{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ٌ}
القرآن الكريم أشار من خلال الآيات المباركة و التي تشير إلى العلم والتعلم ودور العلماء في العمل الاجتماعي أشار إلى الكثير من الواجبات التي تكون على العالم تجاه المجتمع ومن هنا نقول
يدور في أذهان الكثير من الناس في هذه الأيام وبفعل المتغيرات التي يعيشها المجتمع سواء كانت على الصعيد السياسي أم على الصعيد الديني ما هو دور العلماء أو رجال الدين في هذه المرحلة ولا شك أن هذه المرحلة من الزمن هي من أصعب المراحل التي يعيشها المجتمع الإسلامي ولا سيما العلماء بسبب الوضع السياسي الذي نعيشه في هذه الفترة من الزمن وكذلك بسبب دخول ما يسمى بالعولمة بشتى أقسامها المقبول والمرفوض ولأن العلماء هم المطالبون بالعمل بعلمهم هنا تقع عليهم بعض المسؤوليات منها :
المسؤولية الأولى : ما هو دور العالم في المجتمع
في الرواية عن الرسول ( ص ) { ما أخد الله على الجهال أن يتعلموا حتى أخد على العلماء أن يعلموا }من خلال هذه الرواية كان الناس ومنذ زمن الرسول الكريم يأخذون تعاليم أمورهم في الدين والدنيا والسياسة وغير ذلك من الرسول ومن ثم من الأئمة الطاهرين حتى وصلت بهم الحال إلى عصر الإمام العسكري حتى قال سلام الله عليه في الرواية المشهورة عنه " فأما الحوادث الواردة عليكم فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فهم حجة الله عليكم وأنا حجة الله عليهم" و حتى عصر الإمام الحجة فكان الناس يأخذون التعاليم من السفراء الأربعة باعتبارهم الوسيلة للإمام في ذلك الوقت حتى تعارف الناس على هذا فكانت الخطوة الأولى لعلماء الدين بعد عصر الغيبة الصغرى فأصبح الناس يلتجئون للعلماء في كافة أمورهم وهذا هو دور العلماء فمن يبحث في التاريخ يجد الكثير من العلماء الذين ساندوا الأمة ليس فقط بدورهم في الفتاوى وإنما حتى في الجهاد فمن هنا يمكن القول هل يقتصر دور العالم فقط على المسجد فيصلي بالناس الجماعة فقط أم أن الأمة في حاجةٍ ملّحةٍ للتعرف على الرؤية الإسلامية في قضايا الساحة فالناس هذه الأيام ليست كالسابق لا تريد من العالم إلا الحكم الشرعي لمسائل الصلاة أو الصوم أو ما شابة ذلك فالناس في هذه الأيام يعيشون في مرحلة التطور الفكري والتطور الحياتي فلا يمكن أن يتعاطوا مع قضايا هذه المرحلة إلا وفق المنظور الشرعي خوفاً من الوقوع في المنزلقات الفكرية التي تبعدهم عن المساراته الأصيلة وتقوده إلى الارتباك والتخبط وربما تسقطه في دروب التيه والضلال وهنا يأتي دور عالم الدين سواء كان من المسجد أو من الكتاب أو من اللقاءات الشخصية أو اللقاءات عبر المنتديات والمسؤولية الإسلامية تفرض علينا أن نعيش هذا الحضور الدائم مع الأمة وهذه اللقاءات تؤكد الحضور الفاعل للأمة وبمقدار ما تكون الأمة حاضرة وبمقدار ما يكون هذا الحضور فاعلاً وتكون مساهمة الأمة في إنجاح الدور العلمائي الهادف إلى صياغة الواقع الروحي والأخلاقي والثقافي والاجتماعي والسياسي بما يتوافق مع أحكام الشريعة ومفاهيم القرآن وقيم الدين وهذه اللقاءاتُ تعزز روح الثقة بين علماء الدين وجماهير الأمة وتقوى حالة التواصل وكلما تعززت هذه الروح وتقوّت حالة التواصل أعطى ذلك للمشروع العلمائي قدرة التحرك وقدرة التأثير كما وأعطى للأمة قدرة الانفتاح على هذا المشروع مما يوفر له الحماية في مواجهة كل المحاولات المناهضة والهادفة إلى إجهاض المشروع وهذه اللقاءات انفتاح على هموم الناس الفكرية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية فهي لقاءات صريحة تعطي للناس حرية التعبير وحرية السؤال وحرية الحوار ومن خلال هذه الأجواء المنفتحة الصريحة يستطيع الناس أن يتحدثوا عن كل الأفكار التي تجول في أذهانهم وم التي تتحرك في داخلهم وعن كل التساؤلات والإشكالات التي تقلقهم .
المسؤولية الثانية: خطابالوحدة
خطاب الوحدة هو أحد مسؤوليات المرحلة وأحد ضرورات المشروع الإسلامي {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا } وبمقدار ما يكون هذا الخطاب قادراً على التعاطي مع قناعات الأمة يحقق دوره الفاعل في نجاح المشروع الإسلامي وحماية منجزات المرحلة وهنا تتأكد مسؤولية علماء الدين في تأصيل خطاب الوحدة وصياغة مضمونه للإسلامي المرتكز على البر والتقوى{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} فأي صيغة للتقارب لا تتأسس على "البر والتقوى" بكل ما للبر والتقوى من امتدادات واسعة ودلالات كبيرة فهي صيغة مرفوضةوالإسلام يتناغم مع كل خطابات الوحدة ما دامت لم تتأسس على "الإثم والعدوان" ومادامت لم تتحول إلى عصبيات منغلقة وطائفيات منغلقة ومذهبيات منغلقة ومؤسسات منغلقة وتجمعات منغلقة وفي سياق التأسيس لخطاب الوحدة.
المسؤولية الثالثة : دور العالم في تعريف الناس بالحكم الشرعي الواضح
يقع الناس في كثير من الأحيان في لبس بين هذا العالم وبين ذاك العالم في اختلاف الإجابة فبعض العلماء قد يفتي السائل على رأي مرجع قلده ذاك العالم ولكن لم يقلده السائل فيسأل مرة ثانية فيسمع جوابا آخر فعليه لابد للسائل أن يخبر العالم على رأي من هو يرد الجواب هذا من جانب ومن جانب آخر قد يجيب العالم حسب ما يرتضيه هو أي يجيب من باب الحكم الثانوي لا من باب الحكم الأولي مثال على هذا الكلام كثير من الأمور مثل الستلايت وغير ذلك (((على كل حال ذكرتها للمثال فقط))) وغير ذلك فبعيدا عن فتوى المرجع فيها ترى بعض رجال الدين يفتون بغير فتوى المرجع عندما تسأله لماذا يقول هذا من باب الحكم الثانوي أي بمعنى الحكم العرضي وليس الحكم الأصلي فنكون مثل السنة هم عندهم قاعدة درء المفسدة أولا من جلب المصلحة ؟؟؟ فبدلا من أن تحرموا على الناس مباشرة ثم يبحثون فيجدون خلاف ما قلتم فيقولون إما أن علمائنا لا يفقهون أم أن علمائنا يكذبون فكذلك الكلام بالنسبة للناس يجب على العالم أن يخبر الناس بالحكم فبعض الأحكام تكون موضوعية تختلف من شخص لأخر حسب تشخيص الموضوع .
المسؤولية الرابعة :إنضاج الوعي الديني في المجتمع
ويتم ذلك من خلال طرح الدروس والخطب والمحاضرات والكتابات وكذلك من خلال التواصل مع رجال الدين باعتبارهم يشكلون شريحة من أهم شرائح المجتمع بما تملكه من مميزات علمية واجتماعيةودينية وإن كان المجتمع بجميع شرائحه معني بممارسة الرقابة الدينية من خلال تطوير البرامج الدينية سواء كان على الصعيد الديني أم كان على الصعيد الأخلاقي أم كان على الصعيد الثقافي أم كان على الصعيد الاجتماعي ومن خلال كل هذه التوضيحات يمكن للمجتمع بعد ذلك أن يتصدى لكل أنواع الفاسد القائم في المجتمع وكذلك يحق لكل فصائل المجتمع أن يعمل في ضمن المشروع الإصلاحي وفي الختام نسأل الله أن يمن على هذه الأئمة بالهداية والصلاح.
ودمتم بألف خير
المفضلات