و فتحت لها حسابا خاصا في أحد المصارف...
و وظفت خادمة ترعى شؤونها و شؤون المنزل...
ابتسمت لي الدنيا كثيرا و انتعشت نفسيتي...
و لم يعد يعكر صفو حياتي غير الحرب...
إضافة إلى ... المعارك الداخلية المستمرة بين الفتاتين !
" يجب أن تتحدّث إلى ابنة عمّك يا وليد فهي مصرّة على المذاكرة في المطبخ ! "
تقوّس حاجباي استغرابا و سألت :
" المطبخ !؟ "
قالت أروى :
" نعم المطبخ ! و ها قد نشرت كتبها و أوراقها في كل أرجائه
بعدما سمعتني أقول لأمي أنني سأعد عشاء مميزا جدا لهذه الليلة ! "
ضحكتُ بخفة و قلت :
" دعيها تذاكر حيثما تريد ! "
بدا الاستهجان على وجه أروى و قالت :
" و لكن يا وليد الزمن يداهمنا
و لن أتمكن من إعداد العشاء للضيوف في الوقت المناسب ! "
كنت آنذاك مستلق ٍ على أحد المقاعد في غرفة المعيشة الرئيسية ...
أرخي عضلاتي بعد عناء يوم عمل طويل... و الساعة تقترب من الخامسة مساء ...
أغمضت عيني ّ و قلت بلا مبالاة :
" لا تقلقي... إنه سيف ليس إلا ! "
و كنت قد دعوت سيف و زوجته و طفلهما طبعا لمشاركتنا العشاء هذه الليلة...
" وليد ! "
فتحت عيني فرأيت أروى تنظر إلي بغضب
واضعة يديها على خصريها. ابتسمت و قلت :
" حسنا سأتحدّث إليها ... لا تغضبي "
و نهضت بكسل و أنا أمدد أطرافي و أتثاءب !
توجهت نحو المطبخ و وجدت الباب مغلقا فطرقته و ناديت رغد...
بعد ثوان فتحت رغد الباب و وقفت وسط الفتحة
" مرحبا رغد... كيف كان يومك ؟ "
ابتسمت و قالت :
" جيد..."
" الحمد لله... و كيف دروسك ؟ "
قلت ذلك و أنا أخطو نحو الأمام بهدف دخول المطبخ
غير أن رغد ظلت واقفة معترضة طريقي كأنها تمنعني من الدخول !
قالت متلعثمة :
" جيدة... ممتازة "
إذن في الأمر سر !
تقدمت خطوة بعد و لم تتحرك ... بل ظهر التوتر على وجهها و احمر خداها !
قلت :
" بعد إذنك ! "
و تظاهرت ُ بالعفوية و تنحّت ْ هي عن طريقي... بارتباك !
شعرت بالفضول ! لماذا لا تريد رغد منّي دخول المطبخ...؟؟
نظرت من حولي فرأيت مجموعة من الكتب و الدفاتر و الأوراق...
و الكراسات أيضا مبعثرة هنا و هناك...
و كان كوب شاي موضوعا على الطاولة و منه يتصاعد البخار...
و إلى جانبه كراسة و بعض أقلام التلوين...
استنتجت أن رغد كانت تشرب الشاي جالسة على هذا الكرسي...
اقتربت منه فأسرعت هي نحو الكراسة و أغلقتها و حملتها في يدها...
إذن هنا مكمن السر !
ابتسمت ُ و قلت ُ بمكر :
" أريني ما كنت ترسمين ؟ "
ارتبكت رغد و قالت :
" مجرد خربشات "
اقتربت منها و قلت :
" دعيني أرى "
قالت بإصرار :