إنّ القران الكريم مُقسم الى سوّر , وكل سورة فيها مضمون يتحدث عن حدث او واقعة او غيرها , وان كل سورة تريد ان توصل فكرة معينة , ومن باب التشبيه , كالكاتب لقصة , الذي يريد من خلال احداث القصة ان يوصل القارئ الى هدف معين او نقطة معينة او فكرة , فمثلا , بطل القصة ( زيد من الناس ) واحداث القصة تدور بين مجموعة اشخاص , فالكاتب لايسلط الضوء على كل المجموعة في هذه القصة , وانما يختار مايخص الجانب الذي يريد ان يظهره في شخصية ( زيد ) , وفي قصة اخرى للكاتب نفسه نجده تناول شخصية ( زيد ) ولكن سلط الضوء على جانب اخر من شخصيته او حياته , اي أظهر الكاتب في كل قصة جانب من جوانب ( زيد ) او حياته بما يحتاجه لتوصيل الفكرة او الحدث للقارئ , فلو ان القارئ جمع من كل قصة جانب من جوانب شخصية ( زيد ) لحصل على صورة كاملة لـشخصيته وهكذا , والمجال مفتوح والمساحة واسعة عن الامثلة في حياتنا اليومية مثل , فليم تلفازي او مسلسل او قصة روائية وغيرها نستطيع تطبيق الفكرة عليها ...
القرآن الكريم هكذا .. كل سورة منه لها أهداف وجوانب متعددة , اهداف عامة , واهداف تفصيلية , يريد الله تعالى ان يوصلها من خلال قصة السورة او مضمونها الى الخلق كما ورد في قوله تعالى (( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ )) .
فالسورة عندما تريد ان تتناول قصة نبي من الانبياء ع أو قصة لأمة او لأقوام سبقتنا , لاتتحدّث عن كل جوانب وحياة ذلك النبي ع , كيف ولد وكيف عاش وكيف مات وماذا كان عمله او الامة او الاقوام , وانما تسلط الضوء على الهدف او الحدث الذي نزلت من اجله تلك السورة , وتختار المقطع الذي يخدم هدف وفكرة السورة , ولذلك نرى عندما نريد ان نأخذ اي قصة من قصص الانبياء عليهم السلام نراها موزعة ومقطعة بين سوّر كثيرة من القرآن الكريم , لأن تسليط الضوء على هذا المقطع الزمني من حياة ذلك الرسول او الحدث المعين من حياة الرسول هو الذي يخدم هدف هذه السورة او تلك .
إذن كل سورة من سوّر القرآن الكريم لها هدف معين خاص بالسورة , والبسملة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) جزء من هدف تلك السورة , وبمعنى آخر أن البسملة مرتبطة بأحداث تلك السورة , ومن هنا يتبين لنا أنّ كل( بسملة ) لها معنىً خاص بها , ومختلف عن البسملة الاخرى . فمن حيث اللفظ هي ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولكن من حيث المعنى يختلف من مكان لآخر , ومن سورة لأخرى . نبسط للقارئ الكريم هذا الكلام ونشرحه ...
يقول علماء الامامية ( مذهب اهل البيت ع ) وهذا رأيهم :
أنّ كل بسملة لها مُتعلّقٌ , ومُتعلق الشيء يدل على مُتعلقهِ بالمعنى , وإن آية البسملة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) معناها بالتبسيط : أبتداُ بإسم الله العمل الفلاني ( صعود السيارة ,

أبتدأ بإسم الله الاكل , ابتدأ بإسم الله شرب الماء , أبتدأ بإسم الله ركوب الخيل , وهكذا جميع امورنا ) إذن كل شيء اريد ان اقوم بعمله أبتدأه بإسم الله , كما وردت في الايات الشريفة ( وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها ان ربي لغفور رحيم ) وفي قوله تعالى ( وانعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون ) وفي آية أخرى ( ولا تاكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق ) وفي آية اخرى ( فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه ) , من هذا نستنتج ان اي عمل نريد القيام به لابد من ان نذكر اسم الله قبل ابتدائه لتحل فيه البركة والخير , والروايات عن النبي محمد ص كثيرة بهذا الباب , يستطيع القارئ استخراجها من بطون الكتب عند جميع المذاهب الاسلامية ...