الجواب
مناظرة الإمام الرضا ( عليه السلام ) مع المأمون العباسي في عصمة الأنبياء ( عليهم السلام )
************************
السؤال
من هو
لا زلت أذكر كيف أخذني والدي معه إلى مسجد الحي الذي تقام فيه صلاة التراويح في شهر رمضان، وكان عمري عشر سنوات، وقدمني إلى المصلين الذين لم يخفوا إعجابهم بي.
كنت أعلم منذ أيام إن المؤدّب رتب الامور لكي أشفع بالجماعة ليلتين أو ثلاثا، وجرت العادة أن أصلي خلف الجماعة مع مجموعة من أطفال الحي وأنتظر وصول الامام إلى النصف التالي من القرآن الكريم أي إلى سورة مريم، وبما أن والدي حرص على تعليمنا القرآن في الكتاب وفي البيت خلال حصص ليلية يقوم بها إمام الجامع وهو من أقاربنا مكفوف البصر يحفظ القرآن الكريم، وبما أني حفظت النصف في تلك السن المبكرة أراد المؤدب أن يظهر فضله واجتهاده من خلالي فعلمني مواقع الركوع من التلاوة وراجعني عدة مرات ليتأكد من فهمي... بعد نجاحي في الامتحان وإنهاء الصلاة والتلاوة بالجماعة على أحسن ما كان يتوقع والدي والمؤدب، انهال علي الجميع مقبلين ومعجبين
.
وشاكرين المعلم الذي علمني ومهنئين والدي والكل يحمد الله على نعمة الاسلام «وبركات الشيخ».
وعشت أياما سوف لن تمحى من مخيلتي لما لقيته بعد ذلك الحدث من إعجاب وشهرة تعدت حارتنا إلى كل المدينة وطبعت تلك الليالي الرمضانية في حياتي طابعا دينيا بقيت آثاره حتى اليوم، ذلك أني كلما اختلطت علي السبل أحسست بقوة خارقة تشدني وترجعني إلى الجادة، وكلما شعرت بضعف الشخصية وتفاهة الحياة رفعتني تلك الذكريات إلى أعلى الدرجات الروحية، وأوقدت في ضميري شعلة الايمان لتحمل المسؤولية.
وكأن تلك المسؤولية التي حملنيها والدي أو بالاحرى مؤدبي لامامة الجماعة في تلك السن المبكرة جعلتني أشعر دائما بأنني مقصر عن أن أكون في المستوى الذي أطمح إليه أو على الاقل المستوى الذي طلب مني. لذلك قضيت طفولتي وشبابي في استقامة نسبية لا تخلو من لهو وعبث يسودهما في معظم الاحيان البراءة وحب الاطلاع والتقليد، تحوطني العناية الالهية لاكون متميزا من بين أخوتي بالرصانة والهدوء وعدم الانزلاق في المعاصي والموبقات.
ولا يفوتني أن أذكر أن والدتي رحمها الله كان لها الاثر الكبير في حياتي، فقد فتحت عيني وهي تعلمني قصار السور من القرآن الكريم كما تعلمني الصلاة والطهارة وقد اعتنت بي عناية فائقة لاني ابنها الاول، وهي ترى إلى جانبها في نفس البيت ضرتها التي سبقتها منذ سنوات عديدة ولها من الاولاد من يقارب سنها، فكانت تتسلى بتربيتي وتعليمي وكأنها تتبارى في سباق مع ضرتها وأبناء زوجها.
كما أن اسم الذي سمتني به والدتي له ميزة خاصة لدى عائلة كلها التي اعتنقت الطريقة وتبنتها منذ أن زار أحد أبناء الشيخ مدينة قفصة قادما من الجزائر ونزل في دار فاعتنق كثير من أهالي المدينة خصوصا العائلات العلمية والثرية هذه الطريقة الصوفية </SPAN>
وروجوا لها، ومن أجل إسمي أصبحت محبوبا في دار التي يسكنها أكثر من عشرين عائلة وكذلك خارجها ممن لهم صلة بالطريقة ، لذلك كان كثير من شيوخ المصلين الذين حضروا تلك الليالي الرمضانية التي ذكرتها يقبلون رأسي ويدي مهنئين والدي قائلين له:
«هذا فيض من بركات سيدنا الشيخ » والجدير بالذكر أن الطريقة انتشرت بكثرة في المغرب والجزائر وتونس وليبيا والسودان ومصر وأن معتنقي هذه الطريقة متعصبون نوعا ما، فهم لا يزورون مقامات الاولياء الآخرين ويعتقدون بأن كل الاولياء قد أخذوا عن بعضهم بالتسلسل ما عدا الشيخ فقد أخذ علمه مباشرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله رغم تأخره عن زمن النبوة بثلاثة عشر قرنا ويروون بأن الشيخ كان يحدث بأن رسول الله صلى الله عليه وآله جاءه يقظة لا مناما، كما يقولون بأن الصلاة الكاملة التي ألفها شيخهم أفضل من أربعين ختمة من القرآن الكريم.
وحتى لا نخرج عن الاختصار نقف عند هذا الحد من التعريف ولنا عودة إليكم إن شاء الله في موضع آخر من هذا الكتاب.
ونشأت وترعرعت على هذا الاعتقاد كغيري من شبان البلد فكلنا مسلمون بحمد الله من أهل السنة والجماعة وكلنا على مذهب الامام مالك بن أنس إمام دار الهجرة غير أننا منقسمون في الطرق الصوفية التي كثرت في شمال أفريقيا ففي مدينة قفصة وحدها هناك التيجانية، والقادرية، والرحمانية، والسلامية، والعيساوية ولكل من هذه الطرق أنصار وأتباع يحفظون قصائدها وأذكارها وأورادها التي تقام في الحفلات والسهرات بمناسبة عقد القران أو الختان إو النجاح أو النذور ورغم بعض السلبيات فقد لعبت هذه الطرق دورا كبيرا في الحفاظ على الشعائر الدينية واحترام الاولياء والصالحين.
المفضلات