؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ خطبهـا - عليها السلام - ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
لقضية الحسين عليه السلام جانبان:
الأول: جانب التضحية والفداء
والقتال في سبيل الله تعالى, والصبر على البلاء, وقد وقع هذا الجانب على الرجال, على الحسين - عليه السلام -, وأهل بيته, وأصحابه, فصبروا وقاتلوا مقتدين بقول سيدهم " لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل, ولا أقر لكم اقرار العبيد ".
الثاني: جانب التبليغ
وتعريف الأمة بحقيقة الأمر, وقد وقع الكاهل الاعظم من هذا الجانب على نساء أهل البيت - عليهم السلام -, وبالأخص زينب - سلام الله عليها -. فبالإضافة لما مر من كلامها في كربلاء والكوفه والشام, و أثناء الوقائع والأحداث, لها خطبتان مشهورتان في الكوفه والشام.
¯¨'*·~-.¸¸,.-~*' ( خطبتها - عليها السلام - في الكوفه ) ¯¨'*·~-.¸¸,.-~*'
قال حذيم الأسدي: لم ار والله خفرة قط انطلق منها, كأنها تنطق وتفرغ عن لسان علي - عليه السلام -, وقد اشارت إلى الناس بأن أنصتوا, فارتدت الأنفاس, وسكنت الأجراس, ثم قالت بعد حمد الله تعالى, والصلاة على رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -:
" أما بعد ياأهل الكوفه, يا أهل الختل والغدر و الخذل, أتبكون!! فلا رقأت العبرة, ولاهدأت الزفرة, إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا, تتخذون أيمانكم دخلا بينكم, هل فيكم إلا الصلف و العجب والشنف و الكذب وملق الإماء وغمز الأعداء, أو كمرعى على دمنة, أو كقصة على ملحودة, ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم, أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون أخي؟! أجل والله فابكوا فإنكم أحرى بالبكاء, فابكوا كثيرا و اضحكوا قليلا, فقد ذهبتم بعارها, ومنيتم بشنارها, ولن ترحضوها أبدا, وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة, ومعدن الرسالة, وسيد شباب أهل الجنة, وملاذ حربكم, ومقر سلمكم, وأسى كلمكم, ومفزع نازلتكم, والمرجع اليه عند مقاتلتكم, ومدرة حججكم, ومنار محجتكم.
ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم, وساء ماتزرون ليوم بعثكم, فتعسا تعسا, ونكسا نكسا, لقد خاب السعي, وتبت الأيدي, وخسرت الصفقة, وبؤتم بغضب من الله, وضربت عليكم الذلة والمسنكة.
أتدرون وليكم أي كبد لمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - فريتم؟! وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي حرمة له هتكتم؟! وأي دم له سفكتم؟! لقد جئتم شيئا إدّا, تكاد السماء يتفطرن منه, وتنشق الأرض؛ وتخر الجبال هدّا. لقد جئتم بها شوهاء, صلعاء, سوداء, فقماء, فرقاء, كطلاع الأرض أو ملء السماء.
أفعجبتم أن تمطر السماء دما, ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون, فلا يسخفنكم المهل, فإنه عز وجل لا يحفزه البدار, ولايخشى عليه فوات الثار, كلا إن ربك لبالمرصاد ".
ثم أنشأت تقول :
ماذا تقولون اذ قال النبي لكم ماذا صنعتم وأنتم آخر الامم
بأهل بيتي وأولادي وتكرمتي منهم أسارى ومنه ضرجوا بدم
ماكان ذاك جزائي اذ نصحت لكم أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
اني لأخشى عليكم أن يحل بكم مثل العذاب الذي أودى على رام
قال حذيم: فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم, فالتفت إلى شيخ في جانبي يبكي وقد اخضلت لحيته بالبكاء, ويده مرفوعه إلى السماء وهو يقول: بأبي أنتم وأمي, كهولهم خير كهول, ونساؤهم خير نساء, وشبابهم خير شباب, ونسلهم نسل كريم, وفضلهم فضل عظيم.
ثم أنشد:
كهولهم خير الكهول ونسلكم إذا عد نسل لايبور ولا يخزى
¯¨'*·~-.¸¸,.-~*' ( خطبتها - عليها السلام - في الشام ) ¯¨'*·~-.¸¸,.-~*'
لما سمعت زينب بنت علي - عليهما السلام - يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعري:
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل
قد قتلنا القوم من سادتهم وعدلنا ببدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف إن لم أنتقم من بني أحمد ماكان فعل
قالت: الحمد الله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين, صدق الله سبحانه حيث يقول:{ ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذّبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون }. * سورة الروم، آية:10 *
أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء, فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى, أن بنا على الله هوانا وبك عليه كرامة, وأن ذلك لعظم خطرك عنده, فشمخت بأنفك, ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حين رأيت الدنيا لك مستوسقة, والأمور متسقة, وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا. مهلا, أنسيت قول الله تعالى:{ ولاتحسبنّ الذين كفورا إنّما نملي لهم خيراً لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين }. * سورة آل عمران، آية: 178 *
أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك و إماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا, قد هتكت ستورهن و أيديت وجوههن, تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد, ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل, ويتصفح وجوههن القريب والبعيد, والدني والشريف, ليس معهن من حماتهن حمي, ولا من رجالهن ولي, وكيف يرتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء, ونبت لحمه من دماء الشهداء, وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن, والإحن والأضغان, ثم تقول غير متأثم ولامستعظم:
لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل
منحنيا على ثنايا أبي عبدالله سيد شباب أهل لبجنة تنكتها بمخصرتك, وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة, واستأصلت الشأفة, باراقتك دماء ذرية محمد - صلى الله عليه وآله وسلم , ونجوم والأرض من آل عبد المطلب, وتهتف بأشياخك, وزعمت أنك تناديهم, فلتردن وشيكا موردهم, ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت.
الله خذ لنا بحقنا, وانتقم ممن ظلمنا, وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا. فولله ما فريت إلاجلدك, ولاخززت إلا لحمك, ولتردن على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بما تحملت من سفك دماء ذريته, وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته, حيث يجمع الله شملهم ويلم شعتهم ويأخذ بحقهم { ولاتحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون } * سورة آل عمران، آية: 169 *
وحسبك بالله حاكما, وبمحمد - صلى الله عليه و آله وسلم - خصيما, وبجبرائيل ظهيرا, وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين, بئس للظالمين بدلاً, وأيكم شر مكانا وأضعف جندا. ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك, إني لأستصغر قدرك, واستعظم تقريعك, واستكثر توبيخك, ولكن العيون عبرى والصدور حرى.
ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء, فهذه الأيدي تنطف من دمائنا, والأفواه تتحلب من لحومنا. وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل, وتعفرها أمهات الفراعل, ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما, حين لا تجد إلا ما قدمت يداك , وما ربك بظلام للعبيد, وإلى الله المشتكى وعليه المعول.
فكد كيدك, واسع سعيك, وناصب جهدك, فوالله لا تمحو ذكرنا, ولا تميت وحينا, ولا يرحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند, وأيامك إلاعدد, وجمعك إلا بدد, يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين, والحمد الله رب العالمين, الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة, ولآخرنا بالشهادة والرحمة, ونسأ الله أن يكمل لهم الثواب, ويوجب لهم المزيد, ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود, وحسبنا الله ونعم الوكيل ".
فقال يزيد:
يا صيحة تحمد من صوائح ما أهون النوح على النوائح