[يتبع %
وفي ميزان الحكمة ج 5 ص 571 ورد عن علي – ع – أنه قال : من تواضع قلبه لله لم يسأم بدنه من طاعة الله تبارك وتعالى , وفي الخطبة 120 من النهج قال : لو قد عاينتم ما عين من مات منكم لجزعتم ووهلتم وسمعتم واطعتم .
إن أفضل الطاعات كما عبر عنها عليه السلام هي العزوف عن اللذات أي أهواء النفس , وبذلك فإن من أطاع الخالق عن يقين لا يهتم بفعل وقول المخلوق الآثم اللئيم , ورغم كل ذلك نرى ان هذا الآثم والمفسد والمضل يعود في ساعات الشدة إلى المولى تبارك وتعالى لأنه عاجز عن تحقيق أمانيه لكنه مصر على المعصية ولا يستغني عن المولى تبارك وتعالى وقد اشار مولاي الأمير إلى ذلك بقوله عليه السلام : من احتاج إليك كانت طاعته الحاجة إليك , من هنا فأي منا طائع أم عاص لا يحتاج إلى رحمة الله تعالى ؟ وكيف بنا ستشملنا رحمته عندما نكون عاصون مستهترون في أوامره وسبله التي بينها لنا على لسان نبيه وأهل بيته عليهم السلام والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى وأهمها عامود الدين الصلاة فما أن يناد المناد ويدعونا إلى الصلاة حتى نلبي نداء الشيطان ( بكير هلق بتصليها ) والله تبارك وتعالى يقول في سورة المؤمنون ( 1 ) قد أفلح المؤمنون إلى أن يقول في الآية ( 8 ) والذين هم على صلواتهم يحافضون .
يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة آل عمران الآية ( 32) { قُل أطيعُوا الله والرسُول فإن تولوا فإن الله لا يُحب الكافرين} , وفي الآية ( 132 ) { وأطيعُوا الله والرسُول لعلكُم تُرحمُون} , ومن خلال هذا الأمر الإلهي يتبين لنا بأن إطاعة المولى تبارك وتعالى تظهر لنا من خلال إطاعة الرسول وقد قرن المولى إطاعته بإطاعة الرسول أي الولي وإن مخالفة أمر الرسول ما هي إلا مخالفة لأمر الله تعالى وبمخالفة ذلك فإن المنزلة التي سيحل فيها هذا المخالف هو منزلة الكافر و وفي الآية 132 يؤكد المولى تبارك وتعالى على أن الرحمة الإلهية لا يمكن أن تشمل الإنسان إلا من خلال إطاعته لله ولرسوله – ص - , وأما في سورة المائدة الآية ( 92) فنرى أن المولى تبارك وتعالى يحذرنا من عدم إطاعته ورسوله والإعراض عن العمل بما امرنا وهو قوله تعالى : { وأطيعُوا الله وأطيعُوا الرسُول واحذرُوا فإن توليتُم فاعلمُوا أنما على رسُولنا البلاغُ المُبينُ} .
وفيما خص الحفاظ على الحقوق العامة , ومن أجل إيجاد عنصر قوة لا يضاهيه شيىءٌ أشار المولى تبارك وتعالى إلى ذلك وجعل الطاعة عنصرا رئيسيا لتحقيق ذلك وهو قوله تعالى : { وأطيعُوا الله ورسُولهُ ولا تنازعُوا فتفشلُوا وتذهب ريحُكُم واصبرُوا إن الله مع الصابرين} , وأما قوله تعالى ( واصبرُوا إن الله مع الصابرين ) فما هو إلا دليل على أن صفوف الأمة ستبتلى بأشخاص سيسيئون إلى أشراف الأمة ربما بأفعالهم أو أقوالهم وربما في الإثنين معا , وهنا لا بد من الصبر على أذاهم وتصرفاتهم , لأن دخول هؤلاء في صفوف المؤمنون المتآخون ما هو إلا مصلحة دنيوية خاصة , ولا بد من أن يكشف عنها القناع يوما ما , وربما يصل بعض هؤلاء إلى مواقع نافذة في إدارة شؤون الأمة ورغم كل ذلك لا بد من الصبر على أذى هؤلاء الجهلة المساكين , ولكن ما ورد في الحديث القدسي والآيات القرآنية المباركة كقوله تعالى : إذا عصاني من خلقي من يعرفني سلطت عليه من خلقي من لا يعرفني كفيل بأن يقضي على هؤلاء وأمثالهم إذا ما تابوا وأصلحوا وعملوا صالحاً , وبذلك تذوب وتنتهي هذه العناصر المندسة في صفوف الأمة ويريح الله منها البلاد والعباد المؤمنين إذا لزموا هذا الخط القرآني المبارك الذي أكد عليه رسول الله وأهل بيته عليهم السلام وإلا فما هم إلا فتنة سلطتهم الشيطان على هذه الأمة ليلعن بعضهم بعضا ويقضي بعضهم على بعض ويتبرأ بعضهم من بعض وسبب كل ذلك هو معصية الله ورسوله وأولي الأمر وإطاعة الشيطان وجنوده المفسدون في الأرض .
روي عن مولانا أبا عبد الله ( ع ) قال : ما تنبأ نبي قط حتى يُقر لله بخمس خصالٍ : البداء والمشيئة والسجُود والعُبُودية والطاعة .
وقال عليه السلام : السمعُ والطاعةُ أبوابُ الخير السامعُ المُطيعُ لا حُجة عليه و السامعُ العاصي لا حُجة لهُ وإمامُ المُسلمين تمت حُجتُهُ واحتجاجُهُ يوم يلقى الله عز و جل .
وعن معنى قوله عز وجل : فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب , فقال : النبُوة قُلتُ الحكمة ؟ قال الفهم والقضاء , قُلتُ وآتيناهُم مُلكاً عظيماً فقال الطاعة .
وعن أبي جعفرٍ ( ع ) قال : ذروةُ الأمر وسنامُهُ ومفتاحُهُ وبابُ الأشياء ورضا الرحمن الطاعةُ للإمام بعد معرفته , إن الله عز وجل يقُولُ : من يُطع الرسُول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً , أما لو أن رجُلا قام ليلهُ وصام نهارهُ وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيُواليهُ ويكُون جميعُ أعماله بدلالته إليه ما كان لهُ على الله جل وعز حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان , وهنا يبرز بوضوح لزوم التقليد الذي يعتبر بابا رئيسيا للولاية المطلقة التي امرنا بها , وورد ايضاً في الزيارة الجامعة لجميع الأئمة عليهم السلام ( وبمُوالا تكُم تُقبلُ الطاعةُ المُفترضةُ و لكُمُ المودةُ الواجبةُ و الدرجاتُ الرفيعةُ و المقامُ المحمُودُ و المقامُ المعلُومُ عند الله عز و جل و الجاهُ العظيمُ و الشأنُ الكبيرُ و الشفاعةُ المقبُولةُ , وورد عن سيدة نساء العالمين قولها في خطبتها المشهورة والطاعة نظاما للملة .
عن رسُولُ الله - ص - الصبرُ ثلاثةٌ : صبرٌ عند المُصيبة , وصبرٌ على الطاعة , وصبرٌ عن المعصية , فمن صبر على المُصيبة حتى يرُدها بحُسن عزائها كتب اللهُ لهُ ثلاثمائة درجةٍ ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء إلى الأرض , ومن صبر على الطاعة كتب اللهُ لهُ ستمائة درجةٍ ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تُخُوم الأرض إلى العرش , ومن صبر عن المعصية كتب اللهُ لهُ تسعمائة درجةٍ ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تُخُوم الأرض إلى مُنتهى العرش .
يتبع %
المفضلات