طرابلس

هي عاصمةليبيا و أكبر مدنها الحديثة .تعرف بطرابلس الغرب و تقع جغرافيا على خط طول 13,12 شرقا وعلى خط عرض 32,52 شمالا في الشمال الغربي لليبيا وهي كذلك ميناؤها البحري الرئيسي.وتحتل المدينة رأس صخري مطل على البحر الأبيض المتوسط و تقع مقابل الرأس الجنوبي لجزيرة صقلية. يحدها شرقا تاجوراء والقره بوللي ، غربا جنزور، جنوبا السواني.
الموقع الجغرافي وتنقسم إلى خمس مناطق: طرابلس المركز، سوق الجمعة، ابو سليم، حي الاندلس. ويتوسط مركزالمدينة:الساحة الخضراء و السراي الحمراء
ومن اهم احيائها : شارع بن عاشور (مقر معظم السفارات)، قرقارش، حي الاندلس ( و الذي يعتبر من ارقي احياء ليبيا السكنية و به عدد من السفارات و القنصليات و يسكنه عدد من رجال الدولة )، حي دمشق، زاوية الدهماني، ابو سليم، الهضبة الخضراء، السياحية، قرجي، سوق الجمعة، الحي الجامعي، الفرناج ، عين زارة، طريق المطار، السراج (و هي منطقة زراعية و لكنها الان بداءت في الازدهار )، الحي الصناعي، باب عكارة، النوفليين، الهاني، راس حسن، سيدي المصري، فشلوم، الدريبي، الشارع الغربي، الهضبة الشرقية، باب بن غشير، ميزران، بومليانة ، أول سبتمر ، عمر المختار ، امحمد المقريف
نشأت طرابلس بفضل الفينيقيين كسوق بحري لتصريف المواد الأولية من إفريقيا السوداء ، واستمر دور هذه المدينة في مجال التبادل بين الشمال والجنوب ، فامتد اتصالهم باتجاه الجنوبي ليغطي مجموعة أقطار " إفريقيا " بلاد السودان .
وعندما تكونت كمدينة أصبحت هي نفسها في حاجة لأسواق للجملة والقـطاعي تخـدم الأهالي ، لهذا ظهرت الحـاجة الملحة لبناء مثل هـذه الأسواق والذي تركزت بصفة خاصة في الناحية الشرقية مـن المدينة القديمة.
ويرجع أسباب تمركز هذه الأسواق في هذه الناحية إلى قربها من البحر وهو المنفذ لتصريف الإنتاج واستقبال البضائع القادمة من البلاد الغرب، وكذلك لتكتل المصالح الإدارية والسياسية فهي قريبة مـن مصـدر السلطة ألا وهـي السرايا الحمراء ذلك في العهد التركي ، كـما يعود تمركزها إلى اعتبارات استراتيجية ، منها أن هذا القسم من المدينة غير معرض للقنبلة البحرية إذا يرجع إلى أن مدى المدافع البحرية في ذلك الوقت لم يكن طافياً لتوصيل القذائف إلى هذه البقعة .
وهذه الأسواق كان لها دور ثقافي ديني مهم جداً في التدريس وتداول الأحاديث النبوية ، حيث يجلس الباعة على المصطبات في الأسواق وتحدث عادة دردشة غالبا ً ما تكـون في المسائل الدينية ، وفـي بعـض الأحيان كان الشيخ يسأل في بعض المسائل الدينية ، فيجلس ويشرح لهم بعض ما صعب عليهم فهمه ، وسرعان ما تنتشر هـذه الفتاوى بسرعة بيـن التجار هـذا بالنسبة للناحية الدينية، وبنفـس الطريقة في المسائل والأفكار السياسية والتي لها أثر كبير على السلطة المركزية في البلاد ، ويرجـع سبب قيام مجمعات المهن والحرف بالقرب من الأسـواق يتعلق بالتـداول وخاصة المتعلقة بالمعـادن الثمينة والفضة والذهب .
وبالطبع لم تكن هذه الأسواق لخدمة أهل المدينة وحدهم بل لجميع فئات الشعب ، لأنها مركز تجمع البضائع من قبل أهالي الحضر والبدو ، فغالباً ما يرتاد البدو المدينة لبيع أو شـراء ما يحتاجه ويقفل عائداً إلى منطقته .
مع بداية القرن السادس عشر شهدت منطقة حوض البـحر المتوسط صراعـاً بحرياً بين الــدول الأوربية المتمثلة في المسيحيين الأسبان وبيـن العـربالمسلمين حيث اتجهت أسبانيا بقواتها لمهاجمة موانئ شمال إفريقيا واستولوا على المدن التالية :
سبته ، و طنجة ، و تلمسان ، والمرسى ، الكبير، و وهران، وبجاية ، و طرابلس ،سنة 1510 م وقد حاول الأهالي الطرابلسيون الدفاع عن مدينتهم باستماتة وهذا ما ذكره لنا الكونت " بتر ودي فارو" قائد الحملة الأسبانية على طرابلس ، في رسالته المرسلة لنائب صقليا ّإذ كتب : " ...... لقد كان الطرابلسيون يقاومون مقاومة عنيفة " .
وكان لأسبانيا أسباب لاحتلالـها لمدينة طرابلس والمتمثلة فـي مــوقعها الاستراتيجي ، ميناءها الحصين ، ثرواتها المتعددة التي رأى الأسبان ضرورة الاستفادة منها في تمويل جيوشهم فـي مواصلتهم الحـرب ضـد المسلمين ، وكـذلك لجعلها قاعدة حربية أسبانية لصــد الهجمات المتتالية من الشرق والمتمثلة في الخط المعاكس ألا وهو " المد العثماني " الذي ظهر كقوة بحرية كبيرة في حوض البحر الأبيض المتوسط بقيادة " خير الدين بربروس" وخليفته " درغوت باشا " الذي مثل خطراً حقيقياً على الوجود الأسباني فـي دويـلات شمال إفريقيا .
ويتضح لنا من الرسائل المتبادلة ، مابين قائد الحملة الكونت"بترو دي نقارو " وملك صقليا ، ورسالة قنصل البندقية في " باليرمو " مقاومة الشعـب الليـبي وشجاعته المنقطعة النظير ، أما عن سياسة الأسبان داخل القطر الطـرابلـس فكانت تتسـم بالوحشية والتعصـب والظلــم ، فقد عملوا على طرد جميع الطرابلسيين من المدينة ، وجلب أكبر عـدد من المسيحيين بدلاً عنهم ، ولم يقوموا بأي إصلاح يذكر ، فقد أهملوا التجارة والصناعة والزراعة وأثقلـوا كاهل المواطنين بالضرائب ، مما أدى إلى كساد التجارة وبور الأسواق ، وهذا الضغط أدى إلى ظهور المقاومة الوطنية التي اتخذت مـن منطقة " تاجوراء " مركزاً لها لشن الحملات الحربية ضـد الأسبان في الدويلة الليبية وتملكت من محاصرة الأسبان في طرابلس ، إلا أن المحاولة لم يكتب له النجاح .
ونتيجة لاشتداد وتزايد المقاومة الوطنية ، وتزايد الخطر العثماني فـي البحر أدى إلى تنازل الأسبان عن طرابلس لمنظمة القديس يوحنا سنة 1530 ميلادي.

نشأة المدينة

سبب تسميتها
يعود تاريخها إلى الفينيقيين الذين أسموها أويا وقد قاموا بتأسيسها بمساعدة الإيليميين بعد ان فروا من صقلية بعد الإضطرابات الأهلية هناك. و قد عرفت المدينة باسم أويات بيلات ماكار (أويات بلدة الإله ملقارت) و قد أكتشف بمدينة طرابلس العديد من القبور الفينيقية و البونيقية ،كما أكتشف بها مصنع فينيقي لإنتاج الفخار.
وتعود تسمية المدينة إلى انها واحدة من مدن ثلاث بناها الفينيقيون وهي أويات "طرابلس الحالية" و لبدة و صبراته.
في العصر الروماني أقام الرومان منشأات رومانية لم يتبقى منها سوى قوس النصر في البلدة القديمة والمعروف بقوس ماركوس أوريليوس نسبة لذلك الإمبراطور الروماني و في ذلك العهد أيضا منحت المدينة درجة المستعمرة زمن تراجان أواخر القرن الأول م حتى عهد الإمبراطور انطونيوس بيوس في القرن الثاني م.
و يعتقد أيضاً أن اجراء المزيد من الحفريات في طرابلس (ويات) سيكشف عن عمق جذور الحضارة الفينيقية الكنعانية في التاريخ الليبي. «فهذه المدينة كانت دائما مبنية ومأهولة وبالتالي لم تتح الفرص لاجراء حفريات فيها على غرار الحفريات التي اجريت في صبراتة (صبراتا) ولبدة الكبرى. ورغم هذا فإن الحضارة الفينيقية جلية في المدن الكبرى الثلاث: لبدة الكبرى وويات وصبراتا. وهذه المعالم ما زالت موجودة وظاهرة ثم انتقلت إلى أعماق ليبيا. ويرى الباحثون أن اتجاهات أبواب قوس الامبراطور الروماني ماركوس اوريليوس تمثل اتجاهات المدينة الفينيقية القديمة التي اقيمت عليها مدينة رومانية».
و خضعت المدينة لحكم الوندال ( القرن5 م ) و للحكم البيزنطي (القرن 6م ) و خلال غزوات الوندال ُدمرت أسوار لبدة و صبراتة و كان نتيجة ذلك نمو أويا وأزدادت أهميتها بعد أن كانت الأقل أهمية في مدن طرابلس.
و في عام 645م فتحها العربالمسلمون وبقيت المدينة تحت الحكم العربي بعد ذلك (ما عدا من 1146-1158م عندما أستولى عليها النورمان الصقلًيون)، وأحتلها الأسبان من العام 1510م وحتى تم تسليمها لفرسان القديس يوحنا من مالطا العام 1531م وحتى العام 1551م حيث أستعان الطرابلسيون النازحون في المنطقة الشرقية من المدينة والمعروفة باسم تاجوراء بالعثمانيين للتخلص من الاحتلال المسيحي للمدينة.