سبقني و خرج من البوابة الخارجية لفناء المنزل ... و سمعت صوت باب سيارة ينفتح ...
ما أن خرجت من البوابة ، حتى وقعت عيناي على سيارة وليد ... نفس السيارة التي كان يقودها منذ سنين ...
المرة الأخيرة التي ركبت فيها هذه السيارة كانت في أسوأ أيام حياتي ...
شعرت بقشعريرة شديدة تجتاحني و ثبت في مكاني و لم أجرؤ على المضي خطوة للأمام ...
وليد شغل السيارة و انتظرني ... و طال انتظاره !
التفت نحو الباب فوجدي واقفة هناك بلا حراك
ضغط على جرس السيارة لاستدعائي لكنني لم أتحرك
الشيء الذي تحرك هو شريط الذكريات القديمة البالية ... الموحشة البائسة ... التي طردتها من خيالي عنوة ...
وليد فتح الباب و خرج من السيارة و نظر باتجاهي و قال :
" ألن تذهبي ؟؟ "
تحركت قدماي دون إدراك مني و اقتربت من السيارة
مددت يدي فإذا بها تلقائيا تتوجه إلى الباب الأمامي ، فأجبرتها على الانحراف نحو الباب الخلفي ، فتحته و جلست على المقعد الخلفي
فيما وليد يجلس في المقدمة و إلى اليسار مني ... يكاد شعره الكثيف يلامس سقف السيارة !
عندما كنا صغارا ، أنا و دانة ... كنا نتشاجر من أجل الجلوس على المقعد الذي أجلس خلفه مباشرة الآن !
وليد انطلق بالسيارة نحو الشارع الرئيسي ثم سألني و هو يراقب الطريق :
" أين نتجه ؟ "
سار وليد ببطء نسبيا يسألني عن الطرق و المنعطفات ، و أرشده إليها حتى بلغنا المكان المطلوب .
كان سوقا صغيرا مليئا بالناس ...
أوقف وليد السيارة ، ففتحت الباب و خرجت و تقدمت للأمام
وليد لم يخرج ، و سمعت صوته عبر نافذة الباب الأمامي المفتوحة يقول :
" كم ستبقين ؟؟ "
تعجبت ، فقلت و أنا أقرب وجهي من النافذة بعض الشيء :
" ألن تأتي معي ؟؟ "
وليد صمت قليلا ، و ربما ارتبك ، ثم قال :
" و هل يجب أن آتي معك ؟؟ "
قلت :
" نعم ! "
قال :
" سأنتظرك هنا ... هذا أفضل "
بقيت واقفة في مكاني لحظة ، فعاد يقول :
" هل يجب أن أرافقك ؟؟ "
قلت :
" أو تعيدني للبيت "
و تراجعت للوراء و مددت يدي قاصدة فتح الباب الخلفي ...
وليد فتح بابه و نزل و دار حول السيارة نصف دورة حتى صار إلى جانبي
قلت :
" من هنا "
و سرنا نحو بوابة المجمع الصغير ، هو مجمع اعتدنا أنا و دانة و أمي شراء حاجياتنا منه
حينما بلغنا المتجر المقصود ، و هو متجر للملابس ، و كان يعج بالكثيرين، دخلته و توجهت نحو زاوية معينة ...
التفت إلى الخلف فوجدت وليد واقفا في الخارج ينظر من خلال زجاج المتجر ...
عدت أدراجي إليه بسرعة ... ثم قلت :
" ألن تدخل معي ؟؟ "
وليد بدا مترددا حائرا ... ربما هو غير معتاد على ارتياد الأسواق !
لذا تحرك ببطء ...