وصلنا في تفسيرنا لكلمتي الرحمن والرحيم في آية البسملة , وقلنا .. ان المتعارف عند الناس , ان يطلقوا صفة الرحيم على الانسان , ولم يطلقوا صفة الرحمان , لان هذه الصفة خاصة بالله , واعتبرها بعض العلماء انها احد ألقاب الله جل وعلا , وفي نفس الوقت هي ليست إسم علم لله تعالى , وتدل على ثبوت الرحمة , كما في قوله تعالى ( كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم الى يوم القيامة ) وكذلك في قوله تعالى ( وربك الغفور ذو الرحمة ) .
وهناك امور لانجد في التطرق اليها من فائدة للقارئ الكريم في الوقت الحاضر نتركها لحينها ولوقتها في كلمة الرحمن .

الرحيم : كما قلنا انها مشتقة من ( الرحمة ) , وتدل على لزوم الرحمة ايضاً واستمراريتها , وهي ملازمة للرحمان , فهنا أصبح لدينا مفهوم , بأن توجد رحمة رحمانية , ورحمة رحيمية , ونأخذ فكرة بسيطة عنها الان ...
الرحمة الرحمانية : يقول العلماء انها تشمل المؤمنين وغير المؤمنين ( اي شاملة وعامة ) ويعبر عنها بالرحمن ..
الرحمة الرحيمية : يعبر عنها بالرحيم , وهي خاصة بالمؤمنين , وكما في قوله تعالى ( لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) وعلى هذا الاساس يقول العلماء ان الرحمة الرحيمية خاصة بالمؤمنين فقط , وتكن في الحياة الدنيا , لكون الاية تشير الى الاعمال والافعال , فإذا انشمل المخلوق برحمة الله تعالى في الدنيا , صلُحت اعماله ونال رضى الله سبحانه وتعالى , وهذا يؤدي به الى الشمول بها في الحياة الاخِرة ايضاً , كما تشير الاية الشريفة في قوله تعالى ( يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولا ) ومَن هم الذين يأذن لهم الله بالقول في يوم القيامة .؟ الذين شملتهم الرحمة الرحيمية بالحياة الدنيا هم مَن يأذن لهم الله بأن ينالوا شفاعة الشافعين , لان الاية تشير الى الرحمن يخاطب الجميع , فيقول ياايها الخلق لاينال شفاعتي إلا مَن كانت لديه الرحمة الرحيمية , ورضيت له القول في يوم الحساب , وهذه الرحمة حصل عليها المخلوق في الحياة الدنيا بحسن اعماله وتقربه لله تعالى بعبادته , اما الرحمة الرحمانية , تشمل كل المخلوقات , وبما ان الحديث يدور حول بني آدم فسوف نختصر المفهوم على الانسان , اي الرحمة الرحمانية تشمل الانسان المؤمن بالله , وغير المؤمن ( المشرك والكافر ) كما تشير الاية الشريفة في قوله تعالى ( وقال الملا من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الاخرة واترفناهم في الحياة الدنيا ) وكذلك في قوله تعالى ( ولولا ان يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون )
ونفهم من هذه الايات الشريفة , أن الله يرزق الكافر والمؤمن في الحياة الدنيا , كما في قوله تعالى ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محضورا ) وهذه نوع من انواع الرحمة الرحمانية , الرزق والصحة والسلامة ووو الخ .. ولكنها في الحياة الدنيا , ولو كانت على غير ذلك , فهل يرزق الله الكافر بالنعيم في الحياة الاخرة .؟ حاشى , وكلا , فإن من ذات الله العدل , كما ورد في قوله تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لايستوون ) ولايستوون بمعنى لايتساوون بالجزاء في يوم الحساب , لان المؤمن له الجنة , والكافر له جهنم , ومن هذا أدركنا أن الرحمة الرحمانية تدل على العموم , وفي الحياة الدنيا فقط , واما الرحمة الرحيمية , فمن ينالها في الحياة الدنيا , فقد شملته في الحياة الآخِرة , لانها امتداد طبيعي لها , ومختصة بالمؤمنين فقط , كما في قوله تعالى ( ولقد اصطفيناه في الدنيا وانه في الاخرة لمن الصالحين ) وكذلك في قوله تعالى ( فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين ) وهنا يُطرح هذا السؤال : نحن تكلمنا عن الرحمة الرحيمية وقلنا تشمل المؤمن في الحياة الدنيا والآخِرة , ولكن هل هناك رحمة رحيمية في يوم القيامة لغير المؤمنين .؟ وبصيغة أخرى لغير المصلين .؟