" أفتش من جيديد "
نعم ... عدنا للصفر !
لو أنني أتممت دراستي ، مثلك يا سيف ، لكنت الآن ... رجلا محترما مهابا ... أتولى إدارة إحدى الشركات كما كنت أحلم منذ الصغر ...
و فشلي في تحقيق أي من أحلامي ، هو أمر لا يجب أن تتحمل أنت مسؤولياته ، أو ينالك سوء بسبب علاقتك بي
سيف كان قلق ... أردت أن أغير الموضوع ، فقلت :
" اخبرني ... ما النبأ الجميل الذي تحمله ؟؟ "
و كان سيف قد أبلغني بأن لديه خبر جميل ، عندما وصل إلى بيتي قبل دقائق !
سيف قال :
" لقد ... عزمت على إتمام نصف الدين ! "
فاجأني الخبر ، و أسرني كثيرا ، فأمطرت صديقي بالتهاني القلبية ! إنه أول خبر سعيد أسمعه منذ شهور ...
" أخيرا يا رجل ! فليبارك الله لك ! "
" شكرا أيها العزيز ... العقبة لك ! متى يحين دورك ؟؟ "
دوري أنا !
إن مثل هذا الموضوع لم يكن ليخطر على بالي !
و هل يفكر في الزواج رجل خرج من السجن قبل شهور ، و بالكاد بدأ يتنفس الهواء ... و كان و عاد عاطلا عن العمل ! ...
و فوق كل هذا ... ذو جرح لم يبرأ بعد ...
قلت :
" قد تمضي سنوات و سنوات قبل أن تعبر الفكرة على رأسي مجرد العبور ! "
" لم يا رجل !؟ إننا في السابعة و العشرين ! وقت مناسب جدا ! "
قلت :
" لأجد ما يعيلني أولا ! كيف لي أن أتحمل مسؤولية زوجة و أطفال ! "
قال سيف :
" إنك تحب الأطفال يا وليد ! ألست كذلك ؟ "
" بلى ! ... "
" ستكون أبا عطوفا جدا ! "
و ضحكنا
يمكنني أن أضحك بين حلقات سلسة همومي التي مذ بدأت لم تنته ...
قضيت أسابيع أفتش عن عمل ... و فشلت
حتى أقاربي الذين لجأت إليهم طالبا الدعم ، خذلوني
لو كان سبب دخولي السجن شيء آخر ، لربما عاملني الناس بطريقة أفضل ...
كرهت الدنيا و كرهت نفسي و كرهت كل شيء من حولي ...
و بدأت نقودي التي جمعتها خلال الأشهر الماضية تنفذ ... و أعود للفقر من جديد ...
كنت جالسا في حديقة المنزل الميتة ... أدخن السيجارة تلو الأخرى ... غارقا في التفكير و الهموم ...
كانت الأرض أمامي قاحلة ... لا زرع فيها و لا حياة ...
تماما مثل حياتي ...
تزوج صديقي سيف بعد 3 أشهر خطوبة ... و ينعم الآن بحياة جديدة ، و يتولى مسؤوليات أكبر ... و لم يعد متفرغا لي ...
حصلت على عمل بسيط جدا في أحد المحلات التجارية ... ألا أنني لم استمر فيه بسبب المشاكل التي واجهتني ، لكوني موصوم بالإجرام و القتل ...
أصبحت بإحباط شديد ... و أنا افقد القليل الذي كنت قد حصلت عليه ... و ضاقت بي الدنيا ... كما و داهمني الإعياء و المرض ... فقررت الهروب من مدينتي إلى مكان ألقى فيه شيء من الاحترام و المودة
بعيدا عن السمعة المجروحة ... إلى حيث يوجد من يحبني و يرغب بوجودي و يتقبلني على ما أنا عليه من عيوب و وصم عار ... إلى أهلي ..
كانت شهور عشرة قد انقضت منذ رحلت عنهم ...






رد مع اقتباس
المفضلات