وليد استدار إلي في ضيق... و كان وجهه شديد الاحمرار... و الحنق...
قلت :
" لماذا لا ترد ؟؟ قل أنها كذلك... فحتى الأعمى يستطيع أن يرى هذا "
" رغد بربّك... ما الذي تهذين به؟ أي جنون !؟ "
و أولاني ظهره و ولى منصرفا بسرعة... تبعه صوتي و أنا أقول بغضب :
" لا تحلم بأن أنسجم معها ذات يوم ... لا تحلم أبدا ! "
~~~~~~~
و كالعادة كانت العشاء لذيذا جدا قد أرضى الضيوف و نال إعجابهم...
" سلمت يداها... أكلتُ كثيرا هذه الليلة "
قال سيف و هو يحتسي الشاي عقب انتهائنا من وجبة العشاء...
قلت بسرور :
" سلّمك الله... بالهناء و العافية يا عزيزي "
قال مازحا :
" و أنا من كان يتساءل ما سر هذه العضلات التي نبتت
و تضخمت بشكل سريع و على ذراعيك ! تبدو أكثر ضخامة كلّما التقينا يا رجل ! "
ضحكت لتعليق سيف المرح...
حقيقة هي أنني خلال العام المنصرم ربحت عدة كيلوجرامات !
قلت :
" لكني كنت أكثر قوة و أنا أعمل في المزرعة...
و أبذل مجهودا عضليا كل يوم "
و لاحت في مخيلتي صورة المزرعة و أشجارها و ثمارها...
و العم إلياس... و شعرت بالحنين إليهم...
قال سيف :
" ماذا بشأن المزرعة ؟ ماذا ستفعلون بها ؟ "
قلت :
" كما هي يا سيف... فالعائلة متعلقة بها جدا و لا يمكنهم التفريط فيها...
و ها أنا أتنقل بينها و بين المصنع في عناء "
قال :
" و لكن... يجب أن تستقر يا وليد ! ماذا ستفعل بعد زواجك ؟ "
أخذت أحك شعري في حيرة...
" خطيبتي تريد العودة إلى المزرعة و الاستقرار فيها...
و ابنة عمّي ترفض العيش فيها تماما... و أنا في حيرة من أمري... مشلول الفكر ! "
تابعت :
" و ليت الخلاف اقتصر على السكن فقط! بل في كل شيء يا سيف...
كل شيء و أي شيء! إنني أعود من العمل مشحونا بالصداع فتستلماني
و تشقان رأسي نصفين !"
و وضعت طرف يدي على هامتي كما السيف...
سيف ابتسم... و قال :
" إنهن النساء ! "
قلت :
" الجمع بينهما في بيت واحد هو ضرب من الجنون...
و الصغيرة صعبة الإرضاء و متقلبة المزاج...
و أخشى أن أتحدّث معها فتظن أنني ضقت ذرعا برعايتها... و يُجرح شعورها..."
لم يعلق سيف ... تابعت :
" أنا حائر يا سيف... لا أريد لأي شيء عظيما كان أم تافها أن يعكّر صفو حياتها..
و وجود أروى يثير توترها...
و لا يمكنني إرسال أروى و أمها إلى المزرعة و العيش مع رغد هنا وحدنا ! "
قال سيف مباشرة :
" صعب ! "
" بل مستحيل ! "
قال مقترحا :
" و لماذا لا تدعها مع خالتها كما فعلت سابقا يا وليد ؟ "
قلت و أنا أهز رأسي :
" أبدا يا سيف... لا يمكنها الاستغناء عن وجودي و قربي ... "
سيف نظر متشككا ثم قال :
" أو... ربما العكس ! "






رد مع اقتباس
المفضلات