أنني أصبحت شخصا مرموقا عالي الشأن ؟ هذه هي حقيقتي ..
مجرد مزارع بسيط يعمل بجد فقط من أجل وجبة طعام و مأوى ...
" وليد .. ماذا تفعل ؟؟ "
أجبرت عيني على النظر إليها ، فهالني ما رأيت على وجهها ...
أرجوك كفى يا رغد.. أنت تذبحينني .. كفى ... كفى ...
اعترفت بخجل :
" أفلح الأرض .. فهذا هو عملي منذ زمن "
و لن أصف لكم كيف تحوّل وجه رغد إلى غابة ذهول مخيفة ...
من منكم جرّب هذا ؟؟ دعوه يصف لكم إذن ما أعجز أنا عن التعبير عنه ...
رغد تراجعت للوراء .. ربما لتبتعد عن صفعة الواقع الذي تكتشفه للمرة الأولى..
سارت إلى الوراء بعرج.. و عيناها المفتوحتان أوسعهما لا تزالان ترميان سهام الذبح نحو جسدي... من أعلاه إلى أسفله...
و فيما هي تسير إلى الوراء بهذا الذهول و أنا ساكن في مكاني ، رأيت العم إلياس يقبل من ناحيتها و يشير إلي بيده مخاطبا الرجل الذي معه :
" هذا هو شقيقك ! "
~ ~ ~ ~ ~ ~
لدى سماعي صوت الرجل العجوز قادم من خلفي ، التفت إلى الوراء بسرعة
فرأيت سامر يقف أمام عيني ...
شهقت :
" سامر ! "
قال :
" رغد ! "
و أسرع نحوي و جذبني إلى صدره بقوة و عانقني بحرارة شديدة ...
" أوه رغد يا حبيبتي... لا أصدق عيني .. الحمد لله .. الحمد لله .. أنت حية ؟؟ شكرا لك يا رب .. شكرا لك يا رب "
و صار يبكي و أنا أبكي معه ..
و أخذ يقبّل يدي ّ و جبيني بلهفة .. لم أعهدها عليه من ذي قبل ..
" لقد نجونا يا سامر ! كدنا نموت لكننا نجونا بأعجوبة ! "
أقول ذلك و أتذكر ما مررنا به ، فأدفن رأسي في صدره و أغلق حصار ذراعي حول جدعه...
بعدما فرغ من نوبة الشوق هذه ، التفت إلى وليد ...
" وليد .. "
أقبل وليد إليه و فتح كل منهما ذراعيه للآخر و تعانقا بحمية ...
سامر بملابسه الأنيقة و هندامه المرتب النظيف ، و وليد بلباسه الملوث و يديه المتسختين بحبيبات الرمال ...
الناظر إليهما يجد فرقا كبيرا ...
و أنا وجدت ذك الفرق أيضا ...
كان لقاء دانة بسامر دراميا ...
دانة تحب سامر أكثر من وليد.. السبب في ذلك أن وليد غاب عنا لسنين..
سنين لا أعرف أين كان فيها و لا ما عمل ؟؟
إذا كانت الحقيقة التي أراها أمام عيني .. هي حقيقة رجل يعمل في فلاحة الأرض !
بعد فترة ، كنا نحن الأربعة في تلك الغرفة...
وليد لم يتحدّث إلي بل لم ينظر إلي مذ رأيته يغرس الشجرة قبل ساعات...
و أنا بدوري تحاشيته .. و ركزت اهتمامي على سامر و ما يقوله ..
" سنذهب إلى شقتي ، سأستأجر شقة أكبر حجما تسعنا و والدي ّ جميعا "
كانت هذه فكرته ، و دانة رحبت بها بشدة :
" إذن هيا بنا الآن "
قالت ذلك ، ألا أن وليد قال :
" اصبروا قليلا .. إنه المساء و لا يصلح للسفر.. كما أن المسافة ليست قصيرة
و لابد أنك متعب ألآن يا سامر "
قال سامر :
" مطلقا ، رؤيتكم أزالت عني أي أثر للتعب ... "
ثم نظر نحوي و قال :