سألتْ رغد بغضب:
" ماذا تريدين ؟ "
أروى ترددتْ ثوانٍ لكنها قالت:
" سأسألك سؤالا واحدا "
هنا هتفتُ رادعا بغضب :
" أروى... قلتُ كلا "
التفتتْ إليّ أروى محتجةً :
" و لكن يا وليد "
فصرختُ مباشرة و بصرامة :
" قلتُ كلا ... ألا تسمعين ؟ "
ابتلعتْ أروى سؤالها و غيظها و أشاحتْ بوجهها و انصرفتْ من فورها...
لم يبقَ إلا أنا و رغد... و بضع بوصات تفصل فيما بيننا...
و شريط البارحة يُعرض في مخيلتنا... عيوننا متعانقة و أنفاسنا مكتومة...
تراجعتْ رغد للخلف و همّتْ بإغلاق الباب ...
" انتظري "
استوقفتها... لم أكن أريدها أن تبتعد قبل أن أرتاح و لو قليلا...
" ماذا تريد ؟ "
سألتني فقلتُ بلطفٍ و رجاء :
" أن نتحدّث قليلا "
فردتْ بحدة و جفاء :
" لا أريد التحدث معك... دعني و شأني "
و دخلتْ الغرفة و أغلقتْ الباب بهدوء...
لكنني شعرتُ به يصفع على وجهي و أكاد أجزم بأن الدماء تغرق أنفي...
جلستُ في الصالة مستسلما لتلاعب الأفكار برأسي تلاعب المضرب بكرة التنس...
بعد ذلك رغبتُ في بعض الشاي علّه يخفف شيئا من صداع رأسي...
هبطتُ إلى الطابق السفلي و إلى المطبخ
حيث وجدتُ أروى و خالتي تجلسان بوجوم حول المائدة...
حييتُ خالتي و شرعتُ بغلي بعض الماء...
" وليد "
التفتُ إلى أروى... التي نادتني و رأيتُ في وجهها تعبيرات الجد و الغضب...
" أريدُ العود إلى المزرعة "
حملقتُ في أروى غير مستوعبٍ لجملتها الأخيرة هذه... سألتُ :
" ماذا ؟ "
أجابتْ بحزم :
" أريد العودة إلى المزرعة... و فورا "
التفتُ إلى خالتي فهربتْ بعينيها إلى الأرض...
عدتُ إلى أروى فوجدتُها تنتظر جوابي
قلتُ :
" ماذا تقولين ؟ "
" ما سمعتَ يا وليد... فهل لا دبّرت أمر عودتنا أنا و أمي الآن ؟؟
و إذا لم تستطع مرافقتنا فلا تقلق. نستطيع تدبير أمورنا في المطار و الطائرة "
عدتُ أنظر إلى خالتي فرأيتُها لا تزال محملقة في الأرض...
" خالتي ... "
التفتتْ إلي فسألتُ :
" هل تسمعين ما أسمع ؟ "
الخالة تنهدتْ قليلا ثم قالتْ :
" نعم يا بني. دعنا نعود لأرضنا فقد طال بعدنا و أضنانا الحنين "
أدركتُ أن الأمر قد تمتْ مناقشتُه
و الاتفاق عليه من قِبلهما مسبقا... عدتُ أكلم أروى:
" ما هذا القرار المفاجئ يا أروى... غير ممكن ... تعلمين ذلك "
أروى قالت بحدة :
" أرجوك يا وليد... لستُ أناقش معك تأييدك من عدمه...
أنا فقط أعلمك عن قراري و أريد منك شراء التذاكر... "