بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف
الاَنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله الطاهرين .



القرآن الكريم كتاب الله المنزّل على رسوله النبي الاَمين صلى الله عليه وآله

وسلم ، وهو دستور الاِسلام الخالد ( لا يأتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَينِ يَدَيهِ ولا مِنْ

خَلفِهِ ) ، وقد أجمع المسلمون على أنّه المصدر الاَوّل في التشريع الاِسلامي ،

والمرجع الاَساس في استقاء الفكر والعقيدة والنظم والمفاهيم الاِسلامية ؛ ولذلك

كلّه حرصَ الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم على سلامة هذا القرآن

وتبليغه كما أُنزل حرفاً بحرف وكلمة كلمة ، وكيف لا يحرص على ذلك وهو

برهان نبوته، ومعجزة الاِسلام الخالدة .


فالظروف التي أحاطت بنزول القرآن الكريم تقتضي سلامته من مزعومة

التحريف ؛ لاَنَّ الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بتدوين

النصّ القرآني أوَّلاً بأوَّلٍ ، وقد اتخذ كُتّاباً يكتبون الوحي حين نزوله ، وكان

صلى الله عليه وآله وسلم يشرف بنفسه على وضع كلِّ آيةٍ في موضعها من

السورة ، ولم يكتفِ بذلك ، بل كان يأمر باستظهار القرآن الكريم وتعلُّمِه لينضمَّ

الاستظهار إلى التدوين في حفظ القرآن الكريم وسلامته .



هذا زيادة على حرص المسلمين وعنايتهم البالغة وتفانيهم من أجل أن لا تمتد إلى

القرآن الكريم يد التغيير أو التبديل حتى ولو بحرف واحد ؛ لاَنّه دستورهم

المقدس ، وكتاب ربهم تعالى الذي خاطب فيه نبيهم الاَكرم صلى الله عليه وآله

وسلم بقوله تعالى : ( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينا بَعضَ الاَقاوِيلِ *لاخذنا مِنهُ باليَمِينِ* ثم لَقَطعنَا مِنهُ الوَتِينَ ) .


وقد صرّح أهل البيت عليهم السلام ـ الَّذين هم عدل الكتاب كما نطق الرسول

الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين ـ بسلامة القرآن ، من الزيادة

والنقصان ، وتابعهم على ذلك أئمة أعلام الشيعة ومحققو علماء أهل السنة ،

وشذّ من شذّ لروايات لم تثبت ولم تصح سنداً ، وأمّا ما صحَّ منها فمؤول بوجه

مقبول ، ومصروف عن ظاهره قطعاً ؛ لمخالفته الاَدلة القاطعة والبراهين

الساطعة على سلامة القرآن من الزيادة والنقصان


تابع