الآخر جديرٌ بالتنفيذ ..
إن المرء ينبغي له أن يتذكر في معاملته للناس إنه لا يعامل في الغالب أهل منطق بل أهل عواطف ومشاعر ..
لذلك عند بعضهم .. قد يؤدي العتاب إلى العناد والخصومة وتوريث الحقد والعداوة وفي وسعها أن تضرم النار في وقود الكبرياء
وهناك من هم حساسون جداً لسماع العتاب ويُبدون ردّات فعل قوية ..
سؤال : ما هو أسلوب العتاب ؟؟
يجب أن يكون العتاب بعيد عن كلمات جافة لاذعة أو أسلوب هجومي أو جارح لمشاعر الآخرين ..
بدلاً منه يكون أسلوب لبق إيجابي غير مباشر جهد الإمكان ..
من جهة أخرى أن الناس كأصابع اليد الواحدة متفاوتون في الصفات والمشاعر والعواطف ..
فالعقلاء يعتبرون العتاب وسيلة للحب لأن فيه توجيه وتقويم لهم ..
أما الجهلاء والحمقى فإنك أن عاتبتهم كرهوك ومقتوك وأحسوا بأن جبلاً أنهار فوق رؤوسهم ..
قال الشاعر أبو تمام :
إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعِش واحداً أوصِل أخاك فإنه ... مقارف ذنبٍ مرةٍ ومجانبه
أخيراً أقول :
عاتب من تريد بأسلوب لبق ومؤدب ليظهر بذلك جميل شخصيتك وحسن علمك .. ولا تجعل كرهه في قلبك وتحقد عليه مدى الأيام والسنون فيضرب بك المثل ( أحقد من جمل )
فمن كان يريد معاتبة أياً كان في المنتدى ( عضو / مشرف ) سواء بكلمة أو إزالة سوء فهم .. فليتفضل ..
لكي يسود منتدانا المحبة والمودة والإخاء بين أعضائها ومشرفيها والله وليّ التوفيق ..
المفضلات