أُقيم حفل الزفاف في أحد الفنادق في عيد الحج التالي, ودّع العريسان فيه الأهل والأصدقاء... وذهبا لقضاء شهر العسل في إحدى البلدان السياحية. بعد عودتهما... أقاما في نفس المنزل الكبير...
واتخذا من غرفة وليد عشا لهما, بعد أن تم هدم الجدار الذي كان يفصل بينها وبين غرفة رغد... وإعادة طلي الجدران وتغيير الأثاث.
في ليلة عودتهما إلى المنزل... استخرج وليد من أحد الأدراج الصورة التي رسمتها رغد له عندما كانت طفلة, وكذلك استخرج من محفظته صورة رغد الممزقة التي احتفظ بها طول تلك السنين, فألصق أجزاءها بشريط لاصق, وألصقها مع صورته جنبا إلى جنب على الجدار فوق السرير وأخذ يتأملها ويبتسم مع رغد بسرور ويقول:
"معا إلى الأبد"
ثم أخذ العروسان الحبيبان يرتبان ملابسهما في الخزانات, واتجه وليد نحو إحدى الخزائن واستخرج شيئا منها وقال مخاطبا رغد:
"حبيبتي... تعالي... سأريك شيئا مهما جدا!"
أقبلت رغد بفضول لترى ما في يد وليد, فإذا به... شيء أسطواني الشكل... مصنوع من الورق... ومغطى بالطوابع اللاصقة!
{صندوق الأماني!}
"أوه! يا إلهي! ألا زلت تحتفظ به؟؟!"
تقول رغد وهي تتناول الصندوق من بين يديه بمرح وتتأمله ببهجة, فيضحك وليد ويقول:
"وسأخبئه حتى يضع أطفالنا أمانيهم فيه! وسنجعلها تتحقق!"
تضحك رغد ثم تنظر إلى وليد من طرف عينيها نظرة تشكك مرحة وتقول:
"هل فتحته؟ اعترف!"
فيضحك وليد ويقول:
"أنا؟؟ أبدا... لكنني عرفت ما الذي يحتويه!"
تقول رغد متحدية:
"وماذا يحتوي؟؟"
فيجيب وليد:
"افتحيه لنرى!"
رغد تنظر إلى وليد برضا... وتقول:
"نعم. الآن... لا بأس!.. بل بكل سرور!"
وفتحت الصندوق... وألقت نظرة على القصاصات... ثم أخذت تستخرج القصاصة بعد الأخرى... ووليد معها يقرأ المكتوب عليها...
عندما وصلت إلى هذه القصاصة... نظرت إلى وليد ومشاعر شتى تملأ قلبها...
{أتمنى أن أتزوج من ابنة عمي رغد}
"وليد..."
هتفت بلهفة وعطف ومحبة... فطبع وليد قبلة دافئة على يدها وربت بلطف على ندبة ذراعها الأيسر القديمة, وقال:
"أمنيتي الأولى... التي كنت أعيش على أمل تحقيقها... آه يا رغد... لو تعلمين..."
وأحاطها بذراعيه بكل الحب والحنان... ومسح على شعرها الأملس برفق... ثم قال:
"تابعي"
وتتابع رغد استخراج الأماني... وكانت الأمنية التالية... أهم أمنية... قضى وليد كل تلك السنين... يفكر فيها...
يبتسم العريسان لدى قراءتها ويقول وليد:
"دوّختني! جعلتني مجنونا يا رغد... فقدت عقلي وأنا أحزر... من كنتِ تقصدين!"
تضحك رغد ثم تقول:
"كان يجب أن تعرف! أنا لا أرى في حياتي غلا غيروليد! أحبك منذ لا أعرف متى... وإلى لا أعرف متى!...
وليد.... وليد قلبي... حبيبي... لقد كنت كل شيء بالنسبة لي! كل كل شيء... كنت أشعر... بأنك شيء يخصني أنا... أنك موجود من أجلي أنا... ويجب أن تكون لي أنا!... أنت لي!...."
وليد يسكن برهة, ثم يطلق ضحكة خفيفة, ثم يضم رغد إلى صدره بحرارة ثم يقول:
"أعرف... حبيبتي! قلت ذلك لي مسبقا.."
تبعد رغد رأسها عن صدره ثم تنظر إليه باستغراب وتقول:
"أنا قلت ذلك؟"
فيجيب:
"نعم... منذ زمن طويل... طويل جدا..."
تقول رغد:
"لا أذكر!"
فيلتفت وليد إلينا وينظر باتجاهنا ويقول:
"لكنكم تذكرون حتما... أليس كذلك؟؟"
************
تمت بحمد الله والصلاة على نبيه وآله .
المفضلات