" كنت ... كنت أحتفظ بالقصص التي اشتريتها لي في بيتنا الثاني ...
لكن ... أحرقتها النيران ! "
و آلمتني ... جملتها كثيرا ...
رجعت بي الذكرى إلى البيت المحترق ...
فإذا بالنار تشتعل في معدتي ...
أضافت رغد بصوت أخف و أشجى :
" تماما كما احترقت الصورة ... "
" رغد ... "
إنه ليس بالوقت المناسب لاسترجاع ذكريات كهذه ... أرجوك ... كفى !
نظرت من حولها ثم قالت :
" لا تزال كتبك منثورة ! أتذكر ... ؟ كنت تستعد للذهاب إلى الجامعة لإجراء امتحان ما !
أليس كذلك ؟؟ أليس هذا ما أخبرتني به ؟؟ أتذكر ؟؟ "
لا أريد أن أتذكّر !
أرجوك أيتها الذكرى .. توقفي عند هذا الحد ..
أرجوك ...
لا تعودي إلى ذلك اليوم المشؤوم ...
لو كان باستطاعتي حذفه نهائيا ... لو كنت ُ ... ؟؟؟
كنت ُ أريد الهروب السريع من تلك الذكرى اللعينة ... لكنها كانت تقترب ... و
تقترب أكثر فأكثر ... حتى صارت أمامي مباشرة ...
عينان تحدّقان بعيني بقوة ... تقيّدان أنظاري رغم عني ...
عينان أستطيع اختراقهما إلى ما بعدهما ...
خلف تينك العينين ، تختبئ أمر الذكريات و أبشعها ...
أرجوك يا رغد ...
لا تنظري إلي هكذا ...
لا ترمني بهذه السهام الموجعة ...
لم لا تعودين للنوم ؟؟
" وليد ... "
" إه ... نعم ... صـ ... غيرتي ؟؟ "
" لماذا ... لم تخبرني بالحقيقة ؟ "
قلت بصوت متهدرج :
" أي ... أي حقيقة ؟ "
" إنك ... قتلته ! "
آه ...
آه ...
إنه فأس يقع على هامتي ...
لقد فلقتها يا رغد ...
ما عدت قادرا على الوقوف ...
نصفاي سينهاران ...
أرجوك كفى ...
" وليد ... لماذا لم تخبرني ؟؟ أنا يا وليد ... أنا... لم أدرك شيئا ...
كنت ُ صغيرة ... و خائفة حد الموت ... لا أذكر ما فعلتَ به ... و لا ...
و لا أذكر ... ما فعله بي ! "
عند هذه اللحظة ... و فجأة ... و دون شعور مني و لا إدراك ...
مددت يدي بعنف نحو رغد و انقضضت على ذراعيها بقوّة ... بكل قوّة ...
انتفضت فتاتي بين يدي هلعا ... و حملقت بي بفزع ...
لابد أن قبضتي كانتا مؤلمتين جدا آنذاك ، و لابد أنها كانت خائفة ...
خرجت هذه الجملة من لساني كالصاروخ في قوّة اندفاعها ...
مخلفة خلفها سحابة غبار هائلة تسد الأنوف و تكتم الأنفاس ... و تخنق الأفئدة ...
كررت ُ بجنون :
" ماذا فعل بك يا رغد ؟؟ ...
حتى... حتى لو كان قد ... لامس طرف حزامك فقط ...
بأطراف أظافره القذرة ... كنت سأقتله بكل تأكيد ... بكل تأكيد ..."






رد مع اقتباس
المفضلات