" هذه الليلة على الأقل.. ثم نجد حلا آخر"
فاستسلمت للأمر...
ذهبت أروى بعد ذلك لإعداد فراش لي في غرفتها... عندها قلت لوليد :
" وليد.. لا تبتعد عني أرجوك "
وليد نظر إلي بعطف و قال :
" لا تخشي شيئا صغيرتي.. أتظنين أنه، لو كان مكانا غير آمن، كنت تركتك تباتين فيه ؟ "
قلت :
" لكني أخاف.. أخاف كثيرا.. المكان غريب و الناس كذلك.. لا تبتعد عني "
كنت أقول ذلك و أنا متوترة.. و لما لحظ وليد حركة أصابعي المضطربة..
قال :
" اطمئني رغد.. و لسوف أبقي الباب مفتوحا "
ذهبنا أنا و وليد و أروى للتعرف على أرجاء المنزل و انتهينا إلى غرفة أروى..
غرفة بسيطة كسائر المنزل، لا تحوي شيئا مميزا ...
كان الفراش دافئا.. و جسدي متعبا ألا أن القلق لم يسمح لي بالنوم..
أروى نامت بسرعة.. أما أنا فتلاعبت بي الهواجس حتى بدأت أوصالي ترتعد خوفا..
ارتديت عباءتي.. و خرجت من الغرفة بحذر.. شققت طريقي بهدوء تام نحو المجلس..
كان الباب شبه مغلق، و وليد كان نائما على المقعد الكبير..
و بصيص خفيف من الضوء يتسلل إلى الغرفة عبر فتحة الباب.. و عبرها تسللت أنا أيضا إلى الداخل..
.و أوصدت الباب من بعدي !
لأنه طويل جدا، فإن قدميه الكبيرتين كانتا تبرزان من فوق ذراع المقعد..
أما ذراعاه فقد كانتا مرفوعتين فوق رأسه، إذ أن مساحة المقعد لا تكفي لضمهما على جانبيه !
مسكين وليد! لابد أن جسده غير مرتاح في نومته هذه البتة !
و مع ذلك كان يغط في نوم عميق... !
جلست أنا على المعقد الكبير الآخر... لبضع دقائق.. شاعرة بالأمان و الطمأنينة، و الدفء أيضا..
فقرب وليد يطيب لقلبي البقاء و لعضلاتي الاسترخاء و لعيني الإغماض..
استلقيت على المعقد.. و سمحت للنوم بالسيطرة علي.. بكل سهولة !
~ ~ ~ ~ ~
وضعت المنبه على المنضدة قرب المقعد، و نمت بعد أرق، لأنني كنت قلقا على رغد.. أفكر..
هل ستتقبل الحياة هنا..؟ هل ستألف الأوضاع و ترضى بها؟ هل سيسرّها العيش في منزل متواضع
و حال متوسطة، و هي ابنة العز و الدلال و الغنى ..؟؟
إن علي ّ أن أجد أكثر من أجل تحسين وضعي المالي و العام..فرغد لم تعتد حياة الفقر و الحاجة...
و لا تستحق حياة كهذه...
استيقظت بسرعة على رنين المنبه المزعج...
كنت قد ضبطته لإيقاظي وقت الفجر لأصلي...
حينما جلست، لمحت شيئا يتحرك على المقعد الكبير الآخر و الموازي للمقعد الذي نمت عليه ..!
و ذلك الشيء جلس أيضا
دققت النظر فيه ..أظنه خيال رغد! أو ربما هوسي بها جعلني أتهيأ خيالها في كل مكان !؟
في اليقظة و المنام !
قلت متسائلا :
" رغد ؟"
ذلك الشيء تكلم مصدرا صوتا ناعسا ، يشبه صوت رغد !
" نعم "
قلت :
" رغد صغيرتي ! أهذه أنت ؟؟ "
" نعم، أريد أن أنام "
و استلقت على المقعد مجددا !