الجــــزء (( 12 ))


كانوا طول الطريق ساكتين..ما فيه حوار بينهم..زاد الطريق كآبه عليهم..تركي كان يكلمها بعض الأحيان وهي ماترد عليه.. كانت طول الطريق تحاول تتماسك وتدعي الله إنه يحفظ لها أبوها.. ويساعده إنه يرجع سالم مثل اول وأحسن...تركي كان حاس فيها وبحزنها...وهو ماهو عاجبه جو الحزن اللي هم فيه..
تركي:شذى وش فيك كل ما أكلمك ما تردين علي؟؟...
شذى سكتت وماردت عليه...
تركي:شذى...أنا ماجيت هالوقت إلا عشانك وبكره علي دوام... يعني على الأقل عبريني وردي علي...
شذى بعد طلعة الروح:وش بغيت؟؟؟...
تركي:شذى خلاص كفايه طول أربع ساعات وأنتي ساكته..أكلمك ولا تردين...ليه هذا كله؟؟؟...
شذى:كم باقي ونوصل؟؟؟...
تركي ناظرها يعني مافيه فايده..وقال بعدها:إنشالله 60كيلو وإحنا واصلين..
شذى:أول ما نوصل وين نروح...
تركي بهدوء:كيفك..تبين نروح لفندق وبكره تروحين تزورين اهلك وأبوك.. أو تبين تروحين الليله لأهلك وبكره لأبوك..براحتك...
شذى وهي تناظر الطريق قدامها:لأ..أول مانوصل بنروح لأبوي وبعدها لأهلي...
تركي يناظرها:وين تروحين وإحنا بآخر الليل...بكره الصباح تزورينه...
ِشذى بإصرار:لأ..الليله بزور أبوي...وبعدها بروح لأهلي...
تركي:ما يصلح لك سفر وبعدها مستشفيات(يعلي صوته)بكره تروحين لأبوك...
شذى بعناد:لأ يا تركي الليله بروح لأبوي..وإذا ما بتوديني بخلي اخواني ياخذوني لأبوي...
تركي إنقهر:يعني السالفه عناد يا أخت شذى؟؟؟...
شذى:إحسبها زي ماتبي بس أبوي بروح له الليله..لو شيصير...
تركي:أنا أبي أعرف إنتي ليش كل ما أقول شي تبين تعانديني فيه ليش؟.. ترى إذا أنا سكت لك هاليومين ..مو معناته إني راضي...
شذى وهي تبي تصيح:تركي...رجاء إفهمني..أبوي تعبان بين الحياة و الموت وإنت تقولي لا تزورينه..بالله وين العدل...
تركي بدفاع عن نفسه: لا تقولين منعتك من زيارته...أنا قلت أجليها وهذا عشانك إنتي بعد...
شذى والعبره خانقتها:تركي لمن رجعنا من فرنسا ورحت لأبوك على طول من المطار للمستشفى ما منعتك ولا ناقشتك لأن هذا من حقك تطمن على أبوك..ولمن مالقيت حجز من باريس للرياض..دورت بالحجوز إلين لقيت عن طريق الكويت وأنا ماقلت شي بعد...فتركي رجاءً رجاء خاص خلني أشوف أبوي...إنت ماتحس فيني...أبوي هذا تعرف وش معنى أبوي...
حس تركي فيها وما قال شي..حب إنه يطمنها ويهدي بالها قبض على يدها وفي قلبه ألف معنى حب و مودة لهالإنسانه...
*
*
*
أول ما وصلوا الشرقيه راحوا المستشفى اللي مترقد فيه أبو شذى..دخلوا لقوه بالعنايه الفائقه...خافت شذى...بالبدايه منعوهم من الدخول بس بعد ما كلم تركي الدكتور المناوب إنهم جايين من الرياض..وشرح له إنهم لازم ضروري يشوفونه الليله..ولأن المستشفى خاص دخلوا على أبو محمد...
أول ما دخلوا كان قلب شذى يدق بقوة..خاصه بعد ما عرفت إنه بالعنايه الفائقه..كانت تحس بوجع بقلبها...على أبوها...شافته ممدد على الفراش الأبيض والأجهزه حوله بكل مكان..يالله إيش كثر كان المشهد يعور بالقلب...وكان نايم بس مبين فيه الألم...ماتحملت شذى الموقف.. وقعدت تصيح بصوت مكتوم وهي حاطه يدها على فمها..وتمسكت بتركي بيدها الثانيه..وحطت راسها على صدره...أما تركي حس هالمشهد إنه شافه من قلب مع أبوه...سبحان الله...مسك شذى وحاول يهديها...
شذى وهي تحاول تتماسك:تركي..وين تعب بسيط شوف حالته شلون صايره...
تركي يتكلم بهدوء:شذى حبيبتي وش فيك..هو بخير لا تبالغين...
شذى تناظر أبوها: يا تركي لا أبالغ ولا شي..حرام عليك شوف كيف المرض هد حيله..
تركي:إنشالله بيصير بخير...أبوي كانت طيحته أشد من ذي..والحمدلله قام منها...
شذى وهي دموعها تنزل:الله يسمع منك يا تركي ويقوم...
مع أصواتهم قام أبو محمد وفتح عيونه بتعب..شاف شذى..فرح من جد لمن شافها...حس إنه نهايته قريبه..يبي يشوفها يبي يقولها عن مشاعره لها...
أبو محمد بأنين: شــذى....
شذى بلهفه وهي تنفك من تركي وتروح لأبوها:لبيه...
أبو محمد يحاول يبتسم:وينك يا شذى...
شذى وهي تمسك يد أبوها وتحبها:هذا انا هنا حولك يباه..
أبو محمد:شخبارك أنتي؟؟؟...يقولون إنك متضايقه وزعلانه...
يالله معقوله أبوي يهتم فيني إذا أنا متضايقه أو زعلانه...الله يرحم حالك يا يباه...
شذى تحاول تمسك دموعها من النزول:لأ يباه لاني متضايقه ولا زعلانه... إنت الأهم..وش أخبارك ألحين وش تحس فيه؟؟؟...
أبو محمد يناظر السقف:احس إن نهايتي قربت يا بنت فيصل...
شذى دموعها تنزل:لا لا تقول كذا يا يباه...من لنا غيرك لو تروح... الله يطول عمرك..ويخليك ذخر لنا...بس تكفي يباه لا تقول هذا الكلام حرام عليك والله إني أحسه سكاكين بقلبي...
أبو محمد:بسم الله عليك يا شذى..اهم شي إنك مانتي شايله علي شي؟؟؟...
شذى تصيح:أشيل على الدنيا كلها ولا أشيل عليك...يباه..
أبو محمد:سمي....
شذى:أبيك توعدني إنك تحاول تقوم من اللي فيك..وترجع لنا مثل أول...
أبو محمد سكت وما قال شي...بس تم يناظر في بنته وحيدته...
شذى تكمل ودموعها تنزل وتقول بعبره:أبيك تقوم يا يباه..وتشوف ولدي اللي بجيبه...يباه أبيك تكون يمي لمن أصير أم أبي ولدي يتعلم من جده منك يباه...
أبو محمد يبتسم بوهن:الله يسمع منك يا شذى...
أما تركي كان يناظر موقف شذى مع أبوها حس بالحزن يعصر قلبه..حس إن المشهد مؤثر لحد البكاء...
تركي بهدوء:الحمدلله على السلامه يابو محمد...
أبو محمد:حياك يا تركي...
راح تركي سلم على أبو محمد..وقعد يساله عن أخباره مع تعبه الشديد.. أما شذى فقعدت تصيح بحزن بألم...كانت تشوف أبوها في قمة ضعفه في قمة وهنه...كانت تشوف الأب القوي اللي ما يقهر طايح بكل تعب ووهن على الفراش...
أبو محمد إنتبه لبنته...وقالها:شذى خلاص لا تصيحين..
تركي:شذى خلاص..أبوك ترى ما بيأثر عليه كثر دموعك...
شذى تحاول تمسح دموعها...
وبعد فترة بسيطه جاتهم النيرس مع الطبيب وطلعوم من عند أبو محمد... لأنهم أثروا على صحته بوجودهم...
أول ماكبوا السيارة...قعدت شذى تصيح على أبوها تذكرت شكله وهو يدعوها ويوصيها على عمرها واللي في بطنها...صدق عاطفة الأبوة تطلع في أصعب اللحظات تذكرت لمن ضمها قبل ما تطلع...يالله كانت أول مره في حياتها أبوها ياخذها بحضنه...بس شكلها بتكون تجربه يتيمه...
تركي يهديها:خلاص شذى كفايه...شوفي شلون طلعوك من عنده لأنك أثرت عليه...
شذى:ما قدرت امسك نفسي ما قدرت أطلع اللي بقلبي....تركي مانت حاس فيني ولا بموقفي..


***


في نفس الليله...
أبو بندر عرف السالفه من أم بندر..قالها تركي قبل لا يسافر...
ابو بندر متفاجأ:وش تقولين يا أم بندر؟؟؟...
أم بندر:أبو محمد...طاح تعبان...
أبو بندر:من متى...وليه ماقالي تركي...
أم بندر:هو سافر مع مرته الليله...عشان تشوف أبوها...
أبو بندر:طيب ليه ما خبرني قبل لا يروح...
أم بندر:كان مستعجل...ووصاني أقولك...
أبو بندر:والله ما يستاهل أبو محمد...
أم بندر:قول أستغفر الله يا بو بندر...هذا قضاء الله وقدره...
أبو بندر بتراجع: أستغفر الله...اللهم لا تواخذنا باللي قلنا...

***

وقفوا قدام البيت كانت الساعه وحده بالليل...
تركي:وش رايك نروح الفندق..وبكره نجي لأهلك اكيد ناموا...
شذى وهي تناظره:لأ بنزل لأهلي...
تركي:بس هم أكيد نايمين لا تنسين بكره دوامات...
شذى وهي نازله:انا بنزل...إذا بتجي معي حياك....
تركي وهو نازل:بوصلك..وبأسلم عليهم...وبعدها بروح للفندق...
ما ردت شذى عليه...وراحت تدق الجرس...كانتمتوترة لدرجة إنها نست تدق عليهم من جوالها...بس من زمان عن بيتهم من يوم عرسها...لمن طلعت من بيتهم بالعصر...وهي مستغرقه بأفكارها إلا ينفتح الباب...
سعود وهو يناظر تركي وشذى وهو مستغرب:هـــلا...
شذى وهي تدخل مع تركي:هلا والله سعود شخبارك؟؟؟...
سعود:الحمدلله...سلامة الأسفار..
شذى:الشر ما يجيك...
وبعدها سلم تركي على سعود كان سلامهم بارد خصوصا بعد ملكة تركي على سلمى...
عكس شذى اللي سلمت على سعود داخل بالحوش بحرارة...دخلوا كان البيت هاديء جدا...حست شذى بمثل الحنين هذيك اللحظه لهالبيت...
شذى بهدوء:وين الباقي يا سعود؟؟؟...
سعود:محمد نايم...وأمي نايمه بعد...
شذى:لا يكون سويت إزعاج...
سعود بهدوء:لا ما أزعجيتيني...
تركي حس وجوده مهمل...حقد من قلبه عليهم...
تركي:أجل يله أنا أستئذن...
سعود ببرود:على وين...
تركي:بروح..بس حبيت أوصل شذى...شذى توصين على شي...
شذى تناظره ببرود بعد:ســلامتك...
تركي وهو طالع:مع السلامه...
طلع من عندهم وهو حاقد عليهم...عاذرهم بداخل نفسه..بس بنفس الوقت تركي مومتعود حد يعامله كذا...خصوصا سعود...و شذى؟؟؟...
بعد ما طلع من عندهم تركي...راح سعود وشذى قعدوا بالمجلس عشان مايسوون إزعاج...
سعود:مريتي على أبوي؟؟؟...
شذى:إيه مريت عليه...
سعود:كيف دخلوك؟؟؟...
شذى: قعدنا فوق راسهم إلين دخلونا....
سعود:طيب كيف شفتيه؟؟؟...
شذى بحزن وهي تطالع الجهه الثانيه:تعبان يا سعود..تعبان بمعنى الكلمه..
سعود يخفف عنها:أنا جيته اليوم العصر..وهو بخير كان والحمدلله..
شذى:أتمني هذا يا سعود اتمنى هذا الشي...
سعود:طيب ما ودك تريحين بعد السفر...
شذى:إلا بس ودي أشوف أمي...
سعود:أمي نايمه...
شذى وهي قايمه:خلاص يالله تصبح على خير...بروح أنام من جد تعبانه...
سعود:تصبحين على خير...
راح سعود بعدها غرفته اللي بالدور الأول...
اما شذى دخلت الصاله...قعدت تناظر حولها كل شي..حست بالحزن والحنين لهذا البيت يزيد لحظه عن لحظه...مع بساطته حست فيه بالراحه النفسيه...عكس قصر تركي..والمشاكل اللي شافتها فيه...
طلعت بهدوء..هي تبتسم بحزن..تبتسم للذكريات...تشوف نفسها بكل زاويه بهالبيت...طلعت وراحت للدور ثاني...راحت لغرفتها تبي تنام..بس لقتها مقفله...ناظرت لأخر الممر شافت جناح مريم ومحمد أخوها..إبتسمت غصب عنها..تذكرت مريم...حست حتى هي لها مثل الحنين بقلبها... صدق على مشاكلهم بس حست ببساطة مشاكلها مع مريم...مقارنه مع فاطمه وعايشه وسلمى؟؟؟؟...
بعدها قعدت واقفه...ما تدري وين تروح...بغت تروح لغرفة امها بس خافت تصحيها من نومها...بس ما منعها فضولها إنها تروح لغرفة امها...وقفت عندها وسعت صوت إذاعة القرآن...حست بمثل الحركه داخل عرفت منها إن أمها صاحيه...دقت الباب...وبعدها سمعت جواب أمها صوت أمها الحنون...
ام محمد:مين...
شذى ما قدرت إلا إنها تفتح الباب...
أول ما دخلت شافت امها قاعده وهي لابسه جلال الصلاه... وجالسه تسمع إذاعة القراى بكل خشوع وطمأنينه...
ام محمد بفرح ممزوج مع إستغراب:شـــذى...
شذى وهي رايحه لأمها:إيه شذى يمه...شخبارك يالغاليه...
راحت شذى وسلمت على امها...وباستها على راسها ويدها...
وبعد ماسلموا على بعض وقعدوا سوالف...
أم محمد:متى وصلتي يا شذى...
شذى:توني واصله من قبل نص ساعه تقريبا...
أم محمد:ليه ما جيتيني من البدايه...
شذى:سعود قالي إنك نايمه...
أم محمد:والله تو مانورت الدار بك يا الغاليــه...
شذى:إلا شخبارك يمه بعد تعب أبوي؟؟؟...
أم محمد بحنين:ادعوا الله سبحانه بآخر هالليل إنه يقومه سالم مثل اول وأحسن...
شذى:إنشالله يمه...عاد توني جيت من عنده...
أم محمد:هاه أخباره يا شذى؟؟؟....
شذى بحزن مرسوم في عيونها:بخير...إنشالله بخير...
أم محمد:خلاص يا شذى روحي إرتاحي وبكره لاحقين على القعده مع بعض...
شذى:يمه أبي أقعد معك شوي...
أم محمد بحنان:لا روحي تكفين نامي...ما تشوفين وجهك شلون صاير من التعب...
شذى:خلاص طيب...بس وين مفتاح غرفتي قبل شوي رحت لها ولقيتها مقفله...
أم محمد تبتسم:عندي مفتاح غرفتك...
وقامت تجيبه من الدولاب...
أم محمد وهي تعطيه شذى:أقفلها من ريم ورنا لا يلعبون فيها...
شذى تبتسم:إلا شخبارهم يا قلبي عليهم نسيتهم...
ام محمد:هم بخير...
بعدها سلمت شذى على امها وراحت غرفتها وهي تطالع بميدالة مفتاحها نفسها باقي على الدبدوب لصغير المعلق عليها فتحت الغرفه...وشافت كل شي على حطة يدها..بإستشناء إنها مرتبه...قعدت تطالع غرفتها...حست بمثل البكاء...من جد تبي هذيك الأيام ترجع..تبي ترجع تعيش بهالغرفه... ما عاد تبي الرياض...بعدها تذكرت إنها نست شنطتها مع تركي مانزلتها معها...راحت لدولابها و فتحته شافت ملابسها القديمه...حست بمثل الغصه...أخذت لها بيجاما وراحت لبستها..وبعدها نامت...وهي تفكر بين حاضرها وماضيها....ومستقبلها مع اللي في بطنها...


***