--------------------------------------------------------------------------------

وليد حكّ شعر رأسه قليلا ثم سار باتجاهي...
حتى صار عند الطرف الآخر من النافذة ثم قال :
" و لكن أين المطر "
استغربتُ و سألت ُ:
" المطر ؟ أي مطر ؟؟ "
قال :
" ألم تقولي أنك كنتِ تراقبين المطر ؟ "
قلتُ :
" أبدا ! قلتُ أنني كنتُ استمع إلى الأذان و أراقب السماء !
أي مطر هذا و نحن في قلب الصيف ! "
قال وليد :
" لم أسمع جيدا "
قلتُ و أنا أبتسم :
" يبدو أنك لا تزال نائما ! "
ابتسم وليد و ألقى نظرة على السماء
و مجموعة من العصافير تطير عائدة إلى أعشاشها...
التفت إليّ بعدها و سأل:
" صحيح رغد... كيف أنت ِ الآن ؟ "
و تذكّرت ُ لحظتها الدوخة الذي داهمتي صباحا بسبب الجوع ...
و كيف أنه أغشي عليّ بضع دقائق... و انهرتُ بين ذراعي وليد !
و شعرت ُ بطعم السكّر في فمي...
فازدرتُ ريقي وأنا أطأطئ رأسي خجلا و أهمس:
" بخير... "
وليد قال :
" جيّد ! و هل تناولت ِ وجبة بعد البيتزا ؟ "
قلت :
" لا "
" سيء ! لماذا رغد ؟ أنت ِ صغيرة و نحيلة و لا تتحملين الجوع لوقت ٍ طويل...
تكرر هذا معنا في البر... أتذكرين ؟ "
رفعتُ بصري إليه و ابتسمت ُ... طبعا أذكر ! من ينسى يوما كذلك اليوم ؟؟
و نحن حفاه جياع عطشى مرعوبون و هائمون في البر؟؟
و لكن لحظة ! هل أنا صغيرة لهذا الحد ؟؟
قلت ُ :
" لا تقلق... متى ما شعرتُ بالجوع سأحضّر لي بعض البطاطا المقلية "
ابتسم وليد و قال :
" طبقك ِ المفضّل ! "
اتسعتْ ابتسامتي تأييدا و أضفت ُ:
" و الوحيد ! فأنا لا أجيد صنع شيء آخر ! "
ضحك وليد... ضحكة عفوية رائعة... أطربت ْ قلبي...
و كدتُ أنفجر ضحكا من السعادة لولا أنني كتمتُ أنفاسي خجلا منه !
في ذات اللحظة، انفتح باب الغرفة ... التفتنا نحن الاثنان نحو الباب...
فوجدنا أروى تطلّ علينا... و لأن الإضاءة كانتْ خافتة جدا...
يصعب عليّ كشف تعبيرات وجهها... لم تتحدّث أروى بادئ الأمر
كما ألجم الصمت لسانينا أنا و وليد... بعدها قالت أروى:
" استيقظتَ ؟ جيّد إذن... كنت ُ سأوقظك لتأدية الصلاة "
وليد قال و هو يسير نحو الباب مبتعدا عنّي :
" نعم أروى... نهضت لتوّي "
وصل وليد إلى مكابس مصابيح الغرفة، فأضاءها...
الإنارة القوية ضيّقت بؤبؤي عينيّ المركزين على أروى، للحد الذي كادا معه أن يخنقاها !
كانت أروى تنظر نحوي، ثم نقلتْ نظرها إلى وليد...
سمعتُ وليد و الذي صار قربها يهمس بشيء لم تترجمه أذناي...
ثم رأيتُ أروى تشيح بوجهها و تغادر الغرفة.
وليد وقف على وضعه لثوان... ثم استدار و هو يتنهّد و قال أخيرا :
" سأذهب إلى المسجد... هل تريدين شيئا أحضره ؟ "
قلتُ و أنا مشغولة البال بفك رموز همسة وليد السابقة :