سيهات
بفتح السين بعدها ياء مثناة تحتية ساكنة فهاء مفتوحة فألف فتاء، وهي كلمة لم أجد لها أصلا في العربية إذ كلمتا (سيه) و (سَهَتَ) مهملتان، وقد تكون عجميّة أو محرفة عن (سيحات) بإبدال الحاء هاءا، ومثل هذا يقع كثيرا عند العامة، وهم في جهات القطيف يطلقون كلمة (سيحة) على القرية وما حولها من البساتين التي لا يفصل بينها حدود، فيسمى كل قسم باسم القرية ويطلق عليه اسم (سيحة) فيقال – مثلا - : سيحة العوامية، ويقصد البساتين التابعة لها، ولعله أخذ من كون تلك البساتين يسيح فيه ماء عين تلك القرية فيسيقيها سيحا.
وبلدة سيهات أقدم من رأيته ذكرها الشاعر جعفر الخطي بقوله:
هلا ســـألت الــربع من سيهاتعن تلكم الفـــــتـيان والفــتـياتومجرّ أرســــــان الجــــياد كأنهافوق الصـعــــيد مسارب الحياتحيث المسامع لا تكاد تفيق منترجــــيع نوتيّ وزجر حــــــــداة
ووصفه هذا يدل على حيويتها، ونشاط أهلها وتنوع أعمالهم في البر والبحر.
وقد أشرت في الكلام على (أفأن) أن بلدة سيهات قامت على أنقاضها، أو بقربها، وكلام جعفر الخطي يفهم منه أن سيهات في القرن العاشر من القرى القوية.
وكانت بلدة سيهات من القرى التي صمدت للحرب عندما سارت الجيوش السعودية في عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود. جاء في كتاب "لمع الشهاب" : فسار إبراهيم بن عفيصان مع ذلك العسكر أميرا عليه. وكان عدده ثمانية ألاف فنزل سيهات، قرية جنوبية عن القطيف. وهي من توابعها، بينها وبين القطيف ثلاثة فراسخ. فلما سمع عبدالله بن سليمان، أرسل العسكر الذي معه في القلعة إلى مقاتلتهم مع إبنه علي. فوقع الحرب هناك وانكسر ابن عفيصان فذهب بعسكره إلى ناحية شمال القطيف موضع يقال له ظهران، لا سكن فيه بل كان قديما مسكونا، وبقي هناك عشرة أيام، وبعد ذلك المكان عن القطيف مسافة يوم، فجعل يغزو أطراف القطيف وينهب ويقتل، وأطاعه أكثر قرى القطيف. انتهى
وفي سنة 1206هـ استولى الإمام سعود بن العزيز على بلدة سيهات، دخلها عنوة، وقتل جماعة من أهلها.
وجاء في كتاب "دليل الخليج": سيهات على بعد ميلين جنوب شرق عنك عند الجانب الجنوبي للساحل.
مدينة مسورة تتكون من 600 منزل منها 200 كوخ تقع خلف السور وكل السكان من البحارنة.
وهذه أغنى منطقة، تعتمد بصفة خاصة على الزراعة وتملك حدائق نخيل وزراعات على الجانبين الشمالي والغربي، وتروي أرض المدينة من ينبوع الكعبة، ويملك السكان 30 قاربا لصيد اللؤلؤ. انتهى
وكان هذا قبل سبعين عاما، أما ألآن – وبعد العثور على النفط الذي غير مجرى الحياة في العالم كله – فقد أصبحت مدينة سيهات من كبريات مدن المنطقة، فازداد سكانها بحيث ما يقاربون عشرين ألف نسمة، وعمّرت عمرانا حديثا، ودخلتها وسائل التنظيم، وتقع جنوب مدينة القطيف غرب بلدة عنك بقربها.
وتحيط حدائق النخيل بالمدينة من الجهتين الشمالية والغربية، ويخترقها نهر صغير من عين تسقي نخليها، ولكن ماء تلك العين ضعف في السنوات الأخيرة، بعد حفر الآبار (الارتوازية) التي صار الماء يتدفق – بل يفور – منها بدون آلة ضخ.