خبرته الطويلة و أمانته. و مع الأيام توطّدتْ العلاقة بين وليد
و السيّد أسامة الذي عرف حقيقة وليد و أخلاقه و استقامته.
و صار يقدّره و يتعامل معه بكل الاحترام و المحبّة.
أما بقيّة موظفي المصنع و الشركة، فكانتْ مواقفهم تجاه وليد متباينة
و كنتُ في خشية على وليد من ألسنتهم.
غير أن وليد تصرّفَ بشجاعةٍ و لم يعرْ كلامهم اهتماماً حقيقياً
و أثبتَ للجميع قدرته على الصمود و تحمُّل مسؤولية العمل مهما كانتْ الأوضاع.
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
لوّحتُ لسيف بيدي و أسرعتُ نحو غرفة رغد.
وجدتُها لا تزال نائمةً... و إلى جوارها تجلسُ أروى و الخالة.
سألتهما عما إذا كانت قد استيقظتْ فأجابتا بالنفي...
اقتربتُ منها فإذا بأروى تمدّ يدها إليّ بهاتفي المحمول و تقول:
" تفضّل.. جلبته معي لكَ "
تناولتُ الهاتف و جلستُ على مقربة أتأمل وجه رغد...
و ألقي نظرةً بين الفينة و الأخرى على شاشةِ جهاز النبض الموصول بأحد أصابعها...
بعد قليل مرّتْ الممرّضة لتفقّد أحوال رغد و نزعتْ الجهاز عنها. خاطبتها :
" كيف هي ؟ "
أجابتْ :
" مستقرة "
قلتُ :
" و لماذا لا تزال نائمة ؟ "
قالتْ :
" يمكنكم إيقاظها إن شئتم "
و بعد أن غادرتْ بقينا صامتين لوهلة... ثم التفتُّ نحو أروى و سألتها:
" كيف وقعتما ؟ "
ظهر التردد على وجه أروى و اكتسى ببعض الحمرة... ما أثار قلقي...
ثم تبادلتْ نظرة سريعة مع خالتي و نطقتْ أخيرا :
" كنا... واقفتين على الدرجات... و... تشاجرنا... ثمّ..."
قاطعتها و سألتُ باهتمام :
" تشاجرتما ؟؟ "
أومأتْ أروى إيجابا... و سمعتُ خالتي تُتمتم:
" يهديكما الله "
قلتُ بشغف :
" في ذلك الوقت المتأخر من الليل؟؟ و على عتبات السلم؟؟ "
و تابعتُ :
" لأجل ماذا؟؟ و كيف وقعتما هكذا؟؟ "
قالتْ أروى مباشرةً و باختصار:
" كان حادثاً... عفوياً "
انتظرتُ أن تفصّل أكثر غير أنها لاذتْ بالصمت و هربتْ بعينيها منّي...
قلتُ مستدرّاً توضيحها:
" و بعد؟ "
فرمقتني بنظرة عاجلة و قالتْ :
" مجرّد حادثٍ عفوي"
انفعلتُ و أنا ألاحظ تهربّها من التفصيل فقلتُ بصوت ٍ قوي :
" مجرد حادثٍ عفوي؟؟ اُنظري ما حلّ بالصغيرة... ألم تجدي وصفاً أفظع من (حادث عفوي)؟؟ "
نطقتْ أروى في وجس :
" وليد ! "
فرددتُ بانفعال :
" أريد التفاصيل يا أروى؟ ما الذي يجعلكِ تتشاجرين مع رغد في منتصف الليل
و على عتبات السلم ؟؟ أخبريني دون مراوغة فأنا رأسي بالكاد يقف على عنقي الآن "