" رغد "
هتفتُ بهلع، فردتْ :
" تؤلمني بشدة... آي... لا تلمسها "
فوجهتُ يدي إلى يدها اليسرى :
" و هذه؟ أتؤلمك؟ "
" كلا "
فأمسكتُ بها و أنا أقول:
" إذن... دعيني أساعدكِ على النهوض"
رغد حركتْ رأسها اعتراضا و قالتْ:
" لا أستطيع... قدمي ملتوية... تؤلمني كثيرا... لا أستطيع تحريكها "
و نظرتْ نحو قدمها ثم سحبتْ يدها اليسرى من يدي و أمسكتْ برجلها اليسرى بألم
و كانتْ قدمها ملوية إلى الداخل، يخفي جوربها أي أثر لأي كدمة أو خدش أو كسر...
قلتُ :
" سأحاول لفها قليلا "
و عندما حركتها بعض الشيء... أطلقتْ رغد صرخة قوية ثقبتْ أذني و أوقفتْ نبضات قلبي...
يبدو أن الأمر أخطر مما تصورتُ ... ربما تكون قد أصيبتْ بكسر فعلا...
تلفتُ يمنة و يسرة في تشتت من فكري... كانت أروى متسمّرة في مكانها في فزع...
بدأ العرق يتصبب من جسمي و الهواء ينفذ من رئتيّ... ماذا حلّ بصغيرتي ؟؟
التفت ُ إلى رغد بتوتر و قلتُ:
" سأرفعكِ "
و مددتُ ذراعي بحذر و انتشلتُ الصغيرة من على العتبة و هي تصرخ متألمة...
و هبطتُ بها إلى الأسفل بسرعة...
و أثناء ذلك ارتطمتْ قدمي بشيء اكتشفتُ أنه كان هاتفي المحمول
ملقى ً أيضا على درجات السلم...
حملتُ رغد إلى غرفة المعيشة و وضعتها على الكنبة الكبرى...
و هي على نفس الوضع تعجز عن مد رجلها
أو ثنيها... أما يدها اليمنى فقد كانتْ تبقيها بعيدا خشية أن تصطدم بي...
" رغد... "
ناديتها باضطراب...
لكنها كانتْ تكتم أنفاسها بقوة حتى احتقن وجهها وانتفختْ الأوردة في جبينها...
و برزتْ آثار اللطمات التي أمطرتها بها صباحا أكثر...
حتى شككتُ بأنها آثار جديدة سببها الدرج من شدّة توهجها...
بعدها انفجر نفَس رغد بصيحة قوية قطّعت حبالها الصوتية...
قلتُ مفزوعا :
" يا إلهي... يجب أن آخذك إلى الطبيب "
وقفتُ ثم جثوتُ على الأرض ثم وقفتُ مجددا...
خطوتُ خطوة نحو اليمين و أخرى نحو اليسار...
تشتتُ و من هول خوفي على رغد لم أعرف ماذا أفعل...
أخيرا ركزتْ فكرة في رأسي و ركضتُ في اتجاه غرفتي، أريد جلب مفاتيح السيارة...
عند أول عتبات السلّم كانتْ أروى تقف متسمرة تنم تعبيرات وجهها عن الذعر...!
وقفتُ برهة و أنا طائر العقل و قلتُ باندفاع :
" ماذا حدث ؟ كيف وقعتما؟ ربما انكسرتْ عظامها ... سآخذها إلى المستشفى "
لم أدع لها المجال للرد بل قفزتُ عتبات الدرج قفزا ذهابا ثم عودة...
و أنا أدوس عشوائيا على الأوراق المبعثرة عليها دون شعور...
ثم رأيتُ أروى لا تزال قابعة في مكانها... فهتفتُ:
" تكلـّمي ؟؟ "
و أنا أسرع نحو غرفة المعيشة... توقفتُ لحظة و استدرتُ إلى أروى و قلتُ:
" و أنتِ بخير ؟ "
أومأتْ أروى إيجابا فتابعتُ طريقي إلى رغد... و لم أشعر بأروى و هي تتبعني...
وجدتُ رغد و قد كوّمت جزء ً من وشاحها لتعضّه بين أسنانها...
حين رأتني خاطبتني و الوشاح لا يزال في فمها:
" وليد... سأموت من الألم...آي "
ركعتُ قربها و مددتُ ذراعيّ أريد حملها و أنا أقول:
" هيا إلى الطبيب... تحمّلي قليلا أرجوك "
و عندما أوشكتُ على لمس رجلها دفعتْ يدي بعيدا بيدها و صاحتْ:
" لا... أقول لك تؤلمني... لا تلمسها "






رد مع اقتباس
المفضلات