أروى تهزُّ رأسها و تقول:
" ماذا تخفي عنّي يا وليد ؟؟ قلْ لي ؟؟
لماذا أخفيتَ هذا عنّي ؟؟ لماذا لم تخبرني لماذا ؟ "
و بدأتْ دموعها بالانهمار...
شعرتُ بأني أختنق... الهواء من حولي لم يكن كافيا لملء رئتيّ...
أبعدتُ يديها عني و أوليتُها ظهري و سرتُ متجها نحو مدخل المنزل...
نادتني أروى:
" إلى أين تذهب ؟؟ لا تدعني هكذا يا وليد... قل لي ما الذي تخفيه عنّي ؟؟"
لم أجبها فقد كنتُ من الضيق و الغضب ما يكفي لأن أدمّر مدينة بكاملها...
" وليد إلى أين ؟ "
صرختُ :
" دعيني و شأني يا أروى "
و أسرعتُ نحو الباب و غادرتُ المنزل...
الساعة آنذاك كانتْ منتصف الليل...
و لم أكن لأغادر المنزل في مثل هذا الوقت لو أن الضيق لم يصل بي إلى حد الاختناق...
كنتُ أريد أن أهدأ بعيدا...
أعيد عرض الشريط و أركز فيما حصل...
استوعب الحدث و أفكر فيه...
توجهتُ نحو البحر...أرفس رماله و أرجم أمواجه
إلى أن أفرغتُ ما في صدري من ثورة في قلبه...
و لو كان يتكلم لصرخ صرخة تصدعتْ لها كواكب المجرة من فرط الألم...
و كإنسانٍ مجردٍ من أي اعتبارات... على سجيته و فطرته...
أطلقتُ العنان لدموعي... و بكيتُ بألم...
تفقدتُ ساعتي فلم أجدها و تحسستُ جيوبي بحثا عن هاتفي
فلم أعثر سوى على سلسلة مفاتيحي... السلسلة التي أهدتني إياها رغد ليلة العيد...
لا أدري كم من الوقت مضى
و لكني لمحتُ أول خيوط الفجر يتسلل عبر عباءة السماء...
عندما وصلتُ إلى المنزل... وجدتُه يغط في سكون مخيف...
أردتُ أن أتفقد الفتاتين... وجدتُ أروى نائمة في غرفتها
و قد تركتْ الباب مفتوحا و المصابيح مضاءة فاستنتجتُ أنها نامتْ بينما كانت تنتظر عودتي...
توجهتُ نحو غرفتي و توقفتُ عند الجدار الفاصل بين بابها و باب غرفة رغد
و استعدتُ ذكرى الليلة الماضية و اشتعل الألم في معدتي...
أديت صلاتي ثم ارتميتُ على سريري و عبثا حاولتُ النوم... لم أنم و لا لحظة واحدة
و عاصرتُ بزوغ الشمس و مراحل سباحتها في كبد السماء
ساعة ً ساعة و حمدتُ الله أنه كان يوم إجازة و إلا لتغيبتُ عن العمل من شدة التعب...
لم أفعلْ شيئا سوى التفكير و التفكير...
و عند نحو العاشرة و النصف سمعتُ طرقا على الباب...
" تفضّل "
لقد كانتْ أروى...
و على غير العادة لم نبدأ حديثنا بالتحية...
" هل استيقظتَ ؟ "
سألتني و وجهها يسبح في الحزن...
" بل قولي : هل نمتَ ؟ "
لم تعلق أروى، ثم قالتْ :
" أيمكننا التحدث الآن ؟ "
" تفضلي "
و بالطبع تعرفون عم سنتحدث...
" أريد أن أعرف... تفاصيل مقتل عمار... و لم أخفيتَ الحقيقة عني...
و ما علاقة كل هذا برغد ؟ "
تنهدتُ ثم قلتُ :
" هل... سيغير ذلك شيئا ؟ "
أروى قالتْ بسرعة :
" بالطبع... سيغيّر الكثير... "
و لا أدري ما قصدتْ بذلك... و لم يعد يهمني ما قد يحدث....
في نظري الآن... لا شيء يستحق الاهتمام...
" حسنا يا أروى...
لقد سبق و أن أخبرتُك بأنني انتظر الوقت المناسب لأطلعكِ على أمر مهم...
و لم يعد هناك
المفضلات