" و هل يجب أن تكون المرأة بكل هذا القدر من الجمال حتى يلتفت إليها ؟
أنا لست أقل منها جمالا لهذا الحد.. فهل يجب أن أصبغ شعري و أضع عدسات زرقاء
و ألوّن وجهي حتى أنال إعجابه ؟؟ "
و انتبهت لخطورة ما قلت ، بعد فوات الأوان ...
سامر أخذ ينظر إلي بألم.. نعم بألم..
إن بسبب تجاهلي له و اهتمامي بوليد
أو بسبب المرارة التي يراها منبعثة من صدري و أنا أراقبهما في حسرة...
لكن عطفه علي غلب عطفه على نفسه، فقال مواسيا :
" ليس الأمر كذلك، لا أظن وليد خطبها من أجل جمالها..
بل ربما لأنه يعمل هنا و أراد توثيق علاقته بأصحاب المزرعة... "
التفت إليهما، و نظرت و أنا أضيق فتحة عيني و أعض على أسناني :
" أو ربما... "
و تابعت :
" لأنه يحبها "
و هذه الفكرة تجعلني أصاب بالجنون، و أتحوّل إلى لبؤة تريد الانقضاض على القطط الجميلة الملونة.. الناعمة الشقراء..
و نتف وبرها شعرة شعرة، و تمزيق أعضائها بمخالبها و أسنانها الحادة، قطعة قطعة...
سامر قال :
" أ تريدين أن أتحدث معه ؟ "
التفت إليه بسرعة و أنا مندهشة ، و قلت :
" ماذا ؟؟ "
نظر إلي نظرة تأكيد... فقلت مسرعة :
" لا ! كلا ، كلا "
فلم يكن ينقصني إلا أن يتدخل سامر ليلفت انتباه وليد إلي !
قال :
" ما الجدوى إذن.. في صرف مشاعرك عليه.. إن كان سيتزوّج من أخرى ؟ "
قلت بحدة :
" لن يتزوّج منها "
سامر شعر بالقلق ، و نظر إلي بحيرة و خوف ، و قال :
" كيف ؟ "
قلت بتحد ٍ:
" لن أسمح لأي امرأة بالزواج من وليد.. أبدا "
سامر قال :
" رغد ! "
" مهما كانت "
" الأمر ليس متروكا لسماحك من عدمه ! ليس حسبما ترغبين أنت ! "
وقفت بعصبية ، و قلت بحدة و انفعال :
" بل حسبما أريد أنا.. فوليد ابن عمّي أنا.. و هو لي أنا.. و سوف لن يتخلّى عنّي..
و إن حاولت أي امرأة سرقته مني فسوف أشوه وجهها..
و إن حاول هو التخلّص منّي فسوف أفقأ عينيه ! "
اعتقد أنني بالغت في التعبير عن مشاعري المكبوتة
خصوصا أمام سامر الذي أدرك تماما أنه يعشقني بهوس...
التفت إليه شاعرة بالندم على تهوّري ، فرأيت آثار الصدمة المؤلمة مرسومة على وجهه..
تزيده كآبة فوق كآبة..
ما كان علي التفوّه بما تفوّهت به على مسمع منه... لكن.. لمن أعبّر عن مشاعري؟؟
لم يعد لدي شخص مقرب صديق أتحدّث معه... فدانة رحلت، و نهلة بعيدة ، و أمي...
في عالم الأموات...
لمن أبث همومي و أعبر عما يختلج صدري من مشاعر ثائرة
و أنا أرى وليد قلبي يلهو مع تلك الحسناء الدخيلة.. و أعيش علاقتهما لحظة بعد أخرى ..؟؟
قلت ، محاولة تبديد أثر تهديدي الجنوني ذاك :
" دعنا نمشي بمحاذاة البحر نحن أيضا "
و مشينا سوية، في الاتجاه الآخر مبتعدين عن الثنائي المزعج !
سمحت لنفسي بالهدوء، و أجّلت انفعالي لما بعد، فهي لحظات جميلة لا تستحق الإهمال..
الجو لطيف، يداعب الوجوه ، و أمواج البحر رائعة .. تدغدغ الأقدام..
و صوت البحر عذب، يطرب الآذان.. فترقص القلوب مبتهجة و فرحة ..