و يحق لي أن أطالب رغد باعتذار علني أمام وليد...
و سوف لن أتخلى عن هذين الحقين هذه المرّة...
و سأجعل رغد تفهم أنني المرأة الأولى في حياة وليد...
رغما عن قرابتهما و ذكرياتهما السابقة... و رغما عن أي شعور تحمله هي تجاه خطيبي ...
و أيا كان !
~~~~~~~~~~~~~
لم أكن أدرك أن الشحنات المتضادة بين رغد و أروى قد كبرت و وصلت إلى هذا الحد ...
أروى كانت قد أخبرتني سابقا بأن رغد لا تبدي أي مودة تجاهها و أنها تغار منها !
أتذكرون العدستين الزرقاوين اللتين وضعتهما رغد على عينيها ذلك اليوم؟؟
هل تغار جميع النساء من بعضهن البعض؟ هذه الحقيقة على ما يبدو !
ألا ّ تحب رغد أروى هو أمر متحمل لا استبعده
فهي حسبما اكتشفتُ لا تتأقلم مع الآخرين بسهولة ...
أما أن تظهر من أروى إشارات تدل على عدم حبّها لرغد أو استيائها منها
فهو أمر جديد لم ألحظ أهميته قبل الآن ....
و بسبب الخلاف، اضطررت لتأجيل زيارتنا للمحكمة حتى اليوم التالي
الصغيرة الغاضبة ظلت حبيسة غرفتها طوال الساعات التالية ...
و رفضت الاستجابة لنا حين حاولنا التحدث معها...
أما أروى فقضيت فترة لا بأس بها معها أحاول استرضاءها حتى رضت عني !
حتى و إن بذلتُ الجهود القصوى لإخفائه فإن قلقي بشأن رغد كان مصرا على الظهور !
كان ذلك صباح اليوم التالي حين كنا أنا و أروى هامين بالخروج قاصدين المحكمة لإتمام بعض الإجراءات اللازمة.
كنت مشغول البال على الصغيرة التي لم أرها منذ الأمس و لا أعرف كيف قضت ليلتها ...
لم أكن لأستطيع المغادرة قبل الاطمئنان عليها أو إبلاغها بأنني سأخرج ...
وقفت عند أعلى درجات السلم بينما أروى هبطت درجات ثلاث قبل أن تستدير إلي مستغربة ...
" لم وقفتَ ؟ "
كان القلق مرسوما على وجهي بشكل لا أظن أروى قد أخطأته !
أعتقد إن أحدا لا يحتاج كمية كبيرة من الذكاء ليعرف السبب !
ضيّقت أروى حدقتيها و قالت :
" رغد مجددا ؟؟ "
و بدا الضيق عليها ... فقلت مسرعا :
" لا أريد أن أخرج دون إعلامها و أسبب لها الإزعاج كالأمس ... "
قاطعتني أروى :
" بربّك وليد ! أوه كم تبالغ ! ألا تدرك أنها تفعل ذلك لمجرّد الدلال لا أكثر؟؟
ألا تعرف هي سبب مجيئنا إلى هنا؟ هيا يا وليد دعنا نمضي
و ننجز المهمة في أقصر مدة ممكنة و نعود للمزرعة "
علّقت قدمي بين أعلى درجة و الدرجة التي تليها من السلم ... و بقيت برهة مترددا ...
" وليد ! هيا ! "
و عوضا عن الهبوط بقدمي للأسفل رفعتها للأعلى
و أنا أتراجع و أهز رأسي استسلاما و أقول :
" يجب أن أطمئن على الصغيرة أولا "
سرتُ نحو غرفة رغد ... و وقفت عند الباب ...
تبعتني أروى في صبر نافذ و أخذت تراقبني و قد كتّفت ذراعيها و رمت برأسها نحو اليمين !
قلت :
" أدخلي و اطمئني عليها "
فتحت أروى ذراعيها و رفعت رأسها مندهشة :
" أنا ؟؟ "
" طبعا ! أم يعقل أن أدخل أنا ؟؟ "
و كانت جملة اعتراض تكاد تنطلق من لسان أروى استنكارا و رفضا
و لكن نظرة رجاء من عيني جعلتها تتراجع !
أروى تقدّمت نحو الباب و طرقته طرقا خفيفا ثم فتحته و ولجت الغرفة ...
و بقيت أنا في الخارج موليا ظهري لفتحة الباب ...
إنه الصباح الجميل !
يكون المرء في قمة النشاط و الحيوية و الإقبال على الحياة ...
بأعصاب مسترخية و نفسية مترابطة و مزاج عال !
آخر شيء يتمنى المرء سماعه من مطلع الصباح هو الصراخ !
" أخرجي من غرفتي فورا "






رد مع اقتباس
المفضلات