سألتْ :
" و لم هو عندك ؟ "
رمقتها بنظرة تجاهلية و قلتُ:
" سأعيده إليه "
و صعدتُ خطوة بعد...
كانتْ أروى تقف مباشرة في طريق خطواتي...
تنحيتُ للجانب قليلا لأواصل طريقي إلا أنها تنحتْ لتعترضني !
نظرتُ إليها و رأيتها تمد يدها إليّ قائلة:
" هاتيه... أنا سأعيده "
توقف الهاتف عن الرنين، يبدو أن المتصل قد يئس من الرد...
أضافت أروى :
" وليد نائم على أية حال... لكنه يستخدمه كمنبّه لصلاة الفجر... سأضعه قرب وسادته "
شعرتُ بالغيظ ! يكفي أن ألقي نظرة على هذه الفراشة الملونة حتى أفقد أعصابي!
قلتُ :
" سأفعل أنا ذلك، بما أن غرفته في طريقي "
فجأة تحوّل لون الفراشة إلى الأحمر الدموي! أروى بيضاء جدا
و حين تنفعل يتوهج وجهها احمرارا شديدا !
قالتْ بنبرة غاضبة :
" عفوا؟؟ تقصدين أن تتسللي إلى غرفة زوجي و هو نائم؟؟ من تظنين نفسك؟ "
فوجئتُ من هذا السؤال الذي لم أكن لأتوقع صدوره من أروى !
و المفاجأة ألجمتْ لساني...
أروى قالتْ بانفعال :
" وليد هو زوجي أنا... يجب أن تدركي ذلك و تلزمي حدودكِ "
صعقتُ... عمّ تتحدّث هذه الدخيلة ؟؟ قلتُ بصوت متردد :
" مـ ... ماذا تعنين ؟؟ "
هتفتْ أروى باندفاع :
" تعرفين ما أعني... أم تظنين أننا بهذا الغباء حتى لا ندرك معنى تصرفاتك ؟؟ "
ذهلتُ أكثر و كررتُ :
" ما الذي تقصدينه ؟؟ "
و كأن أروى قنبلة موقوتة انفجرتْ هذه اللحظة !
رمتْ بهذه الكلمات القوية دون تردد و دون حساب !
" لا تدعي البراءة يا رغد ! ما أبرعكِ من ممثلة ! أنتِ ماكرة جدا...
و تستغلين تعاطف وليد و شعوره بالمسؤولية تجاهكِ حتى تفعلين ما يحلو لكِ !
دون خجل و لا حدود... لكن... كل شيء أصبح مكشوفا يا رغد...
أنا أعرف ما الذي تخططين له... تخططين لسرقة زوجي منّي ! أليس كذلك ؟؟
تستميلين عواطفه بطرقك ِ الدنيئة! أنت ِ خبيثة يا رغد...
و سأكشف نواياك ِ السيئة لوليد ليعرف حقيقة من تكونين ! "
ذهلتُ ... وقفتُ كالورقة تعصف بي كلمات أروى... لا تكاد أذناي تصدقان ما تسمعان...
كنتُ أنظر إلى أروى بأوسع عينين من شدّة الذهول...
عبستْ أروى بوجهها و ضغطتْ على أسنانها و هي تقول :
" كنتِ تمثلين دور المتعبة هذا الصباح...
و مثلتِ دور المريضة ليلة حفلتنا أنا و وليد...
و دور المرعوبة ليلة سهرنا أنا و وليد... هنا و في المزرعة
و في بيت خالتكِ و في أي مكان... تمثلين أدوار المسكينة لتجعلي عقل وليد يطير جنونا خوفا عليك ِ !
تدركين أنه لا يستطيع إلا تنفيذ رغباتك شعورا منه بالمسؤولية العظمى تجاهكِ!
ما أشد دهائكِ و خبثك ِ... لكنني سأخبر وليد عن كل هذا...
وإن اضطررتُ لفعل ذلك الآن ! "
كنتُ أمسك بهاتف وليد في يدي اليمنى و بالأوراق في يدي اليسرى...
و للذهول الذي أصابني من كلام أروى رفعتُ يدي اليمنى تلقائيا ووضعتها على صدري...
فجأة تحركتْ يد أروى نحوي... و همّتْ بانتزاع الهاتف و هي تقول:
" هاتي هذا "
و كردة فعل تشبثتُ بالهاتف أكثر...
فسحبته هي بقوة أكبر... ثم انزلق من بين أيدينا و وقع على عتبات الدرج...
استدرتْ منثنية بقصد التقاطه بسرعة فتحرتْ أروى لمنعي فجأة و اصطدمتْ بي...
حركتها هذه أفقدتني التوازن ...
فالتوتْ قدمي و فتحتُ يدي اليسرى بسرعة موقعة بالأوراق أرضا...
و مددتها نحو ذراع أروى وتشبثتُ بها طالبة الدعم...
الأمر الذي أفقد أروى توازنها هي الأخرى...
وفجأة انهرنا نحن الاثنتان متدحرجتين على الدرَج ... و لأنني كنتُ في الأسفل...
فقد وقع جسدها عليّ و انتهى الأمر بصرخة مدوية انطلقتْ من أعماق صدري من فرط الألم...
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
المفضلات