الاهداء:
_____
الي النقاء في منبعه ..
الي الطهر في عفته ..
الي الحب في معناه ..
الي ( امل ) .. الحياة ..
الي وطني حبيبي ..
اهدي كتابي هذا
( ابراهيم خليل ابراهيم) .
____________________________
تقديم :
______
مصر .. هذا الاسم الخالد الذي ورد ذكره في القران الكريم اكثر من مرة .. يهون من اجله كل شئ ، وقد تجلي حب و عشق الوطن ، وانكار الذات في مواقف كثيرة واذكر منها .. معارك اكتوبر 1973 فقد سطر ابطال مصر اخلد الصفحات في تاريخ العسكرية المصرية ، و مازالت بطولاتهم تدرس في الاكاديميات العسكرية حتي الان .. ليس هذا فحسب بل كانت بطولات ابطال مصر صدمة اصابت اسرائيل بالدهشة و التعجب فها هو ( ارييل شارون ) احد قادة و جنرالات الجيش الاسرائيلي الذين خاضوا كل الحروب ضد مصر .. بداية من حرب 1948 ومرورا بحرب 1956 ، وحرب 1967 ، ومعارك الاستنزاف ، كما شارك ايضا في الحرب ضد لبنان الشقيق ، واطلق علي حرب 1948 ( حرب الاستقلال التي لم تكتمل ) وذكر ايضا ان معارك الاستنزاف كانت المشكلة الكبرى التي واجهت اسرائيل بعد حرب عام 1967 ، وبعد ان ترك ( ارييل شارون ) الخدمة بالجيش الاسرائيلي عام 1972 و تم استدعاؤه لمواتجهة ما يحدث و يتعرض له الجيش الاسرائيلي علي الضفة قناة السويس وهضبة الجولان وبعد انلاع المعارك يوم السادس من اكتوبر 1973 ، وعمل تحت قيادته لواء مدرع بقيادة العقيد ( كوفيا ) لواء مدرع اخر مكون من 4 كتائب مدرعات ، و 3 كتائب مشاة ميكانيكي بقيادة ( حاييم ) لواء مظلات بقيادة العقيد ( داني ماشا ) وفي سعير القتال اصيب ( ارييل شارون ) في راسه و ظل معصوب الراس طوال المعركة وبعدها ، وذاق مرارة الهزيمة ولم يستطع تحقيق طموحه العسكري ، وقبل عام فقط من توليه رئاسة الحكومة الاسرائيلية نشر مذكراته في كتاب ضخم من القطع الكبير و صلت صفحاته الي 750 صفحة بعنوان ( مذكرات مقاتل ) و في هذا لكتاب خصص جزءا كبيرا لحرب الاستنزاف ، ومعارك اكتوبر ، و مما ذكره عن معارك اكتوبر 1973 .. ( ان الجيش الاسرائيلي تلقي ضربات قاسية في الخطوط الاولي ووصلت وحداته لدرجة الياس ، و ان القوات المصرية المهاجمة كانت من التصميم و القوة بحيث اكتسحت خط بارليف و دفاعاته ) .
و في شهر نوفمبر عام 1973 شكلت لجنة ( اجراثات ) الاسرائيلية و استمرت في عملها اربعة شهور ، و اكدت في تقريرها النهائي : ( ان ما حدث لاسرائيل في معارك اكتوبر 1973 هو هزيمة و تقصير ) و اوصت باحالة 4 من كبار القادة الاسرائيليين للتقاعد وهو ( دافيد اليعازر ) رئيس الاركان ) ، و الجنرال ( شموئيل جونين ) قائد القيادة الجنوبية التي واجهت الجبهة المصرية ، و( ايلي زاعيرا ) رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ، و ( البريجادير اربيد شالين ) مساعد رئيس الاستخبارات للابحاث .
كما صدرت بعض الكتب لبعض القادة الاسرائيلين الذين شاركوا في معارك اكتوبر 1973 و سجلوا فيها انطبعاتهم ، و نذكر منها كتاب بعنوان ( نصر مائع ) للجنرال ( جو نين ) ، وكتاب بعنوان ( حرب الشرق الاوسط ) لقائد كتيبة المظليين التي عملت تحت قيادة ( شارون ) و تعرض معظمها لابادة .. هذا بالاضافة الي مذكرات ( موشي ديان ) وزير الدفاع الاسرائيلي الاسبق ..و مما جاء في تلك الكتب و المذكرات: ( في مساء يوم الخامس عشر من اكتوبر عام 1973 بدا لواء العقيد امنون هجومه لتامين ساحة العبور عند الدفرسوار انتظارا لقدوم لواء مظلات بقيادة داني ماشا الا ان هذا اللواء المدرع لم يكد يقترب من القوات المصرية حتي انهالت عليه نيران الصواريخ و الاسلحة المضادة للدبابات و دمرت 27 دبابة ، وعند منتصف الليل امر امنون المقدم ناثان قائد كتيبة مشاة ميكانيكية بعد ان دعمه بسرية دبابات بمهاجمة منطقة تقاطع طرق ، ودفع ناثان سرية دبابات الي الامام بعد ان ابلغه قائدها بان الطريق مفتوح ثم امر ناثان مجموعة من عربات نصف مجنزرة من كتيبة بقيادة ها التفي بالتقدم للمنطقة ، و اثناء تقدم العربات المدرعة اتضح ان سرية الدبابات التي سبقتها قد دمرت عن اخرها و ان كتيبة المشاة الميكانيكية وقعت في فخ محكم .. فخصص امنون سرية دبابات ثانية للتقدم الي قرية الجلاء او المزرعة الصينية لتخليص القوة المحاصرة الا ان سيلا منهمرا من الصواريخ المصرية اخذ يطارد الدبابات الاسرائيلية و ابيدت السرية عن اخرها .. فاصر امنون علي عناده و قيامه بالهجوم فامر المقدم بردم قائد كتيبة الاستطلاع بالهجوم ، ولكنه لم يلبث ان قتل علي مسافة ثلاثين مترا فاضطر امنون ان يصدر امره الي قائد ثان للكتيبة بالانسحاب ثم عاد و امر المقدم ايتان بالتقدم علي راس سرية دبابات فاصيبت بثلاث منها دبابة ايتان نفسه ، و فشلت محاولة الهجوم الاسرائيلي للمرة الثالثة ) .
و في الساعات الاخيرة ليوم الخامس عشر من اكتوبر ، و الساعات الاولي ليوم السادس عشر من اكتوبر 1973 كلف لواء مظلات اسرائيلي بالعبور للضفة الغربية لقناة السويس بقيادة العقيد ( داني ماشا ) ، وفي مزيد من الحيطة و الحذر صدر الامر لسرية دبابات باتخاذ موقع لها تكون بمثابة حاجز امام اي تدخل للقوات المصرية من الشمال او الشرق الا ان تلك السرية دخلت في كمين اعده اللواء المصري 16 مشاة ، وتم تدمير السرية بالكامل دون ان يعلم ( داني ماشا ) شيئا عن مصيرها .
وفي مساء يوم السادس عشر من اكتوبر 1973 بدا لواء مظلات اسرائيلي بقيادة العقيد ( عوزي مائير ) تحركه في اتجاه القناة و في مقدمته كتيبة المقدم ( ايزاك ) الا انها فوجئت بسيل منهمر من نيران المدفعية المصرية ، و استمرت 14 ساعة متواصلة ، وكانت خسائر لواء المظلات الاسرائيلي فيها 70 قتيلا ، و 100 جريحا .
و ذكر ( موشي ديان ) في مذكراته: (في السابع عشر من اكتوبر 1973 زرت مركز القيادة المتقدم لشارون وطاب مني بعد عبورنا القناة ان نصعد علي ظهر عربة مدرعة ، ولكنني طلبت ان اقطع جزءا من الطريق سيرا علي الاقدام الا انني لم استطع اخفاء مشاعري عند مشاهدتي لمئات من العربات العسكرية المهشمة و المحترقة ، ومع اقترابنا من كل دبابة كان الامل يراودني الا اجد علامة الجيش الاسرائيلي عليها ، و انقبض قلبي فقد كان هناك كثير من الدبابات الاسرائيلية المحطمة .. لم اشاهد علي الاطلاق مثل ذلك المنظر عل الطبيعة ولا في اللوحات ولا في افظع الافلام السينيمائية الحربية ).
اما الجنرال ( شاؤول موفاز ) رئيس الاركان الاسبق .. فقد كان نقيبا وقائد لسرية مظليين خلال معارك اكتوبر عام 1973 ، وقد قال: (ان حرب اكتوبر مفاجاة تماما لنا و لن ننسى ما حدث فيها لقد تعرضت للموت اكثر من مرة علي الجبهة).
وفي مايو عام 1975 اجرت شبكة (b.b.c) بالتليفزيون البريطاني مقابلة مع ( ارييل شارون ) وساله المذيع بقوله .. سيدي الجنرال شارون .. يجمع الخبراء العسكريون في العالم ان مصر حققت في حرب 1973 مفاجاة كبيرة اذهلت و شلت الجانب الاسرائيلي تماما ، ومن وجهة نظركم ماذا كانت المفاجاة في هذه الحرب ؟ هل هي في اختيار يوم الهجوم ليكون يوم عيد الغفران ؟ هلي هي في اختيار التوقيت ليكون الساعة الثانية ظهرا ؟ هل بتعمد الهجوم في رمضان ؟ هل استخدم هذه الفرق الخمس من المنشاة التي تمكنت من تكوين رؤوس الشواطئ بدون الدبابات و تصدت للهجمات المضادة للدبابات الاسرائيلية ؟ هل بتطبيق نظرية جديدة في الحرب .. وهي تحييد القوات الجوية الاسرائيلية في ميدان القتال ؟ هل في خراطيم المياة لفتح الثغرات في الساتر الترابي ؟ ثم استطرد مذيع البرنامج في سؤاله للجنرال ارييل شارون بقوله : نريد ان نعرف منك وانت احد الذين شاركوا في تلك الحرب .. ما هي بالضبط المفاجاة التي حققها المصريون في تلك الحرب من وجهة نظر الجانب الاسرائيلي ؟ فتنهد شارون طويلا ثم قال للمذيع : ساقول لك سرا جديدا .. ان جميع الباحثين و الدراسات و الكتابات تناولت ما ذكرته في سؤالك ، و لكني اختلف معهم جميعا .. ان كل ما ذكرته من هذه العناصر السابقة نجح فيها المصريون بسبب ضيق افق موشي ديان و صارت خلفه جولدا مائير .. اما في رايي الشخصي قان مفاجاة حرب يوم الغفران كانت في الجندي المصري الجديد فلا انسي خلال المعارك قيام ثلاثة من الجنود المصريين بتدمير ثلاث دبابات من سرية مكونة من عشر دبابات كنت اقودها بنفسي في اتجاه الدفرسوار ، و معجب بمجابهة الجنود الثلاثة بصدورهم لعشر مدرعات مضحين بارواحهم في سبيل تنفيذ مهمتهم .. ثم استطرد شارون بقوله : لقد حاربنا المصريين في عدة حروب وكنا في الحروب السابقة نعرف شكل و طبيعة الجندي المصري ، و عندما دخلنا حرب اكتوبر كنا متصورين ان الجندي المصري هو نفس الجندي في عام 1956 و عام 1967 و لكن الامر في حرب اكتوبر اختلف تماما .. ثم قال للمذيع . اعترف لك انه منذ السادس من اكتوبر عام 1973 ورغم توالي الاحداث لم اي منا في القيادة الاسرائيلية يريد ان يصدق ان هناك تغيرا حدث .. ربما كنا مذهولين من نجاح الاداء لهذا الجندي المصري الجديد ، ثم تحدث شارون عما شاهده في قتاله و مواجهة الفرقة 16 مشاة المصرية و قال : بعد اصابتي في الدفرسوار و اخلائي للخلف تعمدت ان استمع لبعض الاسري المصريين ، و اقرا تقارير الاستخبارات فعرفت و علمت ان اكبر مفاجاة لجيش الدفاع في هذه الحرب هو الجندي المصري ، ساعتها فقط احسست بالخطر علي اسرائيل و علي جيش الدفاع ، ثم اضاف شارون : بعد توقف اطلاق النار و في مباحثات الكيلو 101 لم يكن يشغلنا شئ الا تلك القوة الحديثة في الانسان المصري لاننا شعرنا انه علي جيش الدفاع ان يعيد حساباته من جديد و ان مهمة مراكز الدراسات الجديدة في اسرائيل في التركيز من الان فصاعدا علي تلك القوة المصرية الجديدة حتي لا نفاجأ مرة اخري باي قتال قادم .
و هذا الكتاب ( و طني حبيبي ) للمؤلف و الزميل الاديب الكاتب ( ابراهيم خليل ابراهيم ) يقدم نخبة من ابطال مصر الذين سطروا بطولاتهم في سجلات الشرف و الكرامة .. لذا فهو جدير بالقراءة اكثر من مرة بل و الاحتفاظ به مرجعا و نبراسا للاجيال القادمة و لذاكرة الوطن .
الاذاعي / هاني عماشة
اذاعة وسط الدلتا
__________________
_ من كتاب : وطنى حبيبى
_ للكاتب : ابراهيم خليل ابراهيم .