بعدما استقررنا هناك، أردت العودة إلى البقالة و إحضار أي طعام.. ألا أن رغد منعتني .. فالتزمت مكاني ..
كنت أراها تضغط على جرحها من حين لآخر.. و تعبيرات وجهها تتألم و أسمعها تئن..
قلت :
" أهو مؤلم جدا ؟ تحمّلي صغيرتي.. قليلا بعد"
و لا يزيدها ذلك إلا أنينا..
" أنا متعبة "
قالت و هي بالكاد قادرة على حمل رأسها و تكاد تسقطه .. و تدور بعينيها في المكان .. و تفرك يديها من البرد ..
تفطّر قلبي لرؤيتها بهذا الشكل.. و لم أعرف ما أفعل؟؟ إن صغيرتي تتألم و على حافة الموت.. ماذا أفعل ؟
هي رأتني أراقب تحركاتها و تململها .. قالت :
" أريد أن أنام "
قلت :
" اضطجعي و نامي صغيرتي.. "
حركت رأسها اعتراضا.. بينما عيناها تكادان تنغلقان رغما عنها..
رأفت بحالها البائس.. و قلت بعطف :
" اضطجعي رغد.. أنت متعبة جدا .. استرخي هيا.."
رغد نظرت إلى دانة.. ثم إلى الناس ، ثم إلي بتردد..
قلت مشجعا :
" هيا صغيرتي .. لا تخشي شيئا "
و بادرت دانة بالاضطجاع .. بدورها.. فتشجعت رغد.. و همت بالانبطاح.. لكنها قالت قبل ذلك :
" لا تذهب إلى أي مكان وليد أرجوك "
قلت مطمئنا :
" لا تقلقي، أنا باق ٍ هاهنا "
ثم تمددت على الرمال.. و أغمضت عينيها ..
أنا أيضا استلقيت على الرمال المجردة.. طالبا بعض الراحة .. و سرعان ما رأيت رغد تجلس و هي تنظر إلي و تقول :
" هل ستنام ؟ "
قلت :
" كلا.. سأسترخي قليلا "
و بدت مترددة ..
قلت :
" عودي للنوم رغد .. اطمئني "
فعادت و استلقت على الأرض .. و سكنت قليلا .. قم عادت فجلست و ألقت نظرة علي !
قلت :
" ماذا ؟؟ "
قالت :
" لا تنم وليد أرجوك "
جلست مستويا ، و قلت :
" لن أنام صغيرتي .. نامي أنت و أنا سأبقى أراقب ما حولنا .. اطمئني "
و أخيرا اطمأن قلبها أو ربما تغلّب عليها النعاس و التعب ، فاستسلمت للنوم بسرعة..
في العراء.. ننام مفترشين الأرض الجرداء... ملتحفين السماء .. تهب علينا التيارات الباردة تجمّد أطرافنا .. فنرتجف .. و تقشعر أجسادنا و قلوبنا .. ثم لا تجد ما يدفئها و يهدئ روعها..
كان الليل يمر ساعة بعد أخرى.. دون أن نحسب الزمن..
عاد البدر يراقبنا و يشهد تشردنا .. و حال لم يخلق الله مثلها حالا ..
أراقب الفتاتين فأجدهما مستغرقتين في النوم .. و أنا شديد الإعياء .. و السكون و الظلام مخيم على الأجواء.. و معظم الناس رقود..
النعاس غلبني أنا أيضا.. فقد نلت ما نلته من الإجهاد.. لكنني كنت أقاومه بتحد ٍ .. كيف لعيني أن تغفوا و فتاتاي نائمتان في العراء.. عرضة لكل شيء .. و أي شيء ؟؟
وقفت كي أطرد سلطان النوم ، و جعلت أحوم حول الفتاتين و أذرع المكان ذهابا و جيئة.. و أقترب منهما كل حين أراقب أنفاسهما.. و أطمئن إلى أنهما نائمتان و على قيد الحياة..






رد مع اقتباس
المفضلات