المطلب الثاني : في أن من آذى عليا ( عليه السلام ) فقد آذى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )هذ الحديث تجدونه في : المسند ، وفي صحيح ابن حبان ، وفي المستدرك ، وفي الإصابة ، وأسد الغابة ، وأورده صاحب كنز العمال عن ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني ، وله أيضا مصادر أخرى .
كان المطلب الأول في أن من آذى فاطمة فقد آذى رسول الله ، وهذا المطلب الثاني في أن من آذى عليا فقد آذى رسول الله ، وذاك قوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من آذى عليا فقد آذاني " .المطلب الثالث : في أن بغض علي ( عليه السلام ) نفاق .
أخرج مسلم في صحيحه عن علي ( عليه السلام ) قال : " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إنه لعهد النبي الأمي إلي [ وهل يكون التأكيد بأكثر من هذا ؟ ] أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق " .تجدون هذا الحديث بهذا اللفظ أو بمعناه عند : النسائي ، والترمذي ، وابن ماجة ، وفي مسند أحمد ، وفي المستدرك ، وفي كنز العمال عن عدة من كبار الأئمة ( 1 ) . وفي مسند أحمد وصحيح الترمذي عن أم سلمة : كان رسول الله يقول [ هذه الصيغة تدل على الاستمرار ] كان رسول الله يقول :"لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن "
نستفيد من هذه الأحاديث في هذا المطلب : إن حب علي وحب المنافقين لا يجتمعان ، لو أن أحدا يعتقد حتى بإمامة علي وولايته بعد رسول الله ، إلا أنه لا يبغض المنافقين ، هذا الشخص هو أيضا منافق ، وهو مطرود من الطرفين ، أي منالمؤمنين ومن المنافقين ، لأن المنافقين لا يعتقدون بولاية علي وهذا يعتقد ، ولأن المؤمنين لا يحبون المنافقين وهذا يحب .
ولا يمكن الجمع بينهما بأي حال من الأحوال ، وبأي شكل من الأشكال .المطلب الرابع : في إخبار النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليا ( عليه السلام ) بأن الأمة ستغدر بهقال علي ( عليه السلام ) : " إنه مما عهد إلي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن الأمة ستغدر بي بعده " .
قال الحاكم : صحيح الإسناد ، وقال الذهبي في تلخيصه : صحيح ( 1 ) ، وقد قرروا أن كل حديث وافق الذهبي فيه الحاكم النيسابوري في التصحيح فهو بحكم الصحيحين .ومن رواة هذا الحديث أيضا : ابن أبي شيبة ، والبزار ، والدارقطني والخطيب البغدادي ، والبيهقي ، وغيرهم .
المطلب الخامس : ضغائن في صدور أقوام
أخرج أبو يعلى والبزار - بسند صححه : الحاكم ، والذهبي ، وابن حبان ، وغيرهم - عن علي ( عليه السلام ) قال : " بينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) آخذ بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة ، إذ أتينا على حديقة ، فقلت : يا رسول
الله ما أحسنها من حديقة ! فقال : إن لك في الجنة أحسن منها ، ثم مررنا بأخرى فقلت : يا رسول الله ما أحسنها من حديقة ! قال : لك في الجنة أحسن منها ، حتى مررنا بسبع حدائق ، كل ذلك أقول ما أحسنها ويقول : لك في الجنة أحسن منها ، فلما
خلا لي الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا ، قلت : يا رسول الله ما يبكيك ؟ قال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي ، قال : قلت يا رسول الله في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك " .
هذا اللفظ في : مجمع الزوائد عن : أبي يعلى والبزار ( 1 ) ،
ونفس السند موجود في المستدرك وقد صححه الحاكم والذهبي ( 2 ) ، فيكون سنده صحيحا يقينا ، لكن اللفظ في المستدرك مختصر وذيله غير مذكور ، والله أعلم ممن هذا التصرف ، هل من الحاكم أو من الناسخين أو من الناشرين ؟
فراجعوا ، السند نفس السند عند أبي يعلى وعند البزار وعند الحاكم ، والحاكم يصححه والذهبي يوافقه ، إلا أن الحديث في المستدرك أبتر مقطوع الذيل ، لأنه إلى حد " إن لك في الجنة أحسن منها " لا أكثر .
وهناك أحاديث أيضا صريحة في أن " الأقوام " المراد منهم في هذا الحديث " هم قريش " ، وفي المطلب السادس أيضا بعض الأحاديث تدل على ذلك ، فلاحظوا .المطلب السادس : في أن قريشا هم سبب هلاك الناس بعد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " يهلك أمتي هذا الحي من قريش " ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : " لو أن الناس اعتزلوهم " .
وعن أبي هريرة أيضا قال : سمعت الصادق المصدوق يقول : " هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش " ، فقالوا : مروان غلمة ؟ قال أبو هريرة : إن شئت أن أسميه ، بني فلان ، بني فلان والحديثان في الصحيحين .
المطلب السابع : لم يرو من الضغائن والغدر إلا القليل
وهذا المطلب مهم جدا ، فالغدر الذي كان ، والضغائن التي بدت - التي سبق وأن أخبر عنها رسول الله - لم يرو منها في الكتب إلا القليل ، والسبب واضح ، لأنهم منعوا من تدوين الحديث ، وعندما دون ، فقد دون على يد بني أمية وفي عهدهم ، وهذا حال السنة ، أي السنة عند أهل السنة .
ثم إن من كان عنده شئ من تلك الأمور التي أشار إليها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يروه ، وإذا رواه لم ينقلوه ولم يكتبوه ومنعوا من نشره ، ومن نقله إلى الآخرين ، حتى أن من كان عنده كتاب فيه شئ من تلك القضايا ، أخذوه منه ، أو أخفاه ولم يظهره لأحد ، أذكر لكم موارد من هذا القبيل : قال ابن عدي في آخر ترجمة عبد الرزاق بن همام الصنعاني
في كتاب الكامل : ولعبد الرزاق بن همام [ هذا شيخ البخاري ] أصناف حديث كثير ، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم وكتبوا عنه ، ولم يروا بحديثه بأسا ، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع ، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من
الثقات ، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث ، ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في كتابي هذا ، وأما في باب الصدق فأرجو أنه لا بأس به ، إلا أنه قد سبق عنه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين مناكير ( 1 ) .
وبترجمة عبد الرحمن بن يوسف بن خراش - الحافظ الكبير - يقول ابن عدي : سمعت عبدان يقول : وحمل ابن خراش إلى بندار جزئين صنفهما في مثالب الشيخين فأجازه بألفي درهم . فأين هذا الكتاب الذي هو في جزئين ؟ قال ابن عدي : فأما
الحديث فأرجو أنه لا يتعمد الكذب ( 2 ) . فالرجل ليس بكاذب ، ولو راجعتم سير أعلام النبلاء للذهبي أو راجعتم تذكرة الحفاظ للذهبي ، لرأيتم الذهبي ينقل هذا المطلب ، ويتهجم على ابن خراش ويشتمه ويسبه سب الذين
كفروا ( 1 ) . ولا يتوهمن أحد أن هذا الرجل - ابن خراش - من الشيعة ، وذلك ، لأن هذا الرجل من كبار علماء القوم ومن أعلامهم في الجرح والتعديل ، ويعتمدون على آرائه في رد الراوي أو قبوله ، أذكر لكم موردا واحدا ، يقول ابن خراش
بترجمة عبد الله بن شقيق ، وعند ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب يقول : قال ابن خراش : كان - عبد الله بن شقيق - ثقة وكان عثمانيا يبغض عليا ( 2 ) . فابن خراش ليس بشيعي ، لأنه يوثق هذا الرجل مع تصريحه بأنه كان عثمانيا يبغض
عليا . فلا يتوهم أن هذا الرجل - ابن خراش - من الشيعة ، بل هو من أعلام أهل السنة ومن كبار حفاظهم ، إلا أنه ألف جزئين في مثالب الشيخين .
مورد آخر في كتاب العلل لأحمد بن حنبل ، قال أحمد : كان أبو عوانة [ الذي هو من كبار محدثيهم وحفاظهم ، وله كتاب في الصحيح اسمه : صحيح أبي عوانة ] وضع كتابا فيه معايب أصحاب
رسول الله ، وفيه بلايا ، فجاء سلام بن أبي مطيع ( 1 ) فقال : يا أبا عوانة ، أعطني ذاك الكتاب فأعطاه ، فأخذه سلام فأحرقه ( 2 ) . ويروي أحمد بن حنبل في نفس الكتاب عن عبد الرحمن بن مهدي ( 3 ) قال : فنظرت في كتاب أبي عوانة وأنا أستغفر الله ( 4 ) .
فهذا يستغفر الله من أنه نظر في هذا الكتاب ، والشخص الآخر جاء إليه وأخذ الكتاب منه وأحرقه بلا إذن منه ولا رضا . مورد آخر : ذكروا بترجمة الحسين بن الحسن الأشقر : أن أحمد بن حنبل حدث عنه وقال : لم يكن عندي ممن يكذب [ فهو
حدث عنه وقال : لم يكن عندي ممن يكذب ] فقيل له : إنه يحدث في أبي بكر وعمر ، وإنه صنف بابا في معايبهما ، فقال : ليس هذا بأهل أن يحدث عنه ( 5 ) ! أولا : أين ذاك الباب الذي اشتمل على هذه القضايا ؟ ولماذا لم يصل إلينا ؟ وثانيا : إنه بمجرد أن علم أحمد بن حنبل بأن الرجل يحدث
في الشيخين ، وبأنه صنف مثل هذه الأحاديث في كتاب ، سقط من عين أحمد وأصبح كذابا لا يعتمد عليه ولا يروى عنه ! مورد آخر : في ميزان الاعتدال بترجمة إبراهيم بن الحكم بن زهير الكوفي : قال أبو حاتم : روى في مثالب معاوية فمزقنا ما كتبنا عنه ( 1 ) .
روى في مثالب معاوية فمزقنا ما كتبنا عنه ، فراحت تلك الروايات . وهذا بعض ما ذكروا في هذا الباب . ثم إنهم ذكروا في تراجم رجال كثيرين من أعلام الحديث والرواة الذين هم من رجال الصحاح ، ذكروا أنه كان يشتم أبا بكر وعمر ، لاحظوا
هذه العبارة بترجمة إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ( 2 ) ، وبترجمة تليد بن سليمان ( 3 ) ، وبترجمة جعفر بن سليمان الضبعي ( 4 ) ، وغير هؤلاء . ولماذا كان هؤلاء يشتمون ؟ هل بلغهم شئ أو أشياء ، مما
أدى وسبب في أن يجوزوا لأنفسهم أن يشتموا ويسبوا ؟ وأين تلك القضايا وما هي ؟ وأما ما ذكروه بترجمة الرجال وكبار علمائهم وحفاظهم من شتم عثمان وشتم معاوية ، فكثير جدا ، وأعتقد أنه لا يحصى لكثرته .
ولقد فشى وكثر اللعن أو الطعن في الشيخين في النصف الثاني من القرن الثالث ، يقول زائدة بن قدامة - ووفاته في النصف الثاني من القرن الثالث - : متى كان الناس يشتمون أبا بكر وعمر ) ؟ ! ( 1 ) .
وكثر وكثر حتى القرن السادس من الهجرة ، جاء أحدهم - وهو الحافظ المحدث عبد المغيث بن زهير بن حرب الحنبلي البغدادي - فألف كتابا في فضل يزيد بن معاوية وفي الدفاع عنه والمنع عن لعنه ، فلما سئل عن ذلك ، قال بلفظ العبارة : إنما
قصدت كف الألسنة عن لعن الخلفاء ( 2 ) . حتى جاء التفتازاني في أواخر القرن الثامن من الهجرة وقال في شرح المقاصد ما نصه : فإن قيل : فمن علماء المذهب من لم يجوز اللعن على يزيد مع علمهم بأنه يستحق ما يربو على ذلك
ويزيد ؟ قلنا : تحاميا عن أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى ( 1 ) .
حتى جاء كتاب عصرنا ، فألفوا في مناقب يزيد ، وألفوا في مناقب الحجاج ، وألفوا في مناقب هند ! ! وإني أعتقد أنهم يعلمون بأن هذه المناقب والفضائل ، والذي يذكرونه في الدفاع عن هؤلاء وأمثالهم ، كله كذب ، وإن هؤلاء يستحقون اللعن ،
إلا أن الغرض هو إشغال الكتاب والباحثين والمفكرين وسائر الناس بمثل هذه الأمور ، ولكي لا يبقى هناك مجال لأن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى .
ومن هنا نفهم : إن محاربتهم لقضايا الحسين ( عليه السلام ) ومحاربتهم لمآتم الحسين ( عليه السلام ) ولقضايا عاشوراء ، كل ذلك ، لئلا يلعن يزيد ، ولئلا ينتهى إلى الأعلى فالأعلى .
المطلب الثامن : أحقاد قريش وبني أمية على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته ( عليهم السلام )
وهنا ننقل بعض الشواهد على أحقاد قريش وبني أمية بالخصوص ، وضغائنهم على النبي وأهل البيت ، حتى أنهم كانت تصدر منهم أشياء في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ولما لم يتمكنوا من الانتقام من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالذات ، انتقموا من أهل بيته لينتقموا منه .
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : اللهم إني أستعديك على قريش ، فإنهم أضمروا لرسولك ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ضروبا من الشر والغدر ، فعجزوا عنها ، وحلت بينهم وبينها ، فكانت الوجبة بي والدائرة علي ، اللهم احفظ حسنا وحسينا ،
ولا تمكن فجرة قريش منهما ما دمت حيا ، فإذا توفيتني فأنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد ( 1 ) فيقول أمير المؤمنين : إن قريشا أضمروا لرسول الله ضروبا من
الشر والغدر وعجزوا عنها ، والله سبحانه وتعالى حال بينه وبين تلك الشرور أن تصيبه ، إلى أن توفي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فكانت الوجبة بأمير المؤمنين والدائرة عليه ، كما أنه في هذا الكلام يشير بأن قريشا ستقتل الحسن والحسين أيضا انتقاما من النبي .
وقال ( عليه السلام ) في خطبة له : وقال قائل : إنك يا ابن أبي طالب على هذا الأمر لحريص ، فقلت : بل أنتم - والله - أحرص وأبعد ، وأنا أخص وأقرب ، وإنما طلبت حقا لي وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه ، فلما قرعته بالحجة في الملأ الحاضرين هب كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به .
اللهم إني استعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه ( 1 ) .
وفي كتاب له ( عليه السلام ) إلى عقيل : فدع عنك قريشا وتركاضهم في الضلال ، وتجوالهم في الشقاق ، وجماحهم في التيه ، فإنهم قد أجمعوا على حربي إجماعهم على حرب رسول الله قبلي ، فجزت قريشا عني الجوازي ، فقد قطعوا رحمي وسلبوني سلطان ابن
أمي ( 1 ) . وروى ابن عدي في الكامل في حديث : فقال أبو سفيان : مثل محمد في بني هاشم مثل ريحانة وسط نتن ، فانطلق بعض الناس إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فأخبروا النبي ، فجاء ( صلى الله عليه وسلم ) - يعرف في وجهه
الغضب - حتى قام فقال : ما بال أقوال تبلغني عن أقوام إلى آخر الحديث هذا في الكامل لابن عدي ( 2 ) بهذا النص ، والقائل أبو سفيان . وهو بنفس السند واللفظ موجود أيضا في بعض المصادر الأخرى ، إلا أنهم رفعوا كلمة : فقال أبو سفيان ، ووضعوا كلمة : " فقال رجل " . لاحظوا مجمع الزوائد ( 3 ) .
وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال : أتى ناس من الأنصار إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقالوا : إنا نسمع من قومك ، حتى يقول القائل منهم إنما مثل محمد مثل نخلة نبتت في الكبا ( 4 ) . والكبا الأرض غير النظيفة .
لكن هذا الحديث أيضا في بعض المصادر محرف . ثم إن السبب في هذه الضغائن ماذا ؟ ليس السبب إلا أقربية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فينتقمون منه انتقاما من النبي ، مضافا إلى مواقف أمير المؤمنين
( عليه السلام ) في الحروب وقتله أبطال قريش ، وهذا ما صرح به عثمان لأمير المؤمنين في كلام له معه عليه الصلاة والسلام ، أذكر لكم النص الكامل .
ذكر الآبي في كتاب نثر الدرر - وهو كتاب مطبوع موجود - وعنه أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن ابن عباس قال : وقع بين عثمان وعلي كلام ، فقال عثمان : ما أصنع إن كانت قريش لا تحبكم ، وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأن وجوههم شنوف الذهب ( 1 ) .
هذه هي الأحقاد والضغائن ، ولم يتمكنوا من الانتقام من رسول الله ، فانتقموا من أهل بيته كما أخبر هو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . وهكذا توالت القضايا ، انتقموا من الزهراء وأمير المؤمنين ، وانتقموا ، وانتقموا ، إلى يوم الحسين ( عليه السلام ) وبعد يوم الحسين ( عليه السلام ) . . وإلى اليوم . . . .
المطلب التاسع : في بعض ما كان منهم مع علي والزهراء ( عليها السلام )
أي في ذكر بعض الضغائن التي بدت ، والقضايا التي وقعت ، ومن الطبيعي أن لا يصلنا كل ما وقع ، وأن لا تصلنا تفاصيل الحوادث ، مع الحصار الشديد المضروب على الروايات والأحاديث ، ومع ملاحقة المحدثين والرواة ، ومع منعهم من نقل
الأحاديث المهمة ، وحتى مع حرق تلك الكتب التي اشتملت على مثل هذه القضايا أو تمزيقها وإعدامها بأي شكل من الأشكال . فإذن ، من بعد هذه القرون المتطاولة ، ومن بعد هذه الحواجز والموانع ، لا نتوقع أن يصل إلينا كل ما وقع ، وإنما يمكننا
العثور على قليل من ذلك القليل الذي رواه بعض المحدثين وبعض المؤرخين . رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخبر أهل بيته بأن الأمة ستغدر بهم ، وأنهم
سيظهرون ضغائنهم من بعده ، وسينتقمون منه أي : سينتقمون من النبي بانتقامهم من بضعته ، لأنها بضعته ، والانتقام من الزهراء انتقام من النبي ، وإنما أبقاها هذه البضعة في هذه الأمة ليختبر الأمة ، وليظهروا ما في ضمائرهم .
ولم تطل المدة ، فقد وقع الاختبار ، وكانت المدة على الأشهر أشهر ، ثم عادت البضعة إلى رسول الله واتصلت اللحمة ببدنه المبارك وجسده الشريف ، وكل ذلك وقع . ولكننا لا نتوقع أن نعثر على كل تفاصيل تلك القضايا ، وحتى لو عثرنا على الخمسين بالمائة من القضايا يمكننا فهم الخمسين البقية .
لقد رأيتم كيف يحرفون الروايات ، حتى تلك الكلمة القاسية التي يقولها أبو سفيان في حق النبي رأيتم كيف يرفعون اسم أبي سفيان ويضعون مكان الاسم كلمة قال رجل ، فكيف تتوقعون أن يروي لنا الرواة كل ما حدث بعد رسول الله ، أو يتمكن
الرواة من نقل كل ما حدث ؟ وبالرغم من ذلك الحصار الشديد ، ومن ذلك المنع الأكيد ، ومن ذلك الإرعاب والتهديد ، مع ذلك ، تبلغنا أطراف من أخبار ما وقع .
ونحن لا ننقل في بحثنا هذا إلا من أهم مصادر أهل السنة ، ولا نتعرض لما ورد في كتبنا أبدا ، وحتى أنا ننقل - قدر الإمكان - عن أسبق المصادر وأقدمها ، فلا ننقل في الأكثر والأغلب عن الكتب المؤلفة في القرون المتأخرة .
المفضلات