معنى للصمت بعد الآن "
" إذن ... اخبرني بكل شيء ... "
تنهّدتُ تنهيدة مريرة... خرجتْ من صدري عجوزا واهنة لم تجد ما تتكئ عليه...
و سرعان ما هوتْ في أعماق الذكريات...
" قبل أكثر من تسع سنوات... قتلتُ عمار... و دخلتُ السجن...
و هناك تعرّفتُ إلى والدك... بمحض الصدفة...
و قبل وفاته أوصاني بكِ و بأمكِ خيرا...
و ماتَ و هو لا يعرف أنني... من قتل ابن أخيه أو ربما لا يعرف حتّى...
أن ابن أخيه قد قُتِل "
كانتْ أروى تصغي إلي باهتمام...
و عندما توقفتُ نظرتْ إلي بتعجب و قالتْ:
" هذا كل شيء ؟ "
قلتُ بضيق باد ٍ :
" نعم "
هزّتْ رأسها استنكارا و قالتْ:
" لا تخفي عنّي شيئا يا وليد... اخبرني بالحقيقة كاملة "
" ماذا تريدين أن تعرفي ؟ "
" لماذا قتلتَ عمّار "
التزمتُ الصمت
" لماذا يا وليد ؟ "
أجبتُ :
" فيم يهمّك ذلك ؟ "
" بالتأكيد يهمني أن أعرف "
قلتُ :
" لم يكن ذلك يهمّك ... سابقا "
صمِت ّ قليلا ثم قلتُ :
" أتذكرين ؟؟ ارتبطت ِ بي و لم تسأليني لِمَ دخلتُ السجن...
و من قتلتُ... و لماذا .."
أروى قالتْ :
" لكن... ذلك كان قبل أن أكتشف أن الضحية كان ابن عمّي "
هيجتني الجملة فهتفتُ منفعلا :
" الضحية ؟؟ تقولين عن ذلك الحقير الضحية ؟؟ "
حملقتْ أروى بي ثم انطلق لسانها مندفعاً :
" هذا ما يثير جنوني... لماذا تنعته بالحقير و القذر؟ ماذا فعل؟
ماذا حصل؟ ما الذي كان بينكما؟ و لماذا قتلته؟ "
لم أجب...
" وليد أجبني ؟ "
أشحتُ بوجهي بعيدا... لكنها حاصرتني من كل الجوانب
" لماذا لا تريد أن تجيب يا وليد ؟؟ بدايةً...
أنا لا أصدق أنك يمكن أن تقتل رجلاً مهما حصل... فلماذا قتلتَ ابن عمّي ؟ "
قلتُ منفعلا :
" لا تشيري إليه بـ ( ابن عمّي ) فهذا يثير التقزز يا أروى "
" وليد ! "
قلت ُ بصبر نافذ :
" اسمعي يا أروى... لا استطيع أن أفصح عن السبب...
لقد قتلتُه و انتهى الأمر... و لستُ نادما... و لن أندم يوما على ذلك... "
ثم استطردت ُ :
" أرجوك ِ يا أروى... أنا متعب للغاية... هذا يكفي الآن "
الحيرة تملكتْ أروى ممزوجةً بالفضول الشديد...
و أصرتْ على معرفة المزيد لكنني امتنعتُ عن البوح بالحقيقة...
فجأة سألتْ :
" هل... تعرف رغدُ ذلك ؟ "
و ربما للانفعال الذي ظهر على وجهي استنبطتْ هي الجواب دون أن أنطق...
المفضلات