" لأخذ ابنة عمّي فهي متعبة "
قالت :
" سلامتها "
" سلمكم الله "
شكرتها و استأذنت و عدت إلى الغرفة..
كانت رغد لا تزال على نفس الوضع الذي تركتها عليه... و مغمضة العينين
حين أحسّت باقترابي فتحتهما بإعياء ...
" صغيرتي .. هيا بنا "
بصعوبة بالغة تحركت.. و مشت خطواتها العرجاء فلما صارت قربي التفتت إلى دانة ..
حرت في أمري...
فمن جهة ، لا أريد ترك دانة وحدها هنا.. و من جهة أخرى لا أريد إفساد نومها العميق ، كما و أنا السيارة لا تتسع لها ..
في النهاية قلت :
" سندعها نائمة .. "
و لولا التعب لنطقت رغد بكلمات الاعتراض المرسومة على وجهها ، ألا أنها سارت باستسلام و عجز...
أغلقت الباب تاركا المفتاح في الداخل.. و حين أصبحنا قرب السيارة قلت مخاطبا الآنسة أروى :
" من فضلك سيدتي.. هللا تفقدّت شقيقتي بين حين و آخر ؟ إنها لا تزال نائمة هناك .. و لا تعرف عن خروجنا "
أروى قالت :
" اطمئن .. لسوف أذهب و ألازم الغرفة لحين عودتكما ! "
قلت :
" شكرا لك ، أخبريها أننا ذهبنا للمستوصف القريب و سنعود قريبا "
التفتت بدورها إلى رغد و قالت :
" سلامتك "
رغد لم تجب و اكتفت بنظرة كئيبة نحو الآنسة أروى.
قلت أنا :
" شيء آخر يا سيدتي و استميحك عذرا على ثقل ظلّنا... "
" تفضّل دون حرج يا سيد وليد "
نظرت إلى رغد في خجل و قلت :
" عباءة .. إذا أمكن "
الآنسة أروى قالت :
" بالتأكيد "
و أسرعت إلى داخل المنزل ، و عادت تحمل عباءة .. و زوجين من الأحذية المطاطية ، التي يرتدونها عادة أثناء العمل ...
انتبهت حينها فقط إلى أنني و رغد كنا لا نزال حافيين أيضا !
بعدما ارتدينا الأحذية المطاطية تلك ، و ارتدت رغد العباءة ، تقدمنا نحو السيارة فصعدت أنا أولا ثم رغد من بعدي...
و قد كادت تتعثر .. إن من شدة التعب و الدوار ، أو من علو عتبة السيارة ، أو من طول العباءة التي ترتديها !
حينما بلغنا المستوصف، دخلته و رغد فيما ذهب العم لقضاء حاجاته على اتفاق بالعودة فور فراغه منها..
هناك، استلقت رغد على سرير الفحص و أقبلت الممرضة لقياس العلامات الحيوية لها، ثم قالت :
" حرارتها مرتفعة جدا! أربعون درجة و نصف !"
و أحضرت كيسا يحوي مجروش الثلج و وضعته على رأس رغد، بينما قامت ممرضة أخرى باستدعاء الطبيب المسؤول.
ثوان و إذا بالطبيب يحضر..
و هو رجل في نحو الثلاثين من العمر.. ما أن أقبل حتى استوت رغد جالسة..
اتخذ الطبيب مجلسه على مقعده الوثير خلف المكتب، و أمسك بالقلم و إحدى الأوراق بين يديه و بدأ يسأل :
" مم تشكو الفتاة ؟ "
توليت أنا شرح حالتها مجملا .. و أخبرته عن الجرح العميق في قدمها.
الآن .. يقف الطبيب و يقبل نحو سرير الفحص و يقول :
" بعد إذنك "