فإذا بها تترك ما بيدها و تأتي معي !
عدنا مجددا للأغراض ، و تابعت هي اختيار ما تشاء، و تجولت أنا حتى بلغت ناحية الكتب ...
الكثير من الكتب أمام عيني !
يا له من بحر كبير ! كم أنا مشتاق للغطس في أعماقه !
لم أكن قد قرأت كتابا منذ مدة طويلة ... أخذت أتفرج عليها و أتصفح بعضها ... و انتقل من رف إلى آخر ، و من مجموعة إلى أخرى ... حتى غرقت في البحر حقا !
كانت أرفف الكتب مصفوفة على شكل عدة حواجز تقسم المنطقة ...
و الكثير من الناس ينتشرون في المكان و يتفرجون هنا أو هناك ...
دقائق ، و إذا بي أسمع صوت رغد من مكان ما !
كان صوتها يبدو مرتبكا أو قلقا ... لم أكن في موقع يسمح لي برؤيتها ... فسرت بين الحواجز بحثا عنها و أنا أقول
" أنا هنا "
و لم أسمع لها صوتا !
أخذت ألقي نظرة بين الحواجز بحثا عنها
ثم وجدتها بين حاجزين ...
" أنا هنا ! "
حينما رأتني رغد أقبلت نحوي مسرعة تاركة السلة التي كانت تحملها تقع على الأرض و حين صارت أمامي مباشرة فوجئت بها تمسك بذراعي و ترتجف !
كانت فزعة !
وقفت أمامي ترتعش كعصفور مذعور !
نظرت إليها بذهول ... قلت :
" ما بك ؟؟ "
قالت و هي بالكاد تلتقط بعض أنفاسها :
" أين ذهبت ؟ "
أجبت :
" أنا هنا أتفرج على الكتب ! ... ما بك ؟؟ "
رغد ضغطت على ذراعي بقوة ... و قالت بفزع :
" لا تتركني وحدي "
نظرت إليها بشيء من الخوف ، و القلق ... و الحيرة ...
فقالت :
" لا تدعني وحدي ... أنا أخاف "
لكم أن تتصوروا الذهول الذي علاني لدى سماعي لها تقول ذلك ... و رؤيتها ترتجف أمام عيني بذعر ...
لقد ذكرني هذا الموقف ، باليوم المشؤوم ...
قلت :
" أ أنت ... بخير ؟؟ "
فعادت تقول :
" لا تتركني وحدي ... أرجوك ... "
لم يبد لي هذا تصرفا طبيعيا ... توترتُ خوفا و قلقا ... و تأملتها بحيرة ...
سرنا باتجاه السلة ، فأردت سحب ذراعي من بين يديها لحمل السلة و إعادة المحتويات إلى داخلها ... لكنها لم تطلقها بسهولة ...
و عوضا عن ذلك تشبثت بي أكثر ثم بدأت بالبكاء ...
لم يكن موقفا عاديا ، لذا فإن أول شيء سألت أمي عنه بعد عودتنا للبيت :
" ما الذي جعل رغد تفزع عندما تركتها في المكتبة و ابتعدت قليلا ؟؟ "
أمي نظرت إلي باهتمام ... ثم قالت :
" ماذا حدث ؟؟ "
" لا شيء ... ذهبت ألقي نظرة على الكتب و بعد دقائق وجدتها ترتجف ذعرا ! "